الحدثٍَالرئيسية

هجوم باسيل على برّي.. كيف سينعكس في 15 أيّار؟

أساس ميديا

هجوم باسيل على برّي.. كيف سينعكس في 15 أيّار؟

تقرّ مختلف القوى السياسية والبرلمانية بأنّ رئيس مجلس النواب نبيه برّي هو الأقوى في بيئته ما دام هو وحزب الله على تحالفهما المصيريّ. إلّا أنّ رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أصرّ على الإعلان باكراً أنّه شخصيّاً لن ينتخب برّي على رأس السلطة التشريعية لولاية سابعة، وقال في إطلالته المتلفزة أخيراً: “ليس من موجب لانتخاب الرئيس برّي مجدّداً”.

كان يمكن أن يكون كلامه دبلوماسيّاً فيرهن الأمور بمواقيتها، أقلّه إلى ما بعد تمرير الاستحقاق الانتخابي وإقفال الصناديق، خاصة أنّه وحركة أمل يخوضان المعركة على اللوائح ذاتها في بعض المناطق، ببركة وساطة مضنية من حليفهما المشترك حزب الله.

في أوساط الثنائي من يقول اليوم إنّ باسيل هادن حيث كان يتمّ تركيب اللوائح وهذّب لهجته، وحين أُعلنت عاد إلى نغمة شدّ العصب وخوض معركته تحت عنوان “متحالف مع حزب الله وليس مع أمل”.

 

موقف باسيل فسّره البعض بأنّه ناتج عن أمرين:

– الأوّل خطابي انتخابي لزوم عُدّة المعركة، فضلاً عن كونه قناعة مبدئية لدى التيار، وهو يأتي في السياق الطبيعي للعلاقة مع برّي.

– الثاني ناتج عن تسليمه بأنّه صار مستبعداً من السباق الرئاسي، فلا يضيره والحال هذه أن يعلن مثل هذا الموقف.

قد يكون باسيل قد حسبها جيّداً انتخابياً وسياسياً، فهو غير مرشّح للانتخابات الرئاسية في هذه الدورة وتحالفه الأساسي مع حزب الله وليس مع أمل، والعلاقة مع أمل لن تؤسّس للمستقبل لأنّ برّي العائد بولاية سابعة لن تكون ولايته مماثلة للعهود السابقة وإن كان يسلِّم بدوره الوطني ولا يتجاوزه، فضلاً عن ذلك، وهو الأهمّ، يريد أن يردّ الصاع لبرّي.

دقّت ساعة الحساب المباشر، خاصة أنّ عهد عون قد انتهى ولا داعي للمهادنة بعد اليوم. وقد يكون لكلّ استحقاق ثمن مقابل، والعين على الحكومة وما بعدها.

غياب الشرعية المسيحية

كلّ ذلك لن يلغي وجوب تعاطي باسيل بمرونة مع انتخاب برّي رئيساً للمجلس النيابي. ففي أعقاب انتخابات العام 2018 قارب انتخابه من زاويتين: مبدأ التماثل، بعد ما حصل خلال انتخاب الرئيس عون، والمبدأ الميثاقي مع وجود مرشّح واحد هو الرئيس برّي، محذّراً من وجود رفض مسيحي كبير لخيار شيعي كبير: “فنحن حرّاس الميثاقية”. أحجم يومها عن انتخابه شخصيّاً، بينما ترك لأعضاء تكتّله النيابي حرّيّة التصويت بالطريقة التي يرونها مناسبة. فكانت النتيجة منح التكتّل نسبة كبيرة من تصويته للرئيس برّي.

الاحتمال أن نكون أمام تكرار لمشهديّة العام 2018 واردٌ بقوّة ولأسباب كثيرة.

أمّا في حال عدم حصول ذلك فيعني أنّ هناك مشكلة ميثاقية. إذ ليس سهلاً أن يُنتخب برّي في ظلّ مقاطعة مسيحية من بقيّة الأحزاب، إضافة إلى أنّه من غير المعروف بعد كيف سيكون توجّه المنتخَبين الجدد من السُنّة في البرلمان.

 

سيكون باسيل وتكتّله الطرف المسيحي الوحيد الذي سيضفي شرعية مسيحية على انتخاب برّي، وإن ظهر المشهد متناقضاً مع الموقف، من خلال فتح المجال أمام التكتّل ليحدّد بالمفرّق موقفه من رئيس المجلس، بينما القوى الأخرى، سواء من قوى ما يُسمّى “الثورة”، أو القوات اللبنانية، أو المنتخَبين السُنّة، فقد لا يصبّون أصواتهم لبرّي، أو بالتأكيد لن يعطوه شرعية انتخابه رئيساً لولاية جديدة.

على الرغم من الفظاظة والموقف الفجّ الصادر من باسيل، إلّا أنّه قد يكون الوحيد الذي يفتح الباب لشرعيّة برّي من خلال ترك الباب لتصويت نواب كتلته بعيداً عن موقفه الشخصي.

برّي حارب العهد

لا يجد التيار مبرّراً للسؤال عن أسباب هذا الموقف، مذكّراً بالخلاف الذي ساد بين العهد وبرّي على امتداد سنوات حكم الرئيس ميشال عون، والذي جاهر به برّي عشيّة انتخاب عون يوم قال إنّه “لن ينتخب عون تحت أيّ ظرف من الظروف، ولو أتت كلّ الأمم لانتخابه”.

يتّهم التيار الوطني برّي “بتفشيله العهد، وهو الذي أقسم يوم انتخابه: “الله لا يخلّيني إذا بخلّيه يحكم”. حتّى كاد أن يُفشل اتفاق مار مخايل بين حزب الله والتيار، ثمّ أفشل حكومة حسان دياب ومنع محاسبة رياض سلامة وعرقل خطة الكهرباء، لكن مع كلّ ذلك تؤكّد أوساط التيار أنّ رئيسه “يواجه ولا يطعن بالظهر”.

هذا على المستوى السياسي، أمّا انتخابياً فمن المؤكّد أن باسيل زان موقفه بميزان شارعه المسيحي أوّلاً. إذ سيمنحه موقفه الرافض لانتخاب برّي صدقيّة أكبر مسيحياً وسياسياً، وهو يتعاطى انتخابياً على أساس أنّه غير متحالف مع برّي وإن اجتمع مرشّحوه مع بعض مرشّحي أمل على نفس اللائحة.

قد تكون معركة البقاع الغربي هي المعركة الأوضح بين نهجَيْ باسيل وبرّي تحت عنوان المقعد الأرثوذكسي. هذا المقعد الذي ألمح إليه باسيل في مقابلته المتلفزة أخيراً حين تحدّث عن معارك داخل اللوائح، وأنّ “هناك ناس سنعمل على إسقاطهم داخل اللوائح”، ملمّحاً إلى المرشّح إيلي الفرزلي الذي لم يغفر له التيار انشقاقه عن العهد والخروج عليه شاهراً عدائيّته بعدما كان عضواً في تكتّله النيابي وعضواً من أعضاء “خليّة السبت” اللصيقة بالعهد.

لكن هل تنعكس الخصومة على جمهور الناخبين في اللوائح؟

بالنسبة إلى الحاصل الانتخابي لن يكون هناك انعكاس لأنّ الجمهورَين يتفهّمان وجود مصلحة انتخابية في نيل الحواصل، لكنّ الصراع سيكون على الصوت التفضيلي، إذ لن تُقرَّش معركة أمل والتيار بالحواصل، لكنّها بالتأكيد ستكون مواجهة مكشوفة على مستوى “التفضيلي”.

 

كسروان والبترون وبعلبط

هناك تأثير إضافي من خلال أصوات الشيعة في كسروان البالغ عددهم تقريباً 1500 ناخب اقترع منهم ما يقارب 600 في الدورة الماضية. في هذه الدائرة يمكن لبرّي تمرير أصوات للمرشّح فريد هيكل الخازن، أمّا في جبيل فلا يمكن له التلاعب بالتصويت لأنّ المرشّح الشيعي لحزب الله وسيكون مدعوماً من أصوات التيار الوطني الحر، وأيّ خلل سيتسبّب بفوز المرشّح الخصم، من القوات اللبنانية أو غيرها من القوى المواجِهة.

في البترون حيث توجد بعض القرى الشيعية، ولا سيّما في قرية راشكيدا الشيعية، فيمكن أن تصوِّت لفرنجية وليس التيار الوطني الحر، والأمر ذاته قد يتكرّر في الكورة وزغرتا حيث لا تحالفات تجمع التيار وأمل في هذه المناطق ولا قوة تجييرية كبرى ولا مواجهة حقيقية.

أمّا في بعلبك-الهرمل فيستحيل الخروج عن الاتفاق بين الثنائي والتيار لأنّ الأصوات في هذه الدائرة محسوبة بميزان الذهب والخطأ ممنوع لِما سيتسبّبه من خرق سيسمح لمرشّح القوات بالتسلّل.

بعبدا وبيروت والبقاع الغربي

الخبير في الشأن الانتخابي كمال فغالي يعتبر أنّ تأثير السجال بين أمل والتيار الوطني يمكن أن تنعكس نتائجه على معارك بعبدا وبيروت الثانية وصولاً إلى البقاع الغربي. لكنّ المسلَّم به أنّ أصوات الشيعة في البترون ستكون لباسيل بينما هي لسليمان فرنجية في الكورة، وأنّ المعركة بينهما يمكن أن تنعكس سلباً على نتائج أكثر من دائرة انتخابية. هنا أيضاً تعوِّل مصادر سياسية على الدور الذي يلعبه الحزب، إذ يحاذر من إحداث أيّ خلل في موازين القوى الناخبة منعاً لتسلّل الخصوم، وقد دخل في حال من الاستنفار لن تنتهي قبل إعلان النتائج.


أمّا على مستوى رئاسة المجلس فمنذ أطلق حزب الله، حليف التيار الوحيد، صفّارة الانطلاق نحو الانتخابات النيابية وعينه على رئاسة المجلس وضمانتها لبرّي. لذا جهد في إعداد الأرضيّة للحؤول دون تسلّل أيّ من المرشّحين الشيعة خارج الثنائي والفوز بالنيابة.

عنوان معركته هو “الفوز بكامل حصّة الشيعة في البرلمان، أي 27 نائباً”.

فكيف لا يكون التيار الوطني الحر داعماً لحليفه؟ وإن بالتحايل!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى