الحدثٍَالرئيسية

الانتخابات: هل تكون مرحلة ما بعدها مبرّراً لتأجيلها؟

أساس ميديا

الانتخابات: هل تكون مرحلة ما بعدها مبرّراً لتأجيلها؟

لم يلغِ اقتراب موعد الانتخابات النيابية تزايد الشكوك في إمكانية حصولها أو تأجيلها. كلّ القوى السياسية والأحزاب تقريباً تتحدّث في غرفها المغلقة عن احتمال وارد للتأجيل لوجود أكثر من سبب موجب:

1- إذا صحّ ما نُقِل عن رئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي وليد جنبلاط تكون الظنون في محلّها. فقد نصح جنبلاط محازبيه، والمرشّحين من بينهم على وجه الخصوص، بتهدئة “اللعب” لأنّ الانتخابات ستُرجأ على الأرجح.

2- أمّا الثنائي الشيعي، وعلى الرغم من عدم وجود مؤشّر رسمي يشي بذلك حتى الساعة، فيرى أنّ حظوظ التأجيل واردة. فقد توافرت للثنائي معطيات تقول إنّ الأميركيين يدرسون منذ فترة النتائج التي يمكن أن تخرج بها الانتخابات النيابية، وفي ضوئها سيكون القرار المناسب. يُضاف إلى ذلك أنّ المجتمع الدولي الذي كان أكثر المتحمّسين للانتخابات لم يعد يعوِّل على نتائجها بالشكل المرجوّ.

في تحليل قوى سياسية وازنة فإنّ احتمالات عدم حصول الانتخابات واردة بالنظر إلى المرحلة التي تليها. تلتقي كلّ القوى السياسية تقريباً على أنّ معركة الانتخابات النيابية لن تكون سهلة في حال حصلت. فالأجواء الانتخابية مشحونة وتنبئ بالأصعب. حتى الأحزاب القوية يساورها القلق، وفي مقدَّمها الثنائي الشيعي بعدما أظهرت آخر إحصاءاته على الأرض أنّ 23 في المئة من الناخبين لم تحدّد خيارها بعد، وهي نسبة من شأنها أن تحدث فرقاً، خاصة إذا حدّدت خيارها عشيّة الانتخابات أو قبل إقفال الصناديق.

توجد مسائل أخرى مقلقة، منها التخبّط السياسي بين المرشّحين على الساحة المسيحية والتشنّج المؤهّل للاشتداد، فضلاً عن وضعيّة السُنّة انتخابيّاً وضبابيّة مشاركتهم أو عدمها واتّجاهها في حال حصلت، خاصة بعد التدخّل السعودي الواضح لدعم اللائحة المدعومة من الرئيس فؤاد السنيورة. إلاّ أنّ هذا لم يمنع أن 36% من الناخبين في بيروت لم يحددوا خياراتهم الانتخابية في آخر استطلاع للرأي أجري الأسبوع الماضي بين الناخبين البيارتة.

شهور صعبة بعد الانتخابات

بكثير من السلبيّة يقارب مسؤول سياسي مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية: “إنّها شهور لن يكون بمقدور لبنان تخطّيها بسهولة. وإذا كانت ملهاة الانتخابات حوّلت أنظار الناس وشغلتهم عن الأزمة العميقة الماليّة والاقتصادية الراهنة إلا أنّ كلّ المؤشّرات لا تنبئ بحلّ قريب”. ويكمل كلامه قائلاً: “بعد الانتخابات ستُصاب الناس بالإحباط لأنّ هذا الاستحقاق على أهميّة حصوله، لن يحمل جديداً على مستوى التقليل من معاناتهم، والتخبّط السياسي سيستمرّ، فيما الإصلاحات الجوهرية المطلوبة لن تتحقّق لعدم وجود إرادة سياسية لتحقيق ذلك، وبالتالي يمكن توقّع الأسوأ”.

الخوف من مرحلة ما بعد الانتخابات ربطاً بالاستحقاقات التي ستخلّفها حكماً، وهي تشكيل حكومة جديدة والانتخابات الرئاسية، لا يقتصر على القوى المحلّية بل يتعدّاها إلى خشية دولية من أنّ هذه الانتخابات لن تُحدث التغيير المرجوّ بقدر ما ستربك الوضع.

بالنسبة إلى حزب الله فإنّه يسلِّم بأنّ حصول الانتخابات أفضل ألف مرّة من تأجيلها لأنّ الجميع ملزم بعدها بالجلوس إلى طاولة للتفاهم على الاستحقاقات التي ستلي، مع تسليمه أنّ تشكيل الحكومة لن يكون سهلاً لأنّه لن يتوقّف على نتائج الانتخابات وحدها.

الخشية من مرحلة ما بعد الانتخابات باتت تُقلق أيضاً الاتحاد الأوروبي. فقد صارح وفد الاتحاد الأوروبي أحد المسؤولين في جلسة خاصّة بأنّ قلقاً بالغاً يساورهم من وقوع لبنان في فراغ حكومي بعد الانتخابات النيابية. تحبّذ دول الاتحاد لو تستمرّ الحكومة الحالية برئاسة نجيب ميقاتي مع إضفاء بعض التغييرات الملحوظة عليها، مثل تغيير بعض الوجوه بما يضمن سرعة تشكيلها. وعبّر الوفد عن بالغ تخوّفه من أن يقع لبنان في أزمة ماليّة عميقة وفراغ حكومي. 

في السياق ذاته، تبيّن أنّ الوعود التي تُقطع لمرحلة ما بعد الانتخابات لن يكون سهلاً تحويلها إلى واقع. حتّى الكلام الفرنسي عن مؤتمر موعود من أجل لبنان يكون بمنزلة مؤتمر تأسيسي لحقبة جديدة، ليس طرحاً جدّيّاً بعد. هذا ما لمسته قوى سياسية بارزة من تعاطيها مع الجانب الفرنسي.

أمّا التعويل على ملفّات الخارج، وتحديداً المفاوضات السعودية الإيرانية، فتقول مصادر واسعة الاطّلاع إنّ هذه المفاوضات، وعلى الرغم من إيجابية استمرار عقدها، إلا أنّ نتائجها لن تكون بالشكل المتوقّع لبنانياً. فالجانب الإيراني يلمس أنّ الجانب السعودي يصبّ كلّ جهده لتحقيق تقدّم على مستوى الوضع في اليمن. يريد نيل ضمانات جدّيّة هناك.

يبقى الملفّ النووي الإيراني، وعلى ما يبدو، فإنّ الجانب الأميركي لم يعد على عجلة من أمره. فيما يرفض الجانب الإيراني شرط الأميركيين أن تكون المفاوضات مباشرة خارج وساطة الأوروبيين. ولا تزال المسافات متباعدة.


إنّها مسألة أولويّات، حيث لكلّ دولة همومها ومشاكلها، فيما لا يقع لبنان في صلب هذه الاهتمامات، وهو ما يجعل نقطة التقاطع الوحيدة بين الجميع هي توفير حدّ أدنى من الاستقرار السياسي وعدم الوقوع في الفراغ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى