عراب «المجتمع المنفتح» ومنتج الـ NGOs
الأخبار- علي مراد
تزوّج سوروس وطلّق مرتين. لديه خمسة أولاد، ثلاثة من زواجه الأول (روبرت، أندريا وجوناثان) واثنان من زواجه الثاني (ألكسندر وغريغوري). الابنان الأكبر سناً متزوجان ويعملان في إدارة صندوق سوروس. الأول طالب دراسات عليا في التاريخ ونشط أخيراً في الأعمال الخيرية وخاصة في القضايا اليهودية.
تأسّست فلسفة سوروس ونظرته لـ«العمل الخيري»، بشكل واضح، في مفهوم الفيلسوف كارل بوبر عن «المجتمع المنفتح». بالنسبة إلى بوبر، «المجتمع المنفتح» هو حالة يولد فيها الأفراد الذين يتمتّعون بفرص متساوية للوصول إلى المعرفة والحكمة لإنشاء مجتمع إنساني وقوانين من أجل الحفاظ على الحريات السياسية وحقوق الإنسان. في المقابل، فإن «المجتمعات المنغلقة»، مثل الديكتاتوريات، تقيّد المعرفة وتفرض الامتثال لها من خلال ما تدّعي بأنه حقائق عالمية، ومن ثم بالوسائل القانونية والثقافية.
اعتنق سوروس مفهوم «المجتمع المنفتح»، لكنّه أعرب عن اعتقاده بأنّ التقنيات الحديثة للتلاعب السياسي الجماعي قوية للغاية بحيث لا يمكن التغلّب عليها بسهولة. ويبدو أنّ جزءاً من هذا الاعتقاد مؤسَّس في تجربته الشخصية ولكنه أيضاً فلسفي. لذلك استخدم سوروس مفهوماً يسميه «الانعكاسية» كوسيلة لفهم ومعالجة الظواهر البشرية، من السياسة الجماهيرية إلى الاستثمار والعمل الخيري». يرى سوروس أنّ البشر معرَّضون للخطأ حتماً، ما يعني أنّ «لديهم معرفة وعقلانية محدودتين»، في حين أنّ الواقع بطبيعته غير مستقر وغير مرن. بالنظر إلى ما تقدّم، فإن بعض الادّعاءات ليست بالضرورة صحيحة أو خاطئة ولكنها قد تكون «انعكاسية». لذلك يعتبر سوروس أنّ التصوّرات البشرية والنظرية قد تكون «غير كافية لإجراء تقييمات صحيحة»، أو قد يكون الإدراك خاطئاً ببساطة، لكنّ عملية التقييم تخلق حلقات تغذية راجعة لها تأثير على الواقع. ولأنّ الفكر البشري يؤثّر على الأحداث، يُعد خلق الوعي وتشكيل الأحداث من خلال المشاركة «المستنيرة» أمراً جوهرياً في نظرية سوروس عن «الانعكاسية».
بدأت جهود سوروس الخيرية عام 1979 بدعم الطلاب في جنوب أفريقيا والمنشقّين في الاتحاد السوفياتي. تبعت ذلك جهود خيرية فردية وإنشاء مؤسسات في المجر وبولندا والاتحاد السوفياتي. عام 1993 تعاقد مع آريه نيير، مدير منظّمة هيومن رايتس ووتش آنذاك، لإخضاع «مؤسسات المجتمع المنفتح» الصاعدة لقواعد أكثر صرامة، عبر السيطرة والإشراف على «معهد المجتمع المنفتح»، المشروع البيروقراطي الهائل والمكثّف. بعدها شرع في تأسيس مؤسّسات بشكل منهجي في أوروبا والاتحاد السوفياتي السابق، وثبّت قيادات محلية لهذه المؤسسات، كما أطلق برامجه في الولايات المتحدة ابتداءً من منتصف التسعينيات.
في مقابلاته الصحافية، يتّضح موقف سوروس النقدي تجاه العمل الخيري عندما يقول: «هناك شيء متناقض بطبيعته في الإيثار. عندما تتبرّع بالمال، فإن المتلقّين يداعبونك ويفعلون كل ما في وسعهم لجعلك تشعر بالرضا، وبالتالي فإنّ التناقضات تحجبها طبقة سميكة من النفاق. هذا ما يجعلني متخوفاً من العمل الخيري. تضع الأسُس والقواعد للتمويل ويجب على الآخرين أن يلتزموا بها. يمكن للمتقدِّمين بطلبات التمويل بالطبع أن تكون لهم طريقتهم الخاصة: يمكنهم إخبار المؤسسة بما تريد سماعه ثم المضي قدماً في فعل ما يريدون القيام به».