تحقيقات - ملفات

حقول نفطيّة “افتراضيّة” في المنطقة المتنازع عليها قد تُشكّل سبباً أساسياً لتمسّك العدو بجزء من البلوك 8!! إمتداد الخط البرّي المعتمد في بعض الحالات الدوليّة يوسّع حدود لبنان الى 3800 كلم2.. فلماذا لا يطرحه؟!

دوللي بشعلاني

كتّاب الديار

لم تعد مفاوضات ترسيم الحدود الجنوبية البحرية بين لبنان والعدو الإسرائيلي تتوقّف على معادلة “قانا مقابل كاريش”، على ما يبدو، مع افتراض وجود حقول نفطية أخرى في المنطقة المتنازع عليها بشكلٍ شبه مؤكّد، إذ لا يمكن أن يكون تقسيم البلوكات حاصل عن عبث من قبل كلّ من الجانبين لمنطقته الإقتصادية الخالصة، بل لا بدّ من وجود حقل أو أكثر في كلّ من هذه البلوكات. وعندما اقترح الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين في 9 شباط الماضي على لبنان “الخط المتعرّج” الذي يدمج بين الخطين 23 و”هوف”، تساءل الكثيرون عن سبب تمسّك الأميركي، بإعطاء العدو الإسرائيلي ما يريده من هذا الخط، خصوصاً في الجزء الشمالي من البلوك 8. وفسّر البعض هذه المطالبة بأنّه يودّ عبره تمرير خط الغاز المرتقب نحو أوروبا بأقل كلفة مادية ممكنة.

وتتساءل أوساط ديبلوماسية عليمة بملف ترسيم الحدود البحرية عمّا إذا كان البلوك 8 يحتوي على حقول نفطية واعدة، على غرار حقل “قانا” المحتمل في البلوك 9، ما يجعل “الإسرائيلي” يتمسّك بالخط 1، على أنّه “حدوده البحرية”، ولا يقبل التراجع لا الى “خط هوف” ولا الى الخط 23 وما دونه جنوباً بالنسبة للبنان. ولهذا لن يوافق على إعطاء لبنان حقل “قانا” كاملاً، ما لم يحصل على حقول نفطية أخرى في المقابل، في المنطقة البحرية التي تدخل ضمن الخط 1 من جهته. ويُستثنى من هذه الحقول، حقل “كاريش”، الذي يجد أنّه من حقّه كتحصيل حاصل، كونه يقع خارج الخط 23 الذي يعترف به لبنان الرسمي وهو مودع لدى الأمم المتحدة في المرسوم 6433. ولهذا فلا مجال للمساومة عليه مقابل حقل أو جزء من حقل آخر، من وجهة النظر الإسرائيلية.

وتقول الاوساط انّه في حال وافق “الإسرائيلي” على إعطاء لبنان حقل “قانا” كاملاً، فهو سيحصل في المقابل في الجزء النهائي من الخط الجديد “المفترض” الذي من شأنه تحييد جميع الحقول، لكيلا يبقى هناك أي حقل مشترك بين الجانبين، على حقلين أو ثلاثة مقترضين… على أن يتمّ تخطّي الخط 1 في النصف الأخير منه لناحية البحر بضعة كيلومترات الى داخل الحدود اللبنانية، بهدف أن يضمن حصوله على جميع الحقول الموجودة في المنطقة من دن أن يبقى أي جزء منها مشتركاً مع لبنان.

ويكون لبنان بذلك، على ما أضافت الأوساط نفسها، قد خسر مساحة بحرية وحقولا نفطية، مقابل الحفاظ على 3 حقول نفطية كاملة له في المنطقة الحدودية. فيما يحصل العدو الإسرائيلي على ثلاثة حقول أخرى باستثناء حقل “كاريش”. والسبب أنّ مساحة حقل “قانا” توازي ضعف حقل “كاريش”، ما يؤشّر الى وجود كميّات مضاعفة فيه من الغاز والنفط. غير أنّ هذه الحقول تبقى “افتراضية” من الجانب اللبناني الذي لم يقم بمسح شامل لمنطقته البحرية، فيما هي مؤكّدة ربما من “الإسرائيلي” الذي يفاوض “على وضوح”، بالنسبة لما يمكن أن تضمّه هذه المنطقة الحدودية الجنوبية من ثروة نفطية متمثّلة بوجود الحقول.

ولو لم تكن هذه الحقول موجودة، على ما تساءلت الاوساط، فلا مبرّر لتمسّك العدو الإسرائيلي بالمساحة المائية مهما بلغت كيلومتراتها. غير أنّ هذه “المناصفة” في الحقوق والحقول، مع العدو ، على ما أوضحت الأوساط عينها لا تجعل لبنان رابحاً إذا ما وقّع اتفاقاً حدودياً على هذا الأساس. ويعود السبب الى أنّ الخط الذي يُعتبر امتداداً للحدود البريّة والمعتمد في بعض الحالات الدولية، وينطلق من الداخل اللبناني حتى رأس الناقورة ويتجه نحو المنطقة الإقتصادية الخالصة التابعة للبنان، يجعل سيادة لبنان البحرية تتوسّع الى 3800 كلم2، وليس فقط الى 2290 كلمً، بحسب الخط 29 الذي طرحه الوفد التقني العسكري اللبناني خلال المفاوضات غير المباشرة على طاولة الناقورة. وهذا يعني أنّ للبنان الحقّ في الخط 29، المرسّم وفقاً للقانون الدولي كحدّ أدنى، وليس كحدّ أقصى، أو اعتباره “الخط التفاوضي” الذي على لبنان التراجع عنه قليلاً نحو الداخل خلال المفاوضات، على ما يحصل عادة خلال عملية التفاوض. فلماذا لا يعتمد على الخط الأفقي كخط تفاوضي ليحصل على الخط 29 كاملاً، وكلّ ما يدخل ضمنه؟!

ورأت الاوساط أنّ هناك الكثير من النقاط التي لا بدّ من مناقشتها بين لبنان والعدو الإسرائيلي، على ما شدّدت الأوساط عينها، قبل توقيع أي اتفاق، وابدت شكوكها في إمكان أن يحصل الاتفاق في عهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، مهما كان “الإسرائيلي” مستعجلاً، ولا يمكنه ترك سفينة “إنرجين باور” تنتظر في المياه الإقليمية من دون البدء بالإنتاج في أيلول المقبل، سيما أنّ عقود بيع النفط مع الدول الأوروبية باتت جاهزة. كما مهما كانت رغبة لبنان بدخول نادي النفط العالمي لجهة التنقيب والإستكشاف والإنتاج والبيع بهدف تحسين وضعه الإقتصادي والمالي، وإعادة الحياة الكريمة لأبنائه.

أمّا السبب في ذلك، فيعود، بحسب رأي الاوساط الى أنّ الولايات المتحدة لا تريد أن يحقّق عهد الرئيس عون أي إيجابية، فكيف بتوقيع إتفاقية ترسيم الحدود التي ستعود عليه بمئات مليارات الدولارات من عائدات الغاز والنفط المتوقّع اكتشافهما في الحقول الجنوبية؟ وإن كان قد أنجز بعض الأمور الأساسية في بداية عهده، مثل إقرار الموازنة العامّة بعد 12 سنة على عدم إقرارها، ووضع قانون إنتخابي على أساس النسبية للمرة الأولى في العام 2017، وإن كان يشوبه بعض الثغر ويحتاج الى عدد من التعديلات، والقضاء على “داعش” والإرهاب في جرود عرسال وسوى ذلك.. غير أنّ الأزمة المالية والإقتصادية التي ضربت في السنتين والنصف الأخيرتين من عهده، والتي هي أزمة مفتعلة من الولايات المتحدة، قد أصابت كلّ القطاعات وجميع المستويات، ما أثّر سلباً في العهد ككلّ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى