عن أبعاد رسالة عون إلى أمير الكويت وفحوى الرد اللبناني على مبادرة الخليج
بتأكيد قيادي بارز في الثامن من آذار ان الفترة الفاصلة عن الانتخابات النيابية في لبنان ستشهد مواجهة حامية بين السعودية و»حزب الله» وبأشكال مختلفة، وان الورقة التي قدمتها الكويت على انها مبادرة خليجية عربية وافقت عليها فرنسا وأميركا انما هي وجه من وجوه هذه المواجهة.
بينما كان السؤال كيف سيرد لبنان على ورقة الشروط العربية الخليجية، صار اليوم كيف سترد دول الخليج خصوصاً على الرد اللبناني وتتعاطى معه؟ وهل ستلتقي الدول العربية مع الموقف الخليجي تجاه الشروط الموضوعة؟ عندما نقل وزير خارجية الكويت الشيخ أحمد ناصر محمد الصباح مبادرته قال انها تحظى بتأييد الاردن ومصر بينما عرض الرد اللبناني على اجتماع وزراء الخارجية العرب وبحضور مجلس جامعة الدول العربية فكيف سيتم التعاطي معها عربياً لا سيما في حال عرض الرد اللبناني على التصويت؟ وهل ستوافق دول عربية لم تعرض عليها ورقة المبادرة على فرض قيود على لبنان؟ بمعنى آخر يمكن للمبادرة ان تواجه بغياب الاجماع العربي حولها، بالنظر لما تضمنته من بنود تفوق قدرة لبنان على تحملها. بالامكان القول هنا ان صياغة الورقة بالشكل الذي تم، فيه تعاطٍ غير منطقي. وسؤال يطرح نفسه: ما علاقة دول الخليج بوجود دولة مدنية في لبنان، او التحدث عن اموال المودعين مثلاً، ومطالبة لبنان بتطبيق قرارات دولية أعجز من ان يطبقها؟ أبعد من استثمار خصوم «حزب الله» بالورقة سياسياً فلا أفق تنفيذياً لها.
في خلاصة أولية عبّر وزير الخارجية اللبناني عبدالله بو حبيب عن ارتياحه لفحوى اجتماع وزراء الخارجية العرب واصفاً الاجواء تجاه لبنان بالممتازة. ربما كان ذلك تعبيراً عن رغبة اكثر مما هو واقع بالنظر الى التباعد الحاصل بين لبنان ودول الخليج. لبنان الذي ينتظر الرد على رده يكفيه قبول الرد بالشكل ليبني أملاً ايجابياً على مستقبل علاقته مع الدول العربية.
بالتحايل ومحاولة السير بين النقاط الحمر، حاول لبنان التعاطي مع ورقة الشروط العربية الخليجية. قصد وزير الخارجية عبدالله بو حبيب اجتماع وزراء الخارجية في الكويت حاملاً رسالة شخصية من رئيس الجمهورية ميشال عون الى أمير الكويت، وجواباً على ورقة الشروط. جاء في الجواب اقتراح لبناني بتشكيل لجان مشتركة بين لبنان والدول العربية للبحث في المشاكل التي تعتري العلاقة بينه وبين كل دولة عربية على حدة في محاولة لنزع فتيل الازمة، وكأنه يرمي الى تفنيد شروط المبادرة وفتح نقاش عربي خليجي بشأنها لتبيان عجز لبنان عن تنفيذ اكثر ما ورد فيها. تسلم وزراء الخارجية جواب لبنان طالبين متسعاً من الوقت للدرس افساحاً في المجال لعودة هؤلاء الى قيادات بلادهم قبل القرار النهائي. في الميزان اللبناني فان مجرد قبول الرد وعدم رفضه مؤشر إيجابي يمكن ان يحمل في طياته استعداداً للحوار، اما اذا رفضت صيغة الرد التي تقدم بها فيكون لبنان من وجهة نظر المعنيين قد حقق براءة ذمة وقدم اقصى ما يمكن ان يُقدم عليه، وتكون الدول العربية حينذاك قد اتخذت قرارها بالمواجهة، وهو الاحتمال الذي يستبعده المسؤولون في لبنان، علماً ان ثمة من بينهم من هو على بينة ان صياغة الورقة تمت في دولة خليجية بمساعدة من هو أعلم بالتفاصيل اللبنانية الداخلية بدليل التطرق الى مسألة الدولة المدنية. سلم لبنان جوابه الى مجلس وزراء جامعة الدول العربية التي لم تكن كلها شريكة في صياغة المبادرة فهل ستتم مناقشة الرد خليجياً فقط ام خليجياً وعربياً، واذا كانت المهلة التي حددتها دول الخليج للبنان لم تزد على مهلة اسبوع فكم سيستغرق الرد الخليجي العربي.
في التحليل هناك وجهة نظر تعتبر ان الخطوة لم تكن محسوبة العواقب بشكل دقيق، فالدول العربية ومن بينها دول الخليج تدرك استحالة تنفيذ لبنان الشروط التي تضمنتها الورقة بمجملها، واذا كانت الورقة قد صيغت خليجياً فقد لا تحظى بإجماع عربي بالنظر الى ارجحية معارضة دول عربية على نصها كالعراق والجزائر وغيرهما، فضلاً عن تأكيد البعض ان الاردن ومصر لم يطلعا مسبقاً على مضمونها التفصيلي بل على فكرة المبادرة كمبادرة بما يعزز الشكوك بالتحفظ عليها في ما لو عرضت على التصويت.
وفي موازاة الجواب اللبناني كانت لافتة رسالة عون الى امير الكويت الشيخ نواف الاحمد الجابر الصباح والتأكيد على اهمية العلاقة بين البلدين. وكأن عون اراد استكمال مبادرة الكويت في نقل الرسالة الى توسيع دورها وهي التي تربطها علاقة قوية مع لبنان، بما يعكس ضمناً وجود رغبة لبنانية للعب الكويت دوراً في الحل اللبناني يمكن ان يكون شبيهاً بالدور الذي لعبته قطر من قبلها والسعودية في الماضي عندما استضافت مؤتمر الطائف الشهير.
إمكانية ضئيلة بالنظر الى حجم المواجهة بين السعودية و»حزب الله» والتي لن يخفف من وطأتها الا نجاح مؤتمر فيينا والحوار السعودي الايراني. من هنا كان لافتاً ارجاء الاطلالة المتلفزة للامين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله والتي كانت مقررة امس. وفي حين لم يعلن رسمياً عن المقابلة الا ان البعض لم يستبعد ان يكون قرار الارجاء مرده الى عدم وضوح صورة مفاوضات فيينا بعد، فيما رأي آخر يقول ان «حزب الله» لم يشأ احراج الحكومة بأي رد على المبادرة الخليجية خاصة وان الرد عليها لم يتوضح بعد.