قضاء «قبضاي» على الاوادم والمساكين؟
نور نعمه- الديار
مسكين المواطن العادي غير المدعوم سياسيا يريد استرداد جنى عمره بعد ان اودعها في احد المصارف وهي تساوي خمسين الف دولار فجاء يطلبها من المصرف كوديعة لتعب الحياة ولجهده الا انه رأى ان الابواب مغلقة بوجهه فاصابه الحزن والغضب ولذلك حاول بالقوة الحصول على وديعته. عندئذ وللاسف رأينا القضاء تحرك ليحاكم المواطن اللبناني المسكين في حين صمت واخذ موقع المتفرج او المتآمر عندما هرب حيتان المال اكثر من 18 مليار دولار من المصارف اللبنانية منذ عام 2019 الى الخارج كما نقلت المنظومة السياسية الفاسدة اموالها المنهوبة الى الخارج ايضا. وعملية تهريب الاموال هذه ادت الى ازمة نقدية ومالية لا مثيل لها دفع ثمنها وحده المواطن الفقير ومن الطبقة الوسطى. بيد ان الليرة اللبنانية بدأت تنهار وتفقد قيمتها شيئا فشيئا الى ان اصبح اليوم الدولار الواحد يساوي 24 او 23 الف ليرة لبنانية.
المواطن المسكين الذي اراد الحصول على وديعته ومثله كثيرون يتم جره الى السجن ويصبح القضاء يصدر احكاما وقرارات على اناس يريدون اخذ جنى عمرهم ولكن القضاء لا يفتح تحقيقا واحدا مع اصحاب الذين هربوا الملايين من الدولارات الى الخارج ولا احد يستطيع ان يطالهم. انه امر محزن ان يكون هناك صيف وشتاء على سطح واحد في لبنان. في الحقيقة هذا الامر ليس بجديد على الواقع اللبناني بل هو جزء لا يتجزأ من لبنان الذي يستشري فيه الفساد والمحسوبيات وحكم الاقوياء وسحق الضعفاء فلا قيمة للقانون والعدل. هذا اللبنان الذي ذكرناه لم نعد نريده ولم نعد نقبل ان تحكم هذه الطبقة الفاسدة التي هي المظلة للقضاء القوي على الضعيف فقط. وهذا القضاء الذي يستقوي على مواطن عادي ويصمت امام انتهاكات وارتكبات اصحاب النفوذ ايضا لا نريده بعد الان ذلك ان الناس قالت كلمتها في 17 تشرين وستقولها مجددا في الانتخابات النيابية المقبلة بأن لبنان القديم مات بالنسبة لنا ولا يمكنه ان يعيش لانه يجسد الفساد والطعن بالدستور والسرقة والدوس على القانون وتعطيل المؤسسات لمصالح السياسيين. نعم ننتظر بصبر نافد موعد الانتخابات النيابية لكي نصوت للتغيير الحقيقي والجدي ولنصوت للقضاء العادل ولنصوت للبنان الجديد.
فكم من مواطن لبناني ظلم واذل وهدرت حقوقه امام هكذا قضاء لا يستعمل صلاحياته الا على الفقراء والبسطاء و»الاوادم» الذين لا نفوذ لهم. والحال ان هذا المسار القضائي كان هو بداية الاهتراء الذي وصلت عدواه الى المؤسسات الاخرى لان البلد الذي فيه قضاء لا يعمل على ارساء موازين الحق والعدل لن يصبح يوما وطنا. من هنا مع التغييرات التي طرأت على لبنان ومع الانتفاضة التي قام بها اللبنانيون سيكون اول المطالب في لبنان الجديد ارساء قضاء عادل يبعث بالطمأنينة في نفوس الناس فلا احد فوق سقف القانون والجميع يحاسب وفقا لما فعله.
الامس واليوم وغدا سنطالب دائما بقضاء عادل لا يستقوي على «الاوادم» والمساكين واصحاب الحق في حين يهمل ويصمت امام الممارسات الخاطئة لاصحاب النفوذ. نعم نريد قضاء يحتكم بالعدل والحق ولا يميز بين ابناء الوطن الواحد فيتساوى الفقير والغني امام القضاء وكلمة الحق تكون هي الكلمة الحاسمة.