العهد يناقض نفسه.. ″أسمع كلامك أصدقك أشوف أمورك أستعجب″!!…
سفير الشمال-غسان ريفي
دخل الملف الحكومي في مرحلة المراوحة القاتلة، بفعل تجاوز رئيس الجمهورية ميشال عون التشكيلة التي قدمها له الرئيس المكلف نجيب ميقاتي بعد ساعات من الاستشارات النيابية غير الملزمة التي أجراها وعمل بوحيها، الى التفاهم المسبق على دور وشكل ومضمون الحكومة التي يريدها فريق العهد آداة يستطيع من خلالها مد يده الى السلطة السياسية والادارة المالية والعسكرية والقضائية والدبلوماسية في العهد الجديد.
وفق القول الشائع “أسمع كلامك أصدقك أشوف أمورك أستعجب”، يتصرف العهد وفريقه، فهو يتسلم التشكيلة الحكومية من الرئيس المكلف، فيقوم فريقه بتسريبها الى وسائل الاعلام من أجل تفشيلها، ثم يتهم الرئيس ميقاتي بالمماطلة وبأنه لا يريد تشكيل حكومة.
يمتنع الرئيس عون عن إبداء رأيه رسميا بالتشكيلة التي تسلمها من ميقاتي، ويفتح المجال أمام المصادر للانقضاض عليها، ثم يقول بأن رئيس الحكومة يرفض التعاون في عملية التأليف.
يتأخر رئيس الجمهورية عن إعطاء موعد لرئيس الحكومة المكلف كان طلبه قبل اسبوعين من أجل فتح باب النقاش في التشكيلة الحكومية، ثم يعترض على غيابه وعلى عدم تواصله معه.
يعود الرئيس ميقاتي الى لبنان ويستأنف نشاطه في السراي الحكومي بهدف متابعة تداعيات الأزمات المفتوحة على كل صعيد، فلا يغتنم الرئيس عون الفرصة للتواصل معه ودعوته بناء على الموعد الذي كان طلبه مسبقا وكان الجواب حينها: “سنعود إليكم بعد قليل”.
يؤكد الرئيس عون أمام زواره بأنه يريد الاسراع في تشكيل الحكومة من أجل مواجهة الأزمات، فيما التشكيلة الحكومية على مسافة أمتار منه في درج مكتبه لا تحتاج سوى الى دراسة متأنية وبمسؤولية وطنية مع الرئيس المكلف لتبصر النور.
يمتنع فريق العهد عن تسمية الرئيس ميقاتي ويؤكد أنه لا يرغب في المشاركة بالحكومة، ثم يطلب الحصة الوازنة من الحقائب الوزارية، ويستقوي برئيس الجمهورية الذي لم يعد خافيا على أحد أنه يسعى الى تأمين مصالح تياره السياسي في نهاية عهده تمهيدا لتمديد نفوذه في المرحلة المقبلة.
يؤكد رئيس الجمهورية بأنه لن يبقى دقيقة واحدة في قصر بعبدا بعد منتصف ليل 31 تشرين الأول المقبل، فيما فريقه السياسي بدأ يروّج بأن حكومة تصريف الأعمال لا تمتلك الأهلية لتسلم صلاحيات رئيس الجمهورية بما يؤسس لاجتهادات غير دستورية لا يمكن لأي فريق سياسي تقبل نتائجها.
يؤكد رئيس الجمهورية على إحترام موقع رئاسة الحكومة، ويتصرف عكس ذلك ومع أكثر من رئيس مكلف، ثم يشدد على إحترامه الدستور ثم يخالفه بالتدخل المباشر في صلاحيات رئيس الحكومة المكلف الذي أناط به الدستور مسؤولية تأليف الحكومة بالتشاور مع رئيس الجمهورية وليس بالتدخل المباشر كما يفعل عون ويروج له فريقه السياسي.
يبدو أن العهد وفريقه السياسي يتجهان نحو فرض لغط دستوري لن يكون في مصلحة أحد، خصوصا أن الرئيس نجيب ميقاتي باق في الحكم سواء تأليفا أو تصريفا، علما أن بعض الخبراء الدستوريين يؤكدون أن التكليف لا يسقط مع إنتهاء ولاية رئيس الجمهورية كونه مستمد من أكثرية نيابية وضعت تسميتها لدى رئيس الجمهورية الذي أصدر مرسوم التكليف بناء على تصويتها.
ويتوقع الخبراء أن اللغط حول تسلم حكومة تصريف الأعمال لصلاحيات رئيس الجمهورية بعد إنتهاء ولايته ستكبر مساحته خصوصا من جهة الفريق البرتقالي الذي بدأ يمهد للغوص به والترويج له إعلاميا، الأمر الذي يفسر سبب العرقلة الحكومية من قبل فريق العهد الذي يمني النفس بعدم إنتخاب رئيس جديد للجمهورية، ويعتمد على إجتهادات من المفترض أن يبتكرها المستشارون بهدف تمديد إقامة الرئيس عون في قصر بعبدا.