الأبيض: أموال الدعم غير كافية و70 في المئة منها للأمراض السرطانية والمستعصية
عرض وزير الصحة العامة الدكتور فراس الأبيض تفاصيل ملف أدوية الأمراض السرطانية في ظل التحديات التي يفرضها وضع المالية العامة، مفندًا الحاجات التي تفوق الأموال المرصودة للدعم، وذلك في مؤتمر صحافي عقده في وزارة الصحة العامة، رد فيه على الأسئلة المطروحة في هذا المجال، وذكّر بأن “نقص أدوية السرطان ليس جديدًا بل كان البلد يشهد أزمة إنقطاع قوية لهذه الأدوية عندما تسلمت الحكومة الحالية مهماتها”.
ولفت الأبيض إلى أن “النقص الحاصل في أدوية السرطان يعود إلى سبب رئيسي يتصل بالأموال المرصودة للإستيراد والتي لم تعد تكفي الحاجة الفعلية”، موضحًا أن “لبنان كان يستورد قبل الأزمة المالية أدوية للأمراض السرطانية والمستعصية بقيمة تتراوح بين 25 و30 مليون دولار شهريًا. وفي ظل الأزمة، حدد مصرف لبنان قيمة الدعم للدواء ككل بخمسة وعشرين 25 مليون دولار مع رصد مبلغ إضافي للحليب والمواد الأولية لصناعة الدواء والمستلزمات الطبية”.
وأشار إلى أنه “خلال ستة أشهر، بين شهري أيلول وشباط الماضيين، بلغ حجم المبالغ التي تم دفعها لاستيراد الدواء مئة وستة وستين مليون دولار ومئتين وأربعة وسبعين ألفًا من بينها مئة وعشرون مليون دولار وأربعمئة وتسعة وأربعون ألفًا دفعت لأدوية الأمراض السرطانية والمستعصية أي حوالى 70 في المئة من الأموال المرصودة لدعم الدواء تدفع لأدوية الأمراض السرطانية والمستعصية”.
وقال وزير الصحة: “من الواضح أن هذه الأموال لا تكفي لتغطية الإحتياجات، ونحن ناشدنا الجميع حل المسألة لأن تأمين الأموال ليس من مسؤولية وزارة الصحة بل مسؤولية الجميع ولا سيما المعنيين بالشؤون المالية في البلد”.
وأضاف: “إن المساعدات التي تمكنت وزارة الصحة العامة من الحصول عليها شكلت جزءًا من الحل ولكن الحل المستدام لا يكون إلا بتأمين المال اللازم للكمية الكافية من الأدوية”.
وأشار إلى أن “هناك مشاكل أخرى تفرعت عن الأزمة وسعت وزارة الصحة إلى حلحلتها بدءًا من تحقيق الإنتظام في عملية الإستيراد بدءًا من طلبات المستوردين إلى الموافقات المسبقة التي يعطيها مصرف لبنان ومن ثم تحويل الأموال إلى الشركات”، كاشفًا أن “الشركات الأم كانت توقفت عن تسليم لبنان أدوية السرطان عندما فاق حجم الديون ثلاثمئة مليون دولار، واشترطت هذه الشركات تسلم أموالها”. وأعلن أن “بيانًا سيصدر مطلع الإثنين المقبل يفصل لوائح الأدوية التي سيتسلمها لبنان في الأسابيع المقبلة، وهو سيكون الثاني بعد بيان أول تم نشره قبل ثلاثة أسابيع”.
كما توقف الأبيض أمام “واقع تهريب وتخزين أدوية السرطان الذي يترك آثاره السلبية الكبيرة، إذ إن الدواء الذي يباع في لبنان بحوالى أربعمئة دولار فيما يبلغ سعره في الخارج حوالى ستة آلاف يحتاج إلى جهود كثيفة من القوى الأمنية لمنع تهريبه، إضافة إلى نظام تتبع دقيق للتأكد من أنه يصل إلى المريض الذي يحتاج إليه”.
وفند “إجراءات الوزارة لتنظيم ملف الدواء وضمان وصول كل دواء إلى المريض”، مذكّرًا بـ”نظام التتبع Meditrack الذي تعمل عليه وزارة الصحة العامة والذي بدأ العمل عليه بالتنسيق مع ستة مستشفيات”، مشيرًا إلى أنه “يخضع على غرار مختلف منصات وزارة الصحة العامة للمزيد من التدقيق لتفادي أي ثغرات في آليات الأمان حرصًا على عدم تكرار الخرق الذي حصل على منصة المطار”.
وشدد وزير الصحة على “أهمية ترشيد دعم الدواء واستعماله”، موضحًا أن هناك “أدوية بأسعار مقبولة تعطي نتيجة العلاج نفسه مثل الجينيريك أو الصناعة المحلية، يمكن أن تكون بديلًا لأدوية أغلى سعرًا، وهذا الأمر سيزيد كمية الأدوية المتاحة للمرضى”.
وأعلن أن “الوزارة تبحث مع جهات دولية في مقدمها منظمة الصحة العالمية واليونيسف، في آليات للحصول على أدوية أكثر بأسعار أرخص”.
وقال إن “الدعم الحالي لأدوية الأمراض السرطانية والمستعصية سيبقى مستمرًا بتأكيد من رئيس الحكومة وحاكم المصرف المركزي”، مطمئنًا أن “رفع الدعم ليس مطروحًا للبحث كما تردد في الفترة الأخيرة، ولكن حل المشكلة يحتاج من دون أدنى شك لزيادة التمويل لتغطية كافة الإحتياجات”. وأكد أن “الوزارة مستمرة بإجراءاتها لتحسين الآليات سواء بالإستيراد أو التوزيع لتفادي الإنقطاعات التي شهدناها في فترة أعياد رأس السنة”.
وردًا على سؤال، أوضح الأبيض أن “المستورد الذي يمتنع عن إستيراد دواء معين لأنه لم يعد مربحًا بالنسبة إليه، ستسترجع منه الإجازة ويفتح المجال لشركات أخرى بالإستيراد”.
وأكد أنه “كطبيب يتفهم تمامًا صعوبة عدم حصول المريض على دوائه”، مشددًا على أن “المسألة صعبة جدًا في بلد إنخفض دخله القومي بنسبة إثنين وخمسين في المئة ولكن العمل مستمر لإرساء آليات تخفف من وطأة المشكلة”، آملًا “الوصول قريبا إلى تغطية كل الإحتياجات”.