مخاوف من أزمة غذائية عالمية محتملة في حال نشوب الحرب

 

وجه أمس الرئيس الأميركي جو بايدن تحذيرا لكل الأميركيين الموجودين في أوكرانيا، وطالبهم بالمغادرة فورا. وأبلغ بعض الزعماء في الناتو والاتحاد الأوروبي توقّع الولايات المتحدة أن بوتين قرر غزو أوكرانيا في الأيام القليلة المقبلة، وفق ما نقلت صحيفة The Guardian البريطانية عن مصادر دبلوماسية أوروبية رفيعة.

وجاء تحذير بايدن على خلفية اجتماع في غرفة العمليات في البيت الأبيض لمناقشة آخر المعلومات الاستخباراتية حول التعزيزات العسكرية الروسية وتفكير بوتين.

وأفاد دبلوماسي أوروبي للـ «غارديان»: «ستبدأ الأمور العملية على الأرض نتيجة لهذا القرار، لكن هذا لا يعني أن بوتين لا يزال بإمكانه عدم الرجوع إلى الوراء»، وأصر على أن الوقت لم يفت لردع الزعيم الروسي. «هناك المزيد من نقاط القرار على طول الخط».

هذا وكانت أمهلت أوكرانيا روسيا 48 ساعة لتوضيح طبيعة أنشطتها العسكرية قرب الحدود وفي القرم، وفي حال امتناع روسيا عن الرد ستطلب أوكرانيا اجتماعا طارئا لمجلس الأمن.

واجتمع أمس الجمعة، في العاصمة الروسية، وزير الدفاع سيرغي شويغو مع نظيره البريطاني بن والاس، في مسعى لخفض التصعيد بين الغرب وموسكو بشأن أوكرانيا. في وقت تجري القوات الروسية مناورات في عدة مناطق قرب الحدود مع أوكرانيا، وقد حذر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن من احتمال غزو روسيا لأوكرانيا «في أي وقت».

وقال شويغو -خلال محادثاته مع نظيره البريطاني- إن الوضع العسكري السياسي في أوروبا يزداد توترا، وإن اللوم لا يقع على روسيا. وأضاف خلال محادثاته أن بلاده ستقدم ردها للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (ناتو) بشأن الضمانات الأمنية بأقرب وقت، داعيا الدول الغربية إلى الكف عن ضخ الأسلحة إلى أوكرانيا.

وكانت موسكو بعثت برسالة إلى أميركا وحلف الناتو توضح فيها الضمانات الأمنية التي تطلبها من الطرفين لخفض التصعيد في العلاقات بين الجانبين، ومن أبرزها عدم التحاق أوكرانيا بالناتو وإبعاد أسلحة الحلف عن الحدود الروسية.

من جهته، قال وزير الدفاع البريطاني لنظيره الروسي إنه يأمل اغتنام الاجتماع لحل عدد من القضايا العالقة عن طريق الدبلوماسية متحدثا عن بلوغ العلاقات بين موسكو ولندن إلى درجة صفرية، وأضاف في مؤتمر صحفي عقب اجتماعه مع نظيره الروسي أن الأسلحة التي أرسلتها بلاده لأوكرانيا دفاعية وقصيرة المدى ولا تشكل بأي حال خطرا على أي دولة.

ونقلت وكالة رويترز عن مصدر في البيت الأبيض قوله إن الرئيس الأميركي جو بايدن اجتمع مع مستشاريه للأمن القومي، لبحث التعزيزات العسكرية الروسية على الحدود مع أوكرانيا.

قمة ثلاثية

وفي سياق متصل، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر بالحكومة الألمانية أن المستشار أولاف شولتز والرئيسين الأميركي جو بايدن والفرنسي إيمانويل ماكرون أجروا أمس قمة عن بعد بشأن الأزمة الأوكرانية.

وأضاف المصدر الألماني أن رئيسي وزراء إيطاليا ماريو دراجي وبريطانيا بوريس جونسون، وقادة الاتحاد الأوروبي والناتو، انضموا الى اجتماع بايدن وماكرون وشولتز.

ويتهم الغرب روسيا بالاستعداد لشن هجوم عسكري وشيك على أوكرانيا، وهو ما تنفيه موسكو، وتنتقد مساعي القوى الغربية لاستفزازها وجرها نحو الحرب.

تحذير بلينكن

من جهته، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن روسيا أرسلت مزيدا من القوات إلى حدودها مع أوكرانيا، وإنها قد تغزو جارتها في أي وقت بما في ذلك خلال دورة الألعاب الأولمبية الشتوية القائمة حاليا في بكين.

وأضاف بلينكن أن واشنطن تواصل «خفض» عدد الموظفين في سفارتها بأوكرانيا، وكرر دعوة الخارجية للأميركيين في أوكرانيا لمغادرة هذا البلد على الفور.

وفي سياق متصل، نقلت هيئة البث الهولندية (بي إن آر) اليوم قول سفير البلاد في كييف إن حكومته نصحت الهولنديين في أوكرانيا بمغادرتها في أسرع وقت ممكن بسبب الوضع الأمني هناك، وأضافت أن هولندا ستنقل بعثتها الدبلوماسية من العاصمة كييف إلى لوفيو غربي البلاد.

ومن جانبه حذر الأمين العام لحلف الناتو يانس ستولتنبرغ من إمكانية نشوب نزاع مسلح بأوروبا، وقال إن وزراء دفاع الحلف سيتفقون الأسبوع المقبل على إرسال مجموعات قتالية لدول شرق أوروبا الأعضاء.

روسيا والناتو

ولم يتأخر رد روسيا على تصريحات ستولتنبرغ، إذ وصفتها المتحدثة باسم الخارجية ماريا زاخاروفا بأنها محاولة لتصعيد الوضع في أوكرانيا، بهدف تعزيز وجود الحلف بالقرب من الحدود الروسية.

وفي وقت سابق، قالت روسيا وأوكرانيا إنهما أخفقتا في تحقيق أي انفراجة بعد يوم من المحادثات في برلين بين أطراف «صيغة نورماندي» لوقف القتال بين أوكرانيا والانفصاليين المسلحين شرقي البلاد الموالين لموسكو. وتضم هذه الأطراف كلا من روسيا وأوكرانيا إلى جانب فرنسا وألمانيا.

وعقب المحادثات، قال المبعوث الروسي ديمتري كوزاك إنه لم يتسنّ التوفيق بين تفسيرات بلاده وأوكرانيا المختلفة لاتفاق عام 2015 الذي يستهدف إنهاء القتال بين الانفصاليين المؤيدين لموسكو وقوات الحكومة الأوكرانية.

في المقابل، قال مبعوث أوكرانيا أندري يرماك إنه لم تتحقق انفراجة، لكن الجانبين اتفقا على مواصلة المحادثات. ويعدّ اجتماع برلين الثاني بعد اجتماع مماثل كان قد عقد في باريس قبل أسبوعين.

وقد أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استمرار المحادثات بشأن الأزمة الأوكرانية مع الشركاء الأوروبيين ومع الأميركيين علنا وخلف الأبواب المغلقة، وقال إنه يتوقع تلقي مكالمة هاتفية من نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد أن يُنهي الأخير مشاوراته مع الدول الغربية.

في وقت قالت وزيرة الخارجية الألمانية آنالينا بيريوك أمس إنه لا توجد أي إشارة لنزع فتيل التصعيد بين أوكرانيا وروسيا، وأضافت -خلال مؤتمر صحفي مع نظيرها الأردني أيمن الصفدي في عمان- أن موسكو زادت من وجودها العسكري على الحدود مع أوكرانيا أمس الأول بواقع 20 ألف جندي.

التطورات الميدانية

وذكرت وزارة الدفاع الروسية أمس في بيان أن 400 جندي سيشاركون في «تدريب تكتيكي» بمنطقة روستوف في الجنوب على الحدود مع أوكرانيا، وأضافت أن نحو 70 آلية عسكرية من بينها دبابات وطائرات مسيرة ستستخدم في مناورات تتضمن تدريبات على «مهام قتالية».

وكانت الوزارة قالت إن تدريبات لقوات الردع السريع من روسيا وبيلاروسيا انطلقت تحت اسم «عزيمة الاتحاد 2022» بالأراضي البيلاروسية.

ومن جانبها أكدت وزارة الدفاع البيلاروسية أن التدريبات -التي تستمر 10 أيام- تحمل طابعا دفاعيا، ولا تمثل تهديدا للمجتمع الأوروبي أو الدول المجاورة.

وفي سياق متصل، نشر مراسل موقع «باز فيد» (BuzzFeed) الإخباري الأميركي عددا من صور الأقمار الاصطناعية التقطت خلال 24 ساعة الماضية، قال إنها تظهر التعزيزات العسكرية الروسية المستمرة بشبه جزيرة القرم وبيلاروسيا. وأضاف -في تغريدة- أن هذه الصور تكشف عن عمليات الانتشار الجديدة والواسعة بجميع أنحاء المنطقة.

وفي المعسكر المقابل، أعلن وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف بدء مناورات عسكرية في كل أنحاء البلاد. وأضاف أنها ستُجرى في مناطق مقابلة للمناورات التي تجريها روسيا على حدودها، خاصة تلك التي انطلقت على أراضي بيلاروسيا.

تحذير من أزمة غذاء عالمية

وفي سياق متصل، حذر خبراء اقتصاديون من أزمة غذائية عالمية محتملة في حال قامت روسيا بعمل عسكري ضد أوكرانيا وغزت أراضيها، إذ تعد أوكرانيا خامس دولة مصدرة للقمح على مستوى العالم.