التنظيمات الفلسطينية في لبنان يمكن أن تقرّب إسرائيل وحزب الله من جولة قصيرة
هآرتس”
عاموس هرئيل – محلل عسكري
منذ عملية “حارس الأسوار” في قطاع غزة لم تعرف الحدود الشمالية الهدوء تقريباً. إذ أُطلقت الصواريخ على إسرائيل ثلاث مرات من لبنان ومرتين من سورية، خلال العملية في أيار/مايو، وثلاث مرات منذ نهاية تموز/يوليو. معظم عمليات إطلاق الصواريخ نُسب إلى تنظيمات فلسطينية. في المرة الأخيرة يوم الجمعة الماضي أعلن حزب الله مسؤوليته عن إطلاق 19 صاروخ كاتيوشا على مزارع شبعا وهضبة الجولان. ومع هذا كله هناك لغز: ماذا يجري في مثلث حزب الله، والفصائل الفلسطينية في لبنان، والميليشيات التي تشغلها إيران في سورية؟ مَن يطلق الصواريخ، ومَن يوجه التعليمات، ومَن يوافق؟
الاستخبارات العسكرية بدأت بتفكيك اللغز الذي كان يفتقر إلى كثير من المعلومات. إطلاق الصواريخ من لبنان، باستثناء الأخير، المسؤول عنه الفلسطينيون – على ما يبدو من منطقة مخيمات اللاجئين في ضواحي مدينة صور. لكن ثمة شك في أن المقصود خلية محلية فقط، وربما يعود إلى تنظيم له علاقة بـ”حماس”. منذ نحو 8 أعوام وقبل عملية “الجرف الصامد” كان التقدير أن “حماس” تُقيم بنية تحتية في المخيمات في لبنان تسمح لها بفتح جبهة إضافية بواسطة إطلاق صواريخ متفرقة في أثناء المواجهة في القطاع. بعد مرور عامين على ذلك جُرح ناشط رفيع المستوى في “حماس” في لبنان جرّاء تفجير سيارته، يومها اتهمت الحركة إسرائيل بذلك.
الآن، يبدو أن العمليات تجددت. ليس من الواضح بعد ما إذا كان لهذه العمليات علاقة بقيادات “حماس” في أماكن أُخرى، مثل تركيا وقطر أو غزة، وإلى أي حد توجد علاقة للإيرانيين بما يجري هنا. ليس من المستبعد أن تظهر بصمات إيرانية في هذه الخطوات التي من المحتمل ألّا يكون حزب الله متورطاً فيها مباشرة. فيلق القدس التابع للحرس الثوري لديه حالياً نشطاء وقيادة في بيروت، لذا من السهل عليه استخدام مثل هذه العملية من دون المرور بحزب الله.
بالنسبة إلى إسرائيل، يوجد هناك تحدٍّ مزدوج: أولاً، الاستخبارات لم تهتم حتى الآن بمراقبة الشبكات الفلسطينية في لبنان ويجب عليها أن تجمع معلومات عنها إذا تبين أنها تشكل مصدراً لخطر محتمل. ثانياً، تشابُك العلاقات والمصالح بين عناصر القوى المختلفة يجعل الأمر أكثر تعقيداً، ولا يعود حزب الله هو المسؤول الوحيد. في ظروف قصوى يمكن للعمليات الفلسطينية أن تسرّع الصدام بين حزب الله وإسرائيل، في فترة يعاني لبنان الذي عرفناه انهياراً داخلياً. بالنسبة إلى قيادة الشمال، النتائج العملانية واضحة: من المحتمل حدوث وضع تتدهور فيه إسرائيل وحزب الله إلى خوض “عدة أيام قتال” يجري خلالها تبادُل كثيف للنيران من دون أن تؤدي الأمور إلى تصعيد يصل إلى حرب شاملة.
إطلاق حزب الله الكاتيوشا في الأسبوع الماضي يُعتبر رداً للحزب على الهجوم الإسرائيلي حين قصفت طائرات سلاح الجو الحربية الطريق المؤدية إلى بلدة العيشية في الجنوب اللبناني، رداً على إطلاق صواريخ قام به فلسطينيون. بالنسبة إلى الحزب، هذه خطوة بعيدة المدى، لكن الأمين العام للحزب حسن نصر الله عرض خطاً ظهر فيه ضبط النفس في خطابه في نهاية الأسبوع الماضي، ويبدو أن إسرائيل أيضاً تفضّل في هذه الأثناء طي الصفحة والمضي إلى الأمام بعد أن اكتفت بردّ محدود.
*النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع*