البشر والمال ورأس المال
د. شريف نورالدين
هي الحياة وما فيها في كل مخلوق كيف يعيش ويتأقلم على هذا الكوكب، في البر والبحر والجو، من شجر وبشر وطير ومن الاسماك حتى الحيتان والحيوان…
تعددت أشكال الخلق واختلفت، من حيث الحجم والطبيعة والبيئة، كما تختلف في مضمونها من حيث تكوينها وتركيبتها وقدراتها، وأيضا اختص الخالق منها بالفطرة وشارك بعضها بالغريزة وميز اخر بالعقل…
هو الانسان الحيوان الناطق، الذي لا يختلف عن حب الامتلاك والسيطرة عن سائر الحيوانات بشئ، فمعظم البشر لديهم غريزة التسلط في التحكم والاستعباد والهيمنة، كما في حبه لافتراس كل شئ من حوله في البيئة والطبيعة والثروات الظاهرة والدفينة على شتى أنواعها.
تحت مسميات الضرورة في العيش والاستمرار في الحياة، والغاية تبرر الوسيلة في تحسين النمط ورعاية الجسد ورفاهية السلوك والمذاج، والحاجة ام الاختراع، حتى وصل الانسان في هذا الزمن لامتلاك الهواء والسيطرة على الفضاء من خلال العلوم والتكنولوجيا، كما استغل العلم والمعرفة للهيمنة والاحتكار والاستغلال والاستثمار والاستعمار والاستعباد وصولا للانحدار، والابتعاد عن القيم الانسانية، تحت مبتغيات الربح والخسارة، ولم يكتفي بل اكمل في افتراسه للطبيعة والبيئة وما تحتويها، حتى بات العالم يعيش تحت تهديد تغير المناخ والدخول في عصر الاوبئة والفيروسات المميتة ولا سبيل لهم للخروج مما وصل اليه كوكبنا وعالمنا لأنهم لا زالوا يمتلكون نفس الغريزة والنمطية الفكرية ذاتها، و من المؤكد تاريخيا وحتى الان افتراس الحيوان والمال والانسان، واليوم وصل بهم الأمر لافتراس الكواكب والسيطرة على الفضاء، بعد القضاء على الحجر والفتك في الذرات والتعدي على الخليات واللعب في الجينيات على أبواب الألفية الثالثة…
لذلك لا بد من لمحة سريعة للتعرف على الانسان ورأس المال ومؤسسات التحكم في المال والناتج القومي لبعض البلدان وباختصار…
- الانسان:
ان الفطرة هي ما جبل عليها الإنسان، وهي أول ما عرف وما أحس بها من خلال مشاعره نحو حب الحياة والبقاء .
ولد ابن آدم على فطرة الإنسانية , وهذه الفطرة تميل به نحو حب المال, و حب الحياة , وحب الملكية , و حب الزوجة أو الزوج , و حب الولد وغيره…
وفطرة الخوف لديه للدفاع عن نفسه من اي تهديد له ، وامتلاكه أيضا فطرة النسيان لاستمراره في العيش وعدم الوقوع بالياس، كما تعد الفطرة من الخواص الإنسانية فقط فليس للحيوان فطرة، ولكن الغريزة يشترك فيها الانسان والحيوان.
إذا فهناك اشياء قد فطر الإنسان ليكمل بقاءه، واشياء لتنظم طرق حياته، وآخرى لتميزه عن الحيوان.
- المال:
يعدّ المال بشكل ما جزءاً من التاريخ البشري لما لا يقل عن 3000 سنة ماضية. وقبل ذلك الوقت تفترض معظم الأبحاث بأن في تلك العصور كانت تقومُ عمليات التبادل التجاري بين الأفراد والتجمعات السكانية بموجب عقود التجارة الحجرية، والتي عُرفت فيما بعد بأعمال المقايضة، حيث كانت السلعُ هي الثمن أيضاً ، فيقوم البيعُ على سلعةٍ ودفعُ قيمتها بسلعةٍ أو خدمةٍ أخرى ، وبذلك يكون المشتري قد سدّد الثمن، وتتمثل ماهيّة المقايضة بكونها تجارة مباشرة للسلع والخدمات. -
النقود المعدنية والعملات:
في فترة حكم ألياتس ملك ليديا(610ق.م – 560ق.م)تم صك أول عملةٍ رسمية، وكانت مصنوعة من الالكتروم وهو خليط من الفضة والذهب يحدث بشكل طبيعي، وتم ختمها مع صور تمثل فئات العملات، وبالتالي ساهمت هذه العملة بزيادة تجارة البلد الداخلية والخارجية ما جعلها أغنى إمبراطورية في آسيا الصغرى، ومن المُثير للاهتمام أنه حين يُقال على شخص غني إنه شبيه بكروسيوس فهذه إشارة منهم إلى ملك ليديا الأخير الذي صكّ أول قطعة نقود ذهبية.
وعندما بدأت ليديا بأخذ زمام المبادرة لتطوير العملة في عام 600 قبل الميلاد كانت الصين تنتقل من القطع النقدية المعدنية إلى الأوراق المالية وبحلول وقت زيارة ماركو بولو عام 1200 ميلادي كان الإمبراطور له سيطرة جيدة لكل من الكتلة النقدية وتنوع فئاتها وفي المكان الذي يكتب فيه على الأوراق المالية الأمريكية عبارة (باسم الله الذي نثق به) فإن عبارة النقود الصينية كانت تحذر بأن (كل مزوِّر للعملة سيقطع رأسه).
- نشأة العملة الورقية:
استمر الأوروبيون باستخدام القطع النقدية المعدنية لغاية عام 1600 بفضل عمليات الاستحواذ على المعادن الثمينة من المستعمرات للحفاظ على صك المزيد والمزيد من النقود، وفي نهاية المطاف بدأت البنوك باستخدام أوراق نقدية للمودعين والمقترضين لحملها بدلاً من القطع النقدية المعدنية هذه الأوراق النقدية كان من الممكن أخذها إلى البنك في أي وقت وتبديلها بقيمة تقابلها من القطع النقدية الذهبية أو الفضية وكانت الأوراق المالية تستخدم لشراء البضائع وتشغيلها مثل كثير من العملات اليوم لكنها صدرت من قبل البنوك والمؤسسات الخاصة وليس من قبل الحكومة التي هي الآن مسؤولة عن إصدار العملة في معظم البلدان. -
رأس المال:
في القرنين السادس عشر والسابع عشر كان مصطلح رأس المال يستخدم للدلالة على أحد معنيين:
مجموع الأموال المستخدمة لشراء السلع بقصد بيعها للحصول على الربح. أومجموع الأموال والموجودات المادية ذاتها، وبهذا المعنى يشمل مصطلح رأس المال المضمون النقدي أو السلعي.
مع تطور علم الاقتصاد أصبح تعبير رأس المال يستعمل مصطلحاً اقتصادياً للدلالة على:
- الأموال الرأسمالية أي رأس المال الثابت المتمثل في المصانع والمباني والآلات والتسهيلات الخدمية أي تلك التي تستخدم لإنتاج الخيرات الاقتصادية.
-
الأموال الدائرة أو رأس المال العامل المتمثل في السلع والخدمات التي تدخل في الإنتاج مرة واحدة، وتنقل قيمتها إلى المنتج الجديد.
وفي الوقت الحالي أصبح تعبير رأس المال يستخدم بتفرعات مختلفة تبعاً لطبيعة الاستخدام ومجالات العمل: رأس المال الاجتماعي ويمثل الأموال المستخدمة لتلبية الحاجات العامة مثل الطرق والمدارس والمشافي وغير ذلك. ويسمى بالبنية التحتية، رأس المال البشري ويتمثل في مجموع العاملين في إنتاج الخيرات السلعية والخدمات في اقتصاد معين، رأس المال المالي وهي الأموال العاملة في مجالات التمويل، الرأسمال التجاري، الصناعي، العقاري (بحسب القطاعات التي يعمل بها)، الرأسمال المادي (المتجسد في وسائل مادية) ورأس المال غير المادي الذي لا يتجسد في موجودات مادية مثل المعارف والمهارات والخدمات. في عصر الثورة التقنية يعد رأس المال غير المادي المتمثل في المعرفة والمهارات أفضل أنواع رؤوس الأموال التي تولد القيمة المضافة. وإضافة إلى كل هذه الأنواع هناك تسميات جديدة مثل الرأسمال الوطني الذي يشمل الموجودات القابلة لإعادة الإنتاج(المباني والآلات) وتلك غير القابلة لإعادة الإنتاج (الأرض والثروات الباطنية) في بلد معين، يضاف إليها صافي الديون المستحقة لهذا البلد على العالم الخارجي. وبهذا المعنى يكون الرأسمال الوطني مرادفاً للثروة الوطنية.
ولعل أهم تسمية للرأسمال في الوقت الحالي هو الرأسمال المخاطر وهو رأس المال المستثمر في مجال يتعرض فيه للخطر مثل خطر الإفلاس وغالباً ما يكون الرأسمال المستثمر في الإنتاج رأسمالاً مخاطراً لما قد يتعرض له من مخاطر الخسارة.
- تراكم رأس المال: الديناميكية التي تحفز السعي وراء الربح، من خلال استثمار المال أو أي أصل مالي بهدف زيادة القيمة النقدية الأولية لذلك الأصل كعائد مالي سواء في شكل ربح أو إيجار أو فائدة أو إتاوات أو مكاسب رأسمالية. يهدف تراكم رأس المال إلى إنشاء رؤوس أموال جديدة ثابتة وعاملة، وتوسيع رؤوس الأموال القائمة وتحديثها، وتنمية الأساس المادي للأنشطة الاجتماعية الثقافية، فضلًا عن تكوين الموارد اللازمة للاحتياطي والتأمين.
تشكل عملية تراكم رأس المال الأساس الذي تقوم عليه الرأسمالية، وهي واحدة من السمات المميزة للنظام الاقتصادي الرأسمالي. -
البنك الدولي: هو أحد الوكالات المتخصصة في الأمم المتحدة التي تعنى بالتنمية. وقد بدأ نشاطه بالمساعدة في إعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية وهي الفكرة التي تبلورت خلال الحرب العالمية الثانية في “بريتون وودز” بولاية نيو هامبشير الأمريكية، ويعد الإعمار في أعقاب النزاعات موضع تركيز عام لنشاط البنك نظرا إلى الكوارث الطبيعية والطوارئ الإنسانية، واحتياجات إعادة التأهيل اللاحقة للنزاعات والتي تؤثر على الاقتصاديات النامية والتي في مرحلة تحول
-
مجموعة البنك الدولي: هي مجموعة مؤلفة من خمس منظمات عالمية، مسؤولة عن تمويل البلدان بغرض التطوير وتقليل إنفاقه، بالإضافة إلى تشجيع وحماية الاستثمار العالمي. وقد أنشئ مع صندوق النقد الدولي حسب مقررات مؤتمر بريتون وودز، ويشار لهما معا كمؤسسات بريتون وودز. وقد بدأ في ممارسة أعماله في 27 يناير 1946.
يأخذ عدد من المُفكّرين والباحثين على البنك وصندوق النقد الدوليين أنهما يعملان لخدمة “النظام العالمي الجديد” و”الشركات عابرة القوميات”. ويعتبر الكاتب الأميركي نعوم تشومسكي أن هذه الشركات هي أحد أبرز دوائر النفوذ التي تتحكّم في هذا النظام العالمي وتعمل عليه.
- ترتيب أكبر الاقتصادات في العالم لسنة 2021:
الدولار ناتج المحلي الاجمالي:
1الولايات المتحدة الامريكية22.675 تريليون دولار
2الصين16.642 تريليون دولار
3اليابان5.378 تريليون دولار
4المانيا4.319 تريليون دولار5
المملكة المتحدة3.124 تريليون دولار
6الهند3.049 تريليون دولار
7فرنسا2.938 تريليون دولار
8ايطاليا2.106 تريليون دولار
9كندا1.883 تريليون دولار
10كوريا الجنوبية1.806 تريليون دولار
11روسيا1.710 تريليون دولار
12استراليا1.617 تريليون دولار
13البرازيل 1.491 تريليون دولار
14اسبانيا1.461 تريليون دولار
15المكسيك1.192 تريليون دولار
16اندونيسيا1.158 تريليون دولار
17هولندا1.012 تريليون دولار
18سويسرا824 مليار دولار
19المملكة العربية السعودية804 مليار دولار
20تركيا794 مليار دولار
21تايوان759 مليار دولار
22ايران682 مليار دولار
23بولندا642 مليار دولار
24السويد625 مليار دولار
25بلجيكا578 مليار دولار
26تايلاند538 مليار دولار
27نيجيريا514 مليار دولار
28النمسا481 مليار دولار
29ايرلندا476 مليار دولار
30اسرائيل446 مليار دولار
31النرويج444 مليار دولار
32الارجنتين418 مليار دولار
33الفلبين402 مليار دولار
34الامارات العربية المتحدة401 مليار . -
رأس المال البشري:
مشروع رأس المال البشري هو جهد عالمي يستهدف تسريع وتيرة زيادة الاستثمارات في البشر كماً وكيفاً من أجل تعزيز العدالة والنمو الاقتصادي. وحتى يناير/كانون الثاني 2021، يعمل 79 بلدا على كل مستويات الدخل مع مجموعة البنك الدولي على تحديد النُهج الإستراتيجية لتحقيق التحوُّل المطلوب في نواتج رأس المال البشري لديها. -
حالة رأس المال البشري في عالمنا اليوم:
رغم تحقيق مكاسب غير مسبوقة في مجال التنمية البشرية على مدى السنوات الخمس والعشرين الماضية، لا تزال هناك تحديات خطيرة لاسيما بالنسبة للبلدان النامية.
في عام 2019، كان هناك أكثر من طفل من بين كل 5 أطفال صغار يعانون بسبب نقص التغذية (مع انخفاض الطول بالنسبة لسنهم – وهو مؤشر تحذيري من خطر وجود قصور في النمو البدني والإدراكي) (تقديرات سوء التغذية المشتركة لليونيسف ومنظمة الصحة العالمية والبنك الدولي 2020). وقد تؤدي هذه الجائحة العالمية الحالية إلى ارتفاع عدد الأطفال الذين يعانون من القصور.
هناك أزمة في التعلُّم تعوق تقدُّم العديد من البلدان. وتُظهر البيانات أن سنوات التعلُّم التي يحصل عليها الأطفال في بعض البلدان تقل بصورة كبيرة عن بلدان أخرى رغم استمرارهم في الدراسة لنفس المدة الزمنية. ويتفاقم هذا الوضع بسبب جائحة كورونا – مع تسرب العديد من الأطفال من التعليم وفقدانهم التعلم.
ينفق الناس في البلدان النامية نصف تريليون دولار سنويا – أكثر من 80 دولارا للشخص الواحد – من أموالهم الخاصة للحصول على الخدمات الصحية، وتلحق هذه المصروفات أشد الضرر بالفقراء. كما تسببت جائحة كورونا في اضطرابات كبيرة في الخدمات الصحية الأساسية بما في ذلك التطعيمات الروتينية والرعاية الصحية للأطفال.
في بلدان العالم الأشدّ فقرا، لا تغطي شبكات الأمان الاجتماعي أربعة من بين كل خمسة فقراء، وبالتالي يكونون معرَّضين بشدة للمعاناة وقابلية التأثر بالصدمات.
يموت حوالي 300 ألف طفل سنويا من جراء الإصابة بالملاريا التي ترتبط بعدم توافر مياه صالحة للشرب وخدمات الصرف الصحي.
ويظهر الإصدار الأول من مؤشر رأس المال البشري ، الذي نشرته مجموعة البنك الدولي في أكتوبر/تشرين الأول 2018، وتم تحديثه في 2020 أن إنتاجية نحو 60% من الأطفال المولودين اليوم ستبلغ في أحسن الأحوال 50% فقط عندما يكبروا مقابل نسبة إنتاجية كاملة اذا تمتعوا بقدر كامل من التعليم والصحة الجيدة (استنادا إلى المؤشر، انظر السؤال 5). ويعكس ذلك أزمة خطيرة في رأس المال البشري لها تداعيات شديدة على النمو الاقتصادي، والقدرة الجماعية للعالم على إنهاء الفقر المُدقِع بحلول عام 2030.
وهذه الفجوات في رأس المال البشري مرشحة للاتساع في ظل التغيُّرات العالمية السريعة في التكنولوجيا، والخصائص السكانية، وأوضاع الهشاشة، والمناخ. ويمكن أن يكون لأحداث الصراعات والأوبئة والجوائح أثر مدمر على رأس المال البشري بسبب الخسائر في الأرواح، وفقدان سبل كسب العيش، وسوء التغذية، والتوقف عن تقديم الخدمات الصحية والتعليمية الأساسية. ومن المرجح أن يكون لهذه الآثار صدى على مدى أعمار العديد من الأفراد، مما يقيد من إنتاجيتهم…
- خلاصة:
يعد آدم سميث المُنظِّر الأول لما نشير إليه عادة باسم الرأسمالية. وفي كتابه الذي ألفه عام 1776 تحت عنوان تحقيق في طبيعة وأسباب ثروة الأمم (An Inquiry into the Nature and Causes of the Wealth of Nations)، براي سميث أنها في إطار نظام مستقر للتجارة والتقييم، سوف يستجيب الأفراد إلى حافز كسب المزيد عن طريق تخصيص إنتاجهم. وفقا لقوله سوف يقوم هؤلاء الأفراد بشكل طبيعي، دون تدخل من الدولة، “بتوجيه … هذه الصناعة بهذه الطريقة لأن إنتاجها قد يكون ذا قيمة كبيرة”. وهذا من شأنه تمكين الاقتصاد ككل ليصبح أكثر إنتاجية، وبالتالي أكثر ثراء. وأشار سميث إلى أن حماية بعض المنتجين سوف يؤدي إلى إنتاج غير كفء، وأن الاكتناز القومي للنقود (أي النقدية في شكل عملات) لن يؤدي إلا إلى زيادة في الأسعار، في مناقشة مماثلة لما قدمه ديفيد هيوم. وأصبح العلاج المنهجي لكيفية تبادل السلع أو السوق، والذي من شأنه أن يخلق حوافز للعمل في إطار الصالح العام، أساسًا لما أطلق عليه الاقتصاد السياسي ولاحقًا الاقتصاد. كما كان أيضًا الأساس لنظرية القانون والحكومة، والتي ستحل تدريجيًا محل نظام الاتجارية الذي كان سائدًا في ذلك الوقت.
وعلى الرغم من أنه يوصف باسم “أبو الرأسمالية والاقتصاد”، فإن آدم سميث نفسه لم يستخدم قط مصطلح “الرأسمالية”. ووصف النظام الاقتصادي المفضل لديه باسم “نظام الحرية الطبيعية”. ومع ذلك، عرَّف سميث “رأس المال” بالأوراق المالية، و”الربح” بتوقع الاحتفاظ بالإيرادات من جراء التحسينات التي أدخلت على المخزون. ورأى سميث أيضًا أن تحسن رأس المال هو الهدف المركزي السليم للنظام الاقتصادي والسياسي.
وهناك فرق كبير بين منظور آدم سميث للاقتصاد ونظرية الرأسمالية الحالية المعاصرة، وهذا الفرق يتمثل في أن آدم سميث يرى القيمة كناتج للعمل، وبالتالي تدخل في إطار نظريات قيمة العمل، والتي استخدمها جميع الاقتصاديين بشكل أساسي حتى أصبحت نظريات قيمة العمل رئيسية في الفكر الماركسي.
لقد عاشت الراسمالية مراحل مختلفة منذ نشأتها والاعتراف والاقرار والعمل بها بعد زمن الاتجارية، بدء بالتدويل وبعدها التدوير حتى التحرير لرأس المال ورسملته، وما زالت تعيش رغم علتها وشيخوختها وتجاوز ازماتها، لكنها تتجه فس هذا الزمن نحو الموت السريري، واستمرارها وبقائها، هو بسبب ايجاد البديل عنها أو الأفضل منها…
طبعا وفي نفس الوقت كان رأس المال البشري يعيش مراحل مختلفة مع التقدم العلمي والمالي والاقتصادي كالتالي:
- مرحلةاستعباد البشر في زمن الاتجارية والتاريخ يشهد على ما حصل في شعوب إفريقيا من استعباد لهم، وقتل معظم اصول شعوب القارة الأميركية من الهنود الحمر ابان استعمار أميركا بعد اكتشاف القارة من قبل الاوروبيين.
-
مرحلة تحرير البشر في زمن تدويل الحكومات والأنظمة السياسية لرأس المال والعملات من خلال مفهوم الديمقراطية والليبرالية، والتي بدأت الديمقراطية تفقد ديمقراطيتها وأهل الليبرالية اصحاب رؤوس الاموال سلطتهم ونفوذهم، كما وشعارات حرية الرأي والتعبير والفكر والدين وحقوق الإنسان والعدل والمساواة والملكية الفردية والناس مصدر السلطات…
كما وجعلت من المجتمعات البشرية يعتقدون من خلال هذه المسميات، قد نالوا الحرية المنشودة والحضارة المأمولة وتحقيق أحلامهم المهدورة وأنهم أصحاب الحكم والسلطة والتشريع والقانون بملء ارادتهم من خلال “الانتخابات والتصويت” وتحت شعار الاغلبية تحكم الاقلية ولو بفارق ٥١ على ٤٩ في المئة، بغض النظر عن الذين لا يصوتون وهم شركاء في الانتخابات في عملية الاحتساب والحاصل والنتيجة، هي “عدالة الديمقراطية” وهذا ما ادى إلى استغلالهم من أصحاب رؤوس الاموال للوصول إلى الحكم والتحكم والتسلط…
وهذا ما حصل في أميركا بعد السماح للبنك الفدرالي بالاستقلالية وتعيين مجلس إدارة له من أصحاب رؤوس الاموال والبنوك الاحدى عشر التابعة له ، والتي مكنهم بالتحكم بالمال وإدارة الاقتصاد العالمي، وخصوصا بعد طباعة العملات والتي هي بالاصل وهم لانها لا تستند عل شيئ من الذهب وغيره، والبدء بتصدير الدولار الى خارج الحدود وتوسيع النفوذ والهيمنة والسيطرة، والتي جعلت ارباحهم تتضاعف بشكل كبير جدا حتى أصبحوا يمتلكون ٥٠ بالمئة من المال النقدي لاميركا، في هذا الوقت، بعد أن حولوا طباعة العملة الوهمية إلى حقيقة وواقع حين امتلاكها وتضاعف الأرباح بشكل هائل من خلال التصدير للدولار…
وهذه السلطة والنفوذ لأصحاب رؤوس الاموال، اتت بعد نهاية الحرب العالمية الثانية واقرار وتنفيذ مشروع “بريتون وودز” عام ١٩٤٤…
- مرحلة تدوير البشر مع تدوير المال ما بعد اتفاقية البترو دولار، والذي أصبح العالم بأسره تحت رحمة هذه المنظومة والدولار.
ولا شك أن العالم عاش في بدايتها مرحلة الازدهار والنمو وتعزيز القدرات وتحقيق بعض من طموحات وامال واحلام بعض المجتمعات على حساب شعوب اخرى، حيث استغلت أصحاب رؤوس الاموال والقدرة والقوة على الهيمنة على الدول الضعيفة وشعوبها وجعلها بلدان مفتوحة لها لنهب الثروات تحت شعار الاستثمار والعولمة وتمركز رأس المال والمركزية العالمية للاقتصاد، مما جعل من العالم من حيث التوظيف والعمل واحدا، مع الفارق الكبير للأجور لليد العاملة ما بين شعوب الدول المتقدمة على حساب شعوب الدول النامية والاختلاف في الكم على حساب العمل والنوع على حساب قيمة الانتاج، وهذا ما شكل للدول المنتجة أن تفتح أسواق الدول الفقيرة لتجعل من شعبها ادوات استهلاك ومستهلكين وعلى حسابهم رفاهية الأخرين…
- مرحلة تدويل البشر مع تحرير راسمال، وهي المرحلة الأخيرة، والتي بدأ عالمنا يعيشها اليوم، بعد استنفار السوق واستهلاك البشر وتراكم الثروات لاصحاب رؤوس الأموال، على حساب البشرية والطبيعة والبيئة وغيرها، والذي أدى إلى تفاوت طبقي وخلل كبير بين المجتمعات من حيث الصحة والتعليم والتغذية والأمن والأمان والسلامة والرعاية والخدمات والاهتمام…
نعم! هو بداية زمن استنفاذ السوق العالمي للدولار وتقلص نفوذه، هو بداية تراجعه وهيمنته عالميا في المدى القريب لان الدولار يعيش على التوسع من خلال ما ارتكز عليه في المنظومة المالية القائمة على مستوى العالم، والتي بدأت تظهر مشاكلها والتباينات بما لديها في الاستقرار النقدي على مستوى أميركا داخليا وخارجيا.
وهذا ما جعل ترامب يطالب بحماية الاقتصاد والقومية الأميركية على حساب الدولار عالميا، ما آثار أصحاب رؤوس الاموال والوقوف والتصدي له، وخسارة ترامب في الانتخابات هو مؤشر كبير جدا بل يؤكد مدى قوة وسلطة ونفوذ أصحاب رؤوس الاموال في اميركا.
وبالطبع هذا ما أدى أيضا لاتخاذ قرار من الحكومة الفدرالية الأميركية التوقف عن طبع الدولار، نتيجة الربح والفائض الذي لا يعود الى الدولة، بل يعود الى اصحاب روؤس الاموال وتكديسها، وأيضا التضخم في السوق والسلع، وهذا ما تعانيه معظم دول العالم…
كل ذلك مما يحصل في أميركا والعالم، من خلل في الاقتصاد وفساد وانحدار، قد بدأت مفاعيله قبل كورونا، والان يبررون فشلهم في إدارة الاقتصاد بسبب الجائحة والفيروس، وهذا غير صحيح، بل الجائحة كانت أسرع منهم في كشف فشلهم وازماتهم، ويكفي المقارنة بين الناتج القومي لاميركا وعجز الموازنة لديها، وأيضا إنتاجها الذي لا يتعدى حاليا ١٨ بالمئة مقابل الاستهلاك لديها الذي تجاوز ٣٥ بالمئة، وهذا ما جعل ترامب يطالب بتقليص الاستهلاك أو مضاعفة الإنتاج، ومن هنا نعرف لماذا تهجم على الصين وهدد شركات كبرى بالعقوبات وبعضها تم معاقبتها وصولا لإلغاء اتفاقية الفضاء الدولية، والتوجه نحو الاستثمار في الفضاء ليكون المتقدم الأول في هذا المجال بعدما شعر بالتهديد لاقتصاد اميركا المأزوم وعجزها المالي التي فاقت ديونها على كل دول العالم…
كما وساهمت الصين في الأزمة الاميركية، في توسعها في السوق العالمي على حساب اميركا، واخر معارك ترامب معها كانت مع شركات المنتجة لشرائح الحاسوب والخلوي والبرمجيات، وايضا الثراع حول برنامج الذكاء الاصطناعي والجيل الخامس للانترنت وغيرها الكثير في مجال السلع والتكنولوجيا .وهذا ما سيؤدي عاجلا ام أجلا إلى تعددية في شتى المجلات حول العالم…
نعم! انها بداية نهاية القيادة الواحدة والتوجه نحو التعددية الريادية للإنتاج للتربع على الأسواق العالمية، في ظل اللانظام الذي سيحكم العالم من تعددية سياسية، اقتصادية، مالية، تكنولوجية، فضائية وبشرية…
نعم انه زمن تدويل البشر مع ظهور راسمالية البينات البشرية، فالعالم يتجه أكثر فأكثر نحو الداتا البشرية كارقام يتم التداول بها كحسابات المال، للاستثمار من جديد على حساب البشر، وهذا سيؤدي إلى خلل كبير على مستوى العالم في سوق العملات والاقتصاد، ويوؤدي إلى تعددية بشرية مختلفة من حيث التكون والتضخم في دول، وتهجين ديموغرافي لدول، واستنفاذ موارد بشرية في دول، وقتل وخسائر بشرية في دول أخرى…
ومع غياب اهل الفكر في المال والاقتصاد في العالم لإيجاد البديل عن المنظومة الحالية أو تدارك معالجتها والعمل على الإصلاح، هذا ما سيؤدي الى تدني مستوى المعيشة والدخل في معظم دول العالم، وقد بدأت بالفعل مرحلة التدني، وهذا سيصل بالعالم إلى تعددية اقتصادية نحو اقتصادات متنوعة ترتكز على مقوماتها وانتاجها ضمن تعددية الاسواق…
ومع الافتقاد للبديل يتجه العالم نحو الفوضى الشاملة والغوغائية في سوق المال والاقتصاد والعملات، وبالخصوص بعد ظهور العملات المشفرة وقريبا العملات الرقمية في العالم على حساب النقد والمال، مع تفلت هذه العملات وعدم السيطرة عليها وقوننتها وتنظيهمها ومراقبتها ضمن النظم المالية والاقتصادية العالمية، وهذا سيؤدي إلى تعددية مالية مقابل قطب الدولار في العالم…
وفي ظل الاوبئة والفيروسات وتغير المناخ والاحتباس الحراري وثقب الأوزون والفقاعة الغازية في طبقات القشرة الأرضية والذوبان الجليدي، حتما سيؤدي إلى كوارث طبيعية واوبئة تفتك في الطبيعة والانسان، وهذا ما يحصل ونشهده اليوم على الكرة الأرضية بشكل عام…
في ظل ما ذكرت، هو اختصار لواقع يعيشه العالم اليوم، ينبغي الإسراع في المعالجة من خلال المؤسسات الدولية والمجتمع الدول والدول المتقدمة والفاعلة والمتمكنة، لأن عام ٢٠٢٢ وحتى عام ٢٠٢٥، ستكون أعوام الكوارث والازمات والاتجاه نحو الانحدار أكثر في الاقتصاد والمال والصحة والغذاء، وهذا يؤدي إلى البحث عن التعددية في البدائل كما ذكرت والتي بدأ عصرها، وحذاري للتعددية ايا كانت أن تستكمل نفس المسار في الجشع والطمع والاحتكار والابتزاز والاستغلال والاستعباد والاستهلاك، لأنه كل ذلك سيؤدي إلى الانهيار الحاد الكلي والفوري، وليس تدريجيا والعالم يعيش مرحلة الترقب اليوم ومشاهدة التخبط ما بين عام ٢٠٢٥ و٢٠٣٠، وبعدها سنرى ونحكم على الأداء والتعاطي مع الملفات الساخنة الملتهبة التي ذكرتها والتي تهدد العالم كله، في حين لم يستيقظ العالم…
ايتها الدول والأنظمة، والشعوب التي تتحمل المسؤولية الاولى؛ انقذوا ما تبقى من هذا العالم بالعودة إلى العدالة الاجتماعية وترسيخها والمساواة بين الشعوب قبل فوات الأوان، والذي أكد عليه الإمام علي ابن ابي طالب(ع) في قوله التاريخي الشهير في الإدارة والحكم وأهله؛ (وأشعر قلبك الرحمة للرعية ، والمحبّة لهم ، واللطف بهم ، ولا تكونن عليهم سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم ، فإنّهم صنفان : إمّا أخ لك في الدين ، أو نظير لك في الخلق)…
وأيضا من وصايا الإمام علي ابن ابي طالب(ع)؛ (ما جُمع مال إلا من شحّ أو حرام)؛(العلمُ خيرٌ من المالِ؛ العلمُ يَحرسُك وأنت تَحرُسُ المالَ، والعِلمُ يزكو على الإنفاقِ، والمالُ تَنقُصُه النفقةُ، ومَنفعَةُ المالِ تزولُ بزوالِه)…