ليست معركة تكليف بل معركة تصريف بزمن الفراغ ؟؟
لا تزال نتائج الانتخابات النيابية الاخيرة تفرز مشاهد معقدة على مستوى الاستحقاقات الدستورية وعلى شكل النظام المتوقع لادارة الدولة لاربع سنوات قادمة كما هو متوقع ..
فبعد مشهد انتخاب رئيس ونائب رئيس للمجلس النيابي وما تفرع عنه من انتخاب مكتب المجلس واللجان المشتركة ، والذي اخذ طابع مبهم من حيث مكان الاكثرية وطبيعة التحالفات الجديدة ..
يطل استحقاق تكليف رئيس الحكومة بشكل اكثر تعقيداً من حيث تسمية رئيس مكلف او امكانية تشكيل حكومة عمرها الدستوري شهرين في بلد تعود منذ عام ٢٠٠٥ على مدة تشكيل تتراوح بين ٣ اشهر الى عام واكثر ..
ثمة من يقول ان معركة تسمية رئيس مكلف هي المعركة الحقيقية لتوضيح المشهد النيابي الجديد ، التي ستبرز خارطة طريق انتخاب رئاسة الجمهورية او على الاقل تحديد وجه المعركة على هذا المنصب والتوازنات التي ستشارك في ايصال رئيس الى بعبدا ؟
وعليه ستذهب الكتل المعلنة وغير المعلنة نهار الخميس القادم الى تسمية رئيس مكلف حتى الان لا احد يعلم من سيكون ، بين مرشحين لا ثالث لهما حتى الان هم نجيب ميقاتي ونواف سلام ، مع استبعاد الاتفاق الى اسم وسطي بين الاثنين للتكليف لعدة عوامل ابرزها طبيعة الاختلاف والخلاف السياسي داخل المجلس الحالي وغياب التحالفات الواضحة او وجود اكثرية واضحة بالاضافة الى عامل الوقت الذي لا يساعد لتوسيع مروحة الاتصالات بين مختلف القوى للتوصل الى مرشح تسوية ، خصوصا وان اوساط الرئيس عون استبعدت تأجيله موعد الاستشارات النيابية الملزمة ..
من هذا المنطلق نحن امام تعقيد كبير منتظر على الساحة اللبنانية المثقلة بالتعقيدات والملفات الساخنة وليس اقلها الارتطام الاقتصادي الحالي وانهيار ما تبقى من وجود لمؤسسات الدولة وملف ترسيم الحدود البحرية مع العدو الذي يبدو انه يقرع طبول التصعيد واشتداد الحصار والعقوبات ..
فما هو مؤكد حتى الان ومهما كان اسم الرئيس المكلف لن تكون هناك حكومة جديدة قبل انتهاء ولاية الرئيس عون ، الذي سيسقط مع مغادرته قصر بعبدا دستورياً التكليف وما سيكون متاح هو حكومة تصريف الاعمال في مرحلة الفراغ الرئاسي الذي لا يعلم احد مدى مدتها !
لكن السؤال الاهم من ستكون حكومة تصريف الاعمال في زمن الفراغ ؟ اذا فاز ميقاتي بالتكليف بطبيعة الحال ستكون حكومته الحالية المصرفة للاعمال وفق تركيبتها الحالية باكثرية معطلة لقوى ٨ اذار واخرى لتيار الوطني الحر الذي يسعى رئيسه جبران باسيل لان يكون صوت راجح في رئاسة الجمهورية من جهة وصوت تفاوضي مؤثر بهذا السياق مع الامريكي في معركته برفع العقوبات الامريكية عنه ..
اما اذا اتجه التكليف لمصلحة نواف سلام والذي حتى الان يحظى بتأييد جنبلاط واكثر من نصف نواب التغيير والمستقلين وكتلة الكتائب ، هناك حديث جدي يدور بالكواليس عن امكانية ترشيحه من قبل القوات والتيار الوطني الحر الا ان ذلك لم يتأكد حتى الان بسبب طبيعة الخلاف الكبير بين الطرفين وارتباط تسميتهم لسلام بحجم تمثيلهم بالحكومة وتوزيع الحقائب فضلاً عن امكانية وجودهم بحكومة واحدة ..
على ان كل ذلك لا يخفي امراً بغاية الاهمية وهو موقف امل وحزب الله الذي يتمسك بتسمية ميقاتي ويرفض تسمية سلام وبالتالي لو فاز سلام بالتكليف وحصل على تسمية التيار الوطني الحر بدون الطاشناق وبالتالي ضمان توقيع رئيس الجمهورية لتشكيل الحكومة فهناك فيتو ميثاقي سيعيق التشكيل والتوقيع وهو رفض المكون الشيعي دخول الحكومة !
فهل يشكل سلام الحكومة دون هذا المكون ! وهل يوقع عون في اخر عهده على حكومة غير ميثاقية ! وهل احد يتحمل نتيجة هذه الخطوة خصوصا اذا ما اقدم الرئيس بري على اقفال المجلس النيابي بوجه اي جلسة لنيل ثقة لحكومة غير ميثاقية ؟ ام ان المطلوب امريكياً ان تكون هناك حكومة تصريف اعمال برئاسة سلام لمرحلة الفراغ الرئاسي لتكون ورقة ضغط وقوة في انتخاب رئيس جمهورية جديد وفق المواصفات الامريكية أولاً ! فهل قرر عون تقديم ورقة اعتماد جديدة للامريكيين وهي حكومة لنواف سلام بعد ورقة مرونته المريبة بملف ترسيم الحدود البحرية من اجل رفع العقوبات عن باسيل واعادة التواصل الرسمي معه ..؟
عباس المعلم / كاتب سياسي