رئيس «القومي» لـ«الأخبار»: لن نمنح أصواتنا من دون دعم مقابل من حلفائنا
نحن جزء أساسي من قوة جبهة المقاومة في لبنان والشام وسنبقى كذلك (عباس سلمان)
الأخبار-ميسم رزق
الحزب يتعافى وأمامنا ورشة دستورية داخلية كبيرة
تحالفنا الرئيسي مع حزب الله لمنع عزل قوى المقاومة
أكّد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي، ربيع بنات، في أول إطلالة إعلامية منذ انتخابه قبل نحو عام، أن «الحزب الآن يتعافى، ويستعيد قواعده والقوميين، وأمامنا ورشة دستورية داخلية كبيرة»، مشدداً على «أننا نحن جزء أساسي من قوة جبهة المقاومة في لبنان والشام وسنبقى كذلك». وأكد أن «من المبكر جداً حسم أي موقف انتخابي من الآن، لكن تحالفنا الرئيسي مع حزب الله لمنع عزل قوى المقاومة»، والثابت هو «أننا لن نمنح أصواتنا من دون دعم مقابل من حلفائنا حيث نحتاج إليهم». وفي ما يلي نص الحديث:
الحزب اليوم يستعيد قواعده والقوميين، ويُراكم بهدوء لكي يستعيد دوره الفاعل. كنّا نتمنّى أن يحتكم الجميع لإرادة القوميين، لكن للأسف البعض رفض وشكّل حالة انشقاقية صغيرة والوقت كفيل بالمعالجة. أبواب الحزب مفتوحة للجميع تحت سقف النظام والدستور والمؤسسات الحزبية، ونحن تجاوبنا في ما سبق مع العديد من المبادرات، لكن تمت عرقلتها، آخرها بعد مهرجان المقاومة والتحرير في الحمرا في 23 أيار. الحزب الآن يتعافى وأمامنا ورشة دستورية داخلية كبيرة لمعالجة أزمة انبثاق السلطة، ولدينا دور كبير في المجتمع نستعد للقيام به لناحية نشر الوعي وصناعة النماذج الإنتاجية.
الحزب طرف أساسي في المقاومة وكان له دور عسكري في الدفاع عن سوريا، ألم يؤثر ما حصل داخلياً في هذا الدور؟
إطلاقاً، هذا الدور لا يمكن للحزب التوقف عن القيام به لأنه في صلب عقيدته، ومهما حصل من كبوات، فإن هذا العمل منفصل عن كل المسارات الأخرى. نحن جزء أساسي من القوة الاستراتيجية لجبهة المقاومة في لبنان والشام، وسنبقى كذلك، وفي حال حصول أي عدوان عسكري سيكون القوميون الاجتماعيون في طليعة المدافعين عن لبنان.
كيف تقاربون مسألة الانتخابات النيابية؟ وهل ينعكس وضعكم الداخلي على مقاربتكم؟
نحن منذ البداية، نعتبر قانون الانتخاب الحالي قانوناً طائفياً يتعمّد إقصاء القوى الوطنية، ويميّز بين المرشحين والناخبين على أساس طائفي – مناطقي، يفرّق ولا يجمع ولا يعكس التمثيل الصحيح. ونطالب بإقرار قانون انتخابي على أساس نسبي ولبنان دائرة انتخابية واحدة خارج القيد الطائفي، بالتوازي مع قوانين الأحوال الشخصية الموحّدة والزواج المدني وغيرها من التشريعات الضرورية لإلغاء الطائفية. لكن مع ذلك، نعتقد أن الانتخابات المقبلة محطّة يريد منها الخارج عزل سلاح المقاومة وإحداث انقسام كبير في البلد. لذلك ندرس مشاركتنا بعناية ونعتبر أن الندوة البرلمانية منبر مهم جداً للتعبير عن مواقفنا ولتقديم مشاريعنا الإصلاحية ولخلق رأي عام مؤيّد للحلول الوطنية. أما مسألة الوضع الداخلي في حزبنا، فهي ذات تأثير محدود، لأن الوزن الحزبي الناخب هو ضمن المؤسسة الحزبية وليس مع الحالات الانشقاقية، وهذا الأمر يعرفه جميع حلفائنا وأخصامنا، ولو أنكره البعض، وحاول التسلّل من مسألة الانشقاق لينتزع من الحزب حقّه في التمثيل في دوائر معيّنة.
ألا تشعرون أن هناك إرباكاً لدى حلفائكم في التعامل مع الحزب؟ هل حسمتم تحالفاتكم؟
لا نشعر بأي إرباك لدى حلفائنا. مسألة الانقسام والعلاقة مع الحلفاء أصبحت خلفنا. نحن على اتصال بالجميع تقريباً في فريق 8 آذار القديم، ومع العديد من القوى الوطنية خارجه، وحتى المجموعات الجديدة التي تتفق معنا على ثوابتنا في حماية سلاح المقاومة ونبذ الطائفية ومنع تقسيم لبنان. من المبكر جداً حسم أي موقف انتخابي من الآن، لكن تحالفنا الرئيسي مع حزب الله لما يجمعنا من مسائل استراتيجية معمّدة بالدم ولمنع عزل قوى المقاومة، ونتواصل بشكل جدي مع رئيس تيار المردة سليمان فرنجية ومع التيار الوطني الحرّ وحركة أمل. وطبعاً لدينا تحالف ثابت مع رئيس حركة الشعب نجاح واكيم. وقد تتسع مروحة العمل الوطني أكثر خلال الشهرين المقبلين. هناك ثوابت محدّدة بالنسبة إلينا: أن يكون تمثيلنا النيابي على حجم انتشارنا ودورنا، ونحن موجودون في كلّ الدوائر من دون استثناء، وأصواتنا مؤثّرة خصوصاً أن المعركة هذه المرة على الصوت. سنسعى جاهدين لنتمثّل في العاصمة بيروت وفي دوائر جبل لبنان، وهناك الدوائر التي لدينا فيها حضور وازن في الجنوب والبقاع والشمال.
هل صحيح أنكم قد تقاطعون الانتخابات إذا لم تتفاهموا مع حلفائكم؟
قرارنا حتى الآن هو المشاركة في هذه الانتخابات لما لها من أهمية سياسية على مستقبل البلد ولأننا نريد أن نصل بكتلة وازنة إلى البرلمان تستطيع حمل مشروعنا والنضال لتحقيقه. هناك آراء عدة في الحزب نابعة من تجاربنا السابقة داخلياً ومع حلفائنا، وكلها تناقش تحت سقف مصلحة الحزب ومصلحة موقفنا السياسي، وطبعاً لدينا ثوابت بأن لا نمنح أصواتنا من دون دعم مقابل من حلفائنا حيث نحتاجهم.
هل تعتقدون أن خروج الرئيس سعد الحريري يتيح لكم تحصيل حصة أكبر مع حلفائكم خصوصاً مع الحديث عن انكفاء سني؟
أولاً نحن لسنا انتهازيّي فرص، ومن المبكر الحديث عن تجاوب المواطنين مع الانتخابات. أما حول مسألة الحريري، وبمعزل عن موقفنا السياسي منه، نعتقد أن إخراجه بهذا الشكل هدفه خلط الأوراق وإدخال عوامل جديدة.
كيف تنظرون كحزب علماني إلى ارتفاع وتيرة الخطاب الطائفي؟
هذا الخطاب مقصود فهو وقود الصراعات، ونلاحظ انعكاساته على الأرض كوننا موجودين في غالبية القرى والمناطق من الشمال إلى الجنوب. هناك قوى تحرّض مباشرةً لخلق انقسام طائفي داخلي يولّد اقتتالاً مسلّحاً أو يمهّد الأرض أمام التدويل والتقسيم والمناطق العازلة. من هنا بدأت كذبة «الاحتلال الإيراني» وغيرها من وسائل التحريض والانقسام. دورنا النقيض، أن نشكّل عاملاً إيجابياً وعامل طمأنينة في المناطق، وأن نحشد معنا القوى اللاطائفية لمواجهة هذا الخطاب، ونحن نسعى في هذا الاتجاه لتشكيل جبهة وطنية من قوى علمانية ومدنية وطنية على اتصال وتنسيق مع غالبية الوطنيين. صحيح أن الخطاب الطائفي ينتشر، لكن هناك شريحة واسعة من شعبنا يبدو أنها استفاقت من كبوة الطائفية، ونحن نعوّل على المستقبل.
من يحرّض؟ هل تقصدون القوات اللبنانية؟
القوات وغيرها. كل من يحرّض طائفياً متآمر.
أنتم أكثر جهة لديها صراع مع القوات، هل تتخوفون من اعتداء عليكم؟ هل تخشون طيونة جديدة؟
لدينا خصومة سياسية في الداخل، وليس عداوة مع أحد. وإن كنّا على عداوة مع مشروع رئيس القوات، فهذا لا يعني أننا نعادي أحداً من أبناء شعبنا. عدوّنا الوحيد معروف وهو العدو الإسرائيلي، ومن يتعاون معه طبعاً. خطورة جريمة الطيونة أنها تصبّ في مشروع الحرب الأهلية ويجب أن يحاسب مرتكبوها، خصوصاً أن مسؤولين حزبيين حرّضوا عليها وتبنّوها. نتمنّى أن تكون الطيونة خاتمة هذه الأحداث الأليمة، ولا نتخوّف من اعتداء علينا من قبل أحد لأننا لا نعتدي على أحد، ودماؤنا تطفئ نار الفتنة كما حصل في كفتون في الكورة. وإذا هوجمنا نضع الأمر أوّلاً عند الدولة وأجهزتها والجيش اللبناني، وإذا تخلّفت الدولة، عندها لكل حادث حديث، ونعرف كيف ندافع عن أنفسنا.
كيف تصفون الواقع في لبنان؟
الواقع في لبنان يرتبط بمنطقتنا وأمّتنا. نقرأ الأحداث من خلفية وجود خطر الدولة اليهودية الزائلة والأطماع الخارجية المتجسّدة اليوم بالمحور الغربي وملحقاته العربية وتركيا. والهدف سرقة الثروات في البرّ والبحر وإجبار لبنان على دخول قطار التطبيع. كذلك هناك أزمة النظام الطائفي وما أنتجه من انهيار اقتصادي – اجتماعي يهدّد مصير بلادنا ويهجّر شعبنا وشبابنا ويفكّك بنيتنا الاجتماعية والثقافية. وهذا امتداد أيضاً للحرب التي شُنَّت على دمشق طوال السنوات الماضية وامتداد للحرب قبلها على العراق، وطبعاً الهجمة الاستيطانية الشرسة في فلسطين والجولان. من هنا، نحن نقيّم خطورة عالية على مستقبل لبنان.
ترفضون التفاوض حول ملفّ الثروة البحرية. هذا يضعكم في موضع اتهام بمنع لبنان من استثمار ثروته الغازية؟
موقفنا نابع من رفضنا لأصل وجود هذا الكيان المصطنع على أرضنا، بالتالي أي عملية تفاوض لا تعنينا، ولا يعنينا أي اتفاق يحصل ولسنا ملزمين به. لا نعترف بحقوق غير حقوق شعبنا في لبنان وفلسطين. نسمع عن طروحات يحملها عاموس هوكشتين حول صناديق مشتركة لتقاسم الثروة. هذه الطروحات مرفوضة ولا مكان لها في البلد. وهي، حتى من الجانب الاقتصادي المجرّد، لا تسعى إلى تأمين مصلحتنا إنّما مصلحة العدوّ والشركات الأميركية. أما اتهامنا بمنع لبنان من استثمار ثرواته، فهو اتهام سطحي يكرّره الواهمون بأن الوسيط الأميركي قد يكون موفداً عادلاً، أو بعض الذين يرحّبون باتفاق مع العدوّ من خلفية تسوويّة، وهم يعرفون مسبقاً أنه ضد مصالحنا. الشركات المعادية بدأت بالتنقيب في الحقول الفلسطينية المحتلة، والعدوّ يهدّد الشركات التي تريد التنقيب في الحقول اللبنانية. كيف نردّ؟ كيف نحمي ثروتنا؟ نحن نطالب الحكومة فوراً بالطلب من شركات شجاعة حليفة البدء بالتنقيب، ولنرَ إن كان العدوّ سيجرؤ على منعها بالقوة. وإذا فعل، فهل تستطيع شركاته الاستمرار بالتنقيب في الحقول المحتلة؟ المشكلة أن هناك من يسلّم بالقرار الخارجي على اعتبار أنه قضاء وقدر، بينما التجارب، في بلادنا والعالم، علّمتنا أن الشعوب الحيّة تستطيع فرض إرادتها.
ما هي رؤيتكم لحل الأزمة الاقتصادية إذاً؟
لدينا رؤية مفصّلة أساسها يقوم على الإنتاج وعلى صناعة السيادة في الغذاء والدواء والطاقة، والتوقّف نهائياً عن سياسة الاستدانة والاتكالية، وضرب الفساد في الداخل من جذوره. الحلول ليست اقتصادية فحسب، إنما عمليّة تغيير شاملة للنظام وبنائه على أسس وطنية، وبناء الدولة التي لم تنشأ يوماً. لا يمكن لنظام طائفي تحاصصي يقوم على تحالف بين الإقطاع القديم/ الجديد والقوى الطائفية وأصحاب الوكالات الحصرية والمصارف أن يعالج المشكلة، وأبسط دليل ما يحصل في قانون الوكالات الحصرية. كيف يكون صاحب الحلّ هو سبب المشكلة؟ خطتنا ورؤيتنا هي نقل الاقتصاد من الوهم إلى الزراعة بشكل أساسي والسياحة البيئية والصناعات المتعدّدة، لا سيّما الصناعة الثقافية والفكرية التي يمكن أن يتميّز بها الكيان اللبناني في ظلّ غياب الموارد اللازمة للصناعات الثقيلة والمتوسّطة، والتعاون الاقتصادي الوثيق مع عمق لبنان في الشام والعراق، والاستفادة من الثروة الغازية لرفع مستوى حياة شعبنا. البعض يتمسّك بالنظام من الناحية المادية لأنه منتفع ويستفيد منه ويسمّيه «الاقتصاد الحرّ» بينما هو اقتصاد الفوضى والربح السريع والاستغلال. وبدل أن نتجه عكس السائد، يتمسكون بعقد اتفاق مع صندوق النقد الذي نعرف مسبقاً نواياه وأهدافه. ونعارض بشكل قاطع هذا الاتفاق.
هل تشجعون التوجّه شرقاً؟
الشرق آتٍ إلينا، وعلينا أن نعدّ البنية التحتية للاستفادة من المشاريع الاقتصادية الكبرى، لا سيّما مبادرة «حزام وطريق». نشجّع على التعاون الاقتصادي مع روسيا والصين بما يحفظ سيادتنا وحقوقنا، وهناك العديد من المشاريع التي طرحها الروس والصينيون على البلد واطلعنا عليها مباشرةً، منها مصافي النفط والغاز، لكن فريق السفارة الأميركية عطّلها. لا نقول بالقطع مع الاقتصاد الغربي، إنما وضع مصلحة بلدنا كأساس وليس مصالح الوسطاء أو الشركات الكبرى كما يحصل اليوم في ملفّ المرفأ والمحاولات الفرنسية للسيطرة عليه ومشروع سكك الحديد.
يكثر الحديث عن تغيير النظام، ما رأيكم؟
النظام سيتغير عاجلاً أم آجلاً. لكن كيف وما هي النتيجة؟ نحن قبلنا باتفاق الطائف لإنهاء الحرب الأهلية، لكن كل الإصلاحات الجوهرية في الطائف كإلغاء الطائفية تمّ إهمالها. قبل الحديث عن تغيير الطائف يجب أن نطبّق الإصلاحات الأساسية فيه. وإن كان النظام سيتغير ولا بدّ، يجب أن تكون الدولة الجديدة دولة مواطنة تنظر للمواطنين بعدل وتعطيهم حقوقهم وواجباتهم من دون تمييز طائفي أو مذهبي أو مناطقي. موضوع اللامركزية الإدارية، رغم تحفظّنا عليه، قابل للتطبيق كحلّ إداري تقني للإدارة المحلية، لكن بشرط إلغاء الطائفية. أما مسألة اللامركزية المالية فمرفوضة من قبلنا، وهي غير منطقية أساساً.