هل ستكون الإنتخابات المقبلة من بين الأقلّ اقتراعاً؟…
سفير الشمال-عبد الكافي الصمد
على بعد نحو 3 أشهر ونصف الشهر من الإنتخابات النّيابية المرتقبة والمحدّدة في 15 أيّار المقبل، بدأت بعض التحليلات تشير إلى توقعها أن تشهد صناديق الإقتراع إقبالاً ضعيفاً للنّاخبين عليها، وأن تكون نسبة المصوّتين منخفضة قياساً بدورات الإنتخابات السّابقة، خصوصاً التي أعقبت إتفاق الطّائف الذي وضع حدّ للحرب الأهلية عام 1990.
أسباب كثيرة دفعت المراقبين وأصحاب الإختصاص والخبراء في الشأن الإنتخابي إلى توقع هذا التراجع في نسب الإقبال، وعزوف الناخبين، يتلخص أبرزها بالنّقاط التالية:
أولاً: أسهمت الأزمة المعيشية الخانقة وانهيار سعر صرف الليرة اللبنانية في إعلان أكثرية كبيرة من اللبنانيين عزوفها عن ممارسة حقّها في الإقتراع، بسبب يأسها من الطبقة السّياسية الحاكمة، وانعدام الأمل بإمكانية إصلاح الأوضاع وتغييرها نحو واقع أفضل، عدا عن التكلفة المرتفعة لانتقال المواطن من مكان سكنه إلى مركز الإقتراع المخصص له، إضافة إلى تراجع عوامل الإندفاع والحماس.
ثانياً: أصيب كثير من المواطنين بالإحباط خلال السنتين الفائتتين، ولمسوا أنّ إمكانية التغيير مستحلية، وهو ما كشفه إنقسام وتشرذم القائمين على حَراك 17 تشرين الأول من عام 2019، حيث تبين أنهم ليسوا قوة بديلة، وغير قادرين على ذلك، وأن الآمال التي علقت عليهم تبخرت سريعاً.
ثالثاً: أظهرت السّنوات الثلاث الماضية تراجع شعبية الأحزاب والتيّارات السّياسية في لبنان، وعدم قدرة القوى السّياسية الجديدة التي وصفت نفسها بـ”الثورة” و”التغيير” على ملء الفراغ الحاصل في هذا الجانب، واستمالة ناخبين ومواطنين إليها، الأمر الذي سيترجم بلا شك تراجعاً في نسبة الإقتراع.
رابعاً: شكّل إعلان الرئيس سعد الحريري في 24 كانون الثاني الماضي “تعليق” عمله في الحياة السّياسية اللبنانية، وعدم ترشّحه أو دعمه أحداً من العائلة أو تيّار المستقبل في الإنتخابات المقبلة تحوّلاً هامّاً، فهذا الإعلان يعني بكل بساطة أنّ نسبة كبيرة من مؤيدي الحريري وتيّاره سيقاطعون الإنتخابات، وسيعيد ذلك إلى الأذهان مقاطعة المسيحيين إنتخابات العام 1992، حيث شهدت مناطق مسيحية معينة إقتراع بضع عشرات فقط من النّاخبين، جعلت تلك الإنتخابات الأدنى إقتراعاً في تاريخ لبنان، ما يدفع للسّؤال: هل سيتكرر في أيّار المقبل مشهد المقاطعة الذي حصل قبل 30 عاماً، لكنّه سيكون إسلامياً وسنّياً هذه المرّة، وليس مسيحياً؟
خامساً: برغم أنّ دورة إنتخابات عام 2018 قد أقيمت وفق نظام إنتخابي جديد، بعد اعتماد النسبية مع الصوت التفضيلي، فإنّها شهدت تراجعاً في نسبة الإقتراع عن دورة الإنتخابات التي سبقتها في عام 2009 التي أقيمت وفق القانون الأكثري. إذ تراجعت نسبة الإقتراع من 50.7 % عام 2009 إلى 49.6 % عام 2018، بنسبة بلغت 1.06 %.
وسجلت مدينة صيدا الفارق الأكبر في تراجع نسب المقترعين بين الدورتين. إذ اقترع فيها في عام 2009 69.41 %، مقابل 56.71 % عام 2018. أما مدينة طرابلس على سبيل المثال، فقد تراجعت فيها نسبة الإقتراع من 46.29 % إلى 39.63 %.
فكيف ستكون عليه نسب الإقتراع في دورة الإنتخابات المقبلة. صناديق الإقتراع وحدها هي التي تحمل الإجابة.