الحريري دلع … بنكهة الابتزاز السياسي ؟!
قدم اعتذاره عن تشكيل الحكومة ووقع مرسوم تكليف ميقاتي لتشكيل الحكومة الذي دبر بليل سبق الاعتذار بأسابيع ، تحدث بمقابلة متلفزة عن أسباب الاعتذار والعراقيل التي واجهها رمى بالمسؤولية على الجميع حلفاء وخصوم وأصدقاء ، مصنفاً نفسه المضحي لاجل الوطن والزاهد بالحكم وثروته لمصلحة البلد ..
غادر سعد الحريري لبنان متخلياً كعادته عن المسؤولية السياسية والاقتصادية التي أوصلت الى مع اخرين للانهيار والتحلل بالدولة والنظام ، وتخلى ايضاً وليست المرة الاولى عن شارعه وبيئته دون حصانة او حضانة او حماية لها بوجه عواصف محلية واشتباك اقليمي كانت بيئته ركناً اسياسياً فيه على مدى ١٧ عام بفعل ولاء الحريرية لمحور الخليج وبفعل إقصاء السعودية لزعامة التيار الأزرق ورفع الدعم الكامل عنه ..
وعندما قرعت طبول الانتخابات النيابية عاد اسم وحجم سعد الحريري للتداول بمنصات الصرف السياسي والانتخابي ، وعادت القوى السياسية التي اعتبرت باعتذاره عن تشكيل الحكومة انتهاء مفعول الحريرية السياسية داخليا ً وإعدامها سعودياً من قبل ولي العهد السعودي شخصياً وبشكل حاسم وجازم وحكم مبرم لا يقبل الاستئناف او التمييز ، هذه القوى تقدمها الحزب التقدمي والقوات والتيار العوني ، منهم من أعاد حرارة التواصل مع الشيخ سعد ومنهم من طالبه بالعودة للمعادلة الانتخابية؟ وحدها القوات اعلنت الوراثة السياسية للحريري بالانتخابات استكمالاً لمسار موقفها من اختطافه بالرياض عام ٢٠١٧ والانقلاب الكامل عليه عقب انتفاضة ١٧ تشرين وحتى تاريخ اعتذاره عن تشكيل الحكومة قبل اشهر ..
بالمقابل لا يزال الثنائي الشيعي يرى سعد الحريري الخيار السني الاول الذي لا بديل عنه حالياً ، ولا تخفي كواليس الثنائي خشيتها من فراغ سياسي على الساحة السنية لشخصيات متطرفة ذات ارتباط خارجي متعدد ومتشعب وأخرى مرتبطة بمجتمع مدني ذات ارتباط امريكي صرف ..
لكن ماذا عن سعد الحريري نفسه ، وعن ما يرشح عن نيته العزوف الشخصي عن الانتخابات او العزوف الكامل لتياره ، خصوصا وان التيار يشهد حالة ارتباك وتشتت على مستوى القيادة وليس فقط على مستوى الشارع ، خصوصا الاختلاف الواضح بالأسلوب والإدارة بين نائب رئيس التيار مصطفى علوش وبين امين عام التيار احمد الحريري ، وانشقاق صقور التيار لتيارات كما هو حال احمد فتفت الذي أوكل اليه قبل عام اجراء مؤتمر تنظيمي للتيار انتقل اليوم لحنين لقاء قرنة شهوان وسيدة الجبل عبر تأسيسه المجلس الوطني لمواجهة ما يعتبره الاحتلال الإيراني ، كذلك الامر اتخذه نهاد المشنوق ، وبرز أيضا ً عودة فؤاد السنيورة للمشهد السياسي حاملاً خطاب وعناوين خارج اطار نادي رؤساء الحكومات وتيار المستقبل …!؟
فهل سعد الحريري جدي بقرار العزوف وانهاء التيار سياسياً ؟ ام انه رضخ لقرار خليجي امريكي فرنسي بقيادة السعودية لنقل وتسليم الزعامة الحريرية لشقيقه بهاء مع حرسه الجديد واستبعاد بهية الحريري وفريقها وعودة السنيورة وفتفت وريفي للتيار بقيادة بهاء..!؟
اما ان سعد الحريري يقوم حالياً بعملية دلع سياسي مدروس ومحسوب يسعى من خلاله لفرض سلة شروط سياسية واقتصادية على الحلفاء والخصوم تتعلق بالحكومة ما بعد الانتخابات وسياستها المالية والخارجية ، وتثبيت اتفاق الطائف وعدم المس به ، بالاضافة الى الاتفاق على رئاسة الجمهورية وعدم المس بمكتسبات النظام المالي للدولة الذي أسسه رفيق الحريري وبالتالي وقف كل ما له صلة او علاقة بطرح اَي تدقيق جنائي مالي؟!
كل هذه الخيارات عند ومع وحول سعد الحريري مطروحة ؟لكن مدة المناورة بالدلع والابتزاز السياسي لم تعد طويلة ، ولديها حد أقصى لتحديد خياراتها وهو ١٤ شباط اَي قبل أربعة اسابيع فقط من اقفال باب الترشيحات للانتخابات النيابية …؟!
عباس المعلم / كاتب سياسي