في كل مناسبة يزور فيها رئيس الجمهورية الصرح البطريركي، يضع البرتقاليون «ايدن عا قلبن» فهم لا يستسيغون الصرح ولا مواقفه من ايام «البطرك صفير بي الطائف»، وصولا إلى الحالي «راعي الثورة والثوار»،فلعلها السنة الوحيدة التي «فشوا خلقهم فيها، هي السنة الماضية عندما»قاطعت» بعبدا بكركي بسبب كورونا ظاهريا،غير أن فرحتهم هذه السنة، بعدما «احتلوا» الصرح بالكامل لينحصر الحضور «بعيلة العهد» تقريبا،ما لبثت ان تحولت غضبا بعد ما نشر عن وصف بطريركي لـ «الحكيم»، انفجر غضبا على وسائل التواصل الاجتماعي، أعاد شيئا من «الوحدة» إلى اهل تفاهم مار مخايل، الذي شنت «جيوشه الإلكترونية» هجماتها بالتكافل والتضامن.

ليست المرة الأولى التي يطلب فيها البطريرك الراعي من جنرال بعبدا سحب الشرعية عن حزب الله، بعدما بات استمرار الوضع يشكل تهديدا للدولة ونظامها ودستورها،بحسب الراعي،الذي يرى في الافق ارساء لاعراف وتقاليد جديدة توصل كلها في النهاية إلى تغيير في هوية النظام اللبناني وتضرب ما تبقى من توازناته، كما حصل من الديموقراطية التوافقية والميثاقية التي اوصلت إلى الثلث المعطل.

صحيح ان البطريرك لعبها «صولد» هذه المرة حاشرا الرئيس عون ، مستفيدا من الجو الوطني العام ومن الخلاف المنفجر على جبهة ميرنا الشالوحي – حارة حريك، بعدما خرج من الرحم البرتقالي، من بين الأكثر غلاة، مَن يدعو إلى «بلّ تفاهم مار مخايل وشرب ميّتو»، في مواجهة اؤلئك المنظرين لفكرة «يلي شرب البحر ما بغص بالساقية» طالما اننا خسرنا كل الداخل والخارج، «فخلينا نلحقهم عا باب الدار» طالما ان تسونامي 2005 أصبح بعيد المنال في الواقع.

في كل الأحوال هذه الأجواء انعكست في نقاشات الفريق الرئاسي،فيما «ما حدا عم يحكي حدا» بعد كلام اللواء ابراهيم، المستفيد من أي «صلحة»، وتأكيد «صهر العهد» انه «ما شاف وفيق صفا»، الذي ظل حتى قبل ساعات من حسم مضمون الرسالة واتجاه ريحها، التي اتفق على أنها يجب أن «لا ترضي» حزب الله، حائر بين طرحين، الأول بوجوب «بق البحصة» و»تعلاية السقف»، بعدما لم يبق شيئا للخوف عليه، وبالتالي بات لزاما تلبية رغبات القاعدة «التي صارت بميل تانية»، وتسمية الأشياء باسمائها حفاظا على ما تبقى، والثاني، غير متحمس للتصعيد «فبعد بكير لكسر الجرة» و»مش وقتها» قبل الانتخابات، بعدما لم يبقى للتيار من حلفاء سوى جماعة المقاومة والممانعة، خصوصا ان خصوم الداخل والخارج فرحون بانفجار العلاقة بين بعبدا وحارة حريك، وهم ينتظرون بفارغ الصبر سقوط «مار مخايل» «ليشمتوا»، إلى أن حسمها الجنرال «على طريقته»، هو المدرك ان تغيير طريق جهنم غير سالك حاليا.

عليه،وبوجدانية كبيرة تشبه هذه الفترة من السنة توجه رئيس الجمهورية إلى اللبنانيين، بين الحافر والمسمار لعب رئيس الجمهورية «معزوفته»،التي جاءت «نوتاتها» عامة «كجردة» لما تمخض عنه العهد من إنجازات وخيبات، وليغيب عنه ذكر حزب الله بالكامل بإستثناء «لطشته»حول «نزعه» للعلاقة مع دول الخليج،واضعا اياه، خارج هذه النقطة، بنفس مرتبة المنظومة التي تأبى الاستسلام، تاركا «للصهر» ان يوسع ويشرح، منطلقا من قناعة العهد جديا»بانن ما خلونا»، فحمّل الجميع المسؤولية و»ما حدن احسن من حدن»، ناقلا المشكلة إلى «مطرح تاني» بدعوته إلى مؤتمر وطني لبحث ملفات اكبر من عهد في بدايته، فكيف لعهد وهو يودع اشهره الأخيرة. باختصار هي الوجدانية بلباس سياسي، لعهد وعد بالتغيير والإصلاح دون أن ينجح بهما، طالبا بقول الحق كل الحق، خاتما بالتهديد بأن لا يضطر لقول «الاكتر»، «الذي الله وحده يمكنه ان يتنبأ بموعد طفحان كيله»، متى قرر جنرال بعبدا ان يعود بالتاريخ «٣٠ سنة لورا» كما ذكر، في قلب الطاولة عليه وعلى اعدائه.

بعد كل ما تقدم، هل تنكسر الجرة مع حزب الله نهائيا؟ فيشرب «زوم» الوثيقة التي «بلّها» اكتر من مرة عاجلا ام آجلا، هو الذي يشرب بحار المر هذه الأيام؟ ام ان ما قيل معطوفا على ما سيقال هو المدخل لتسوية جديدة تراعي مصالح الجميع، بما فيها الانتخابية؟ خصوصا ان «كبر الحجر» فعل فعله لأيام عبر تحليلات وتقديرات وخيال واسع قلب المعادلات وغير التوازنات.

إلى ملعب جبران مرر طابة العلاقة مع الحزب، تاركا له التصرف كرئيس حزب وطرف في التسوية المقايضة، بعدما قرر رئيس الجمهورية ان يبقى الحكم واضعا جميع أطراف الطبقة سواسية أمام المسؤولية رغم خروج «المستقبل» و»القوات» من اللعبة و»أجر برا وأجر جوا» للاشتراك، فيما بقى موقع الحزب من هذه الطبقة مجهّل عمدا ليطال الكلام المبطن «استيذ» التعطيل عن باطل او عن حق، إنما وفقا لمنظور بعبدا التي لم تستطع طوال خمس سنوات من عمر العهد هضم موقف عين التينة واصطفافها في الجبهة المعارضة لانتخابه رئيسا للجمهورية وهو ما فعلته مرغمة، فيما اضطر بدوره إلى توقيع مراسيم حكومات تضمنت اسماء محسوبة عليها، قال يوما «بقص ايدي وما بمضي مراسيم تعيينه وزراء» ومنهم المطلوبين أمام القضاء اليوم على حسن خليل وغازي زعيتر.اما الضاحية،فمن جهتها مرتاحة سلفا الى السقف الذي قد يذهب اليه التيار. فهل صحيح هو تقاسم الأدوار الذي طالما نظر له أعداء العهد بين طرفي التفاهم؟

يقول بيت الشعر الشهير «على قدر اهل العزم تأتي العزائم،وعلى قدر اهل الهمم تأتي الهمم»، اما النسخة اللبنانية فمختصرة «على قدر اهل الاحباط تأتي الآمال،وعلى قدر اهل الثورة يأتي الانفجار». بكل بساطة ما حصل هو «باس سياسي» ابقى الشبابيك مفتوحة على كل الاحتمالات مرره سيد العهد في نهاية السنة الأخيرة من ولايته لوريثه السياسي الشرعي،كما يحلو للبعض الاعتقاد، ليبدأ به سنة الحسم.

فإلى الثاني من كانون الثاني، ويومها «حكي جديد ومرحلة جديدة»….