ما كادت التسوية القضائية السياسية التي طبخت في الكواليس، ودخل على خطها حزب الله متوسطا بين حليفه التيار وحليفه الثاني الرئيس بري تحط على طاولة النقاشات في المقرات الرسمية، حتى اصطدمت برفض البعض على قاعدة : ٦ و٦ مكرر!»الصفقة» او «التسوية» كما تفضل مصادر متابعة ان تسميها، كانت تتلخص بالآتي : الانتخابات عبر قبول الطعن المقدم من تكتل لبنان القوي، وبالتالي حصر اقتراع المنتشرين للنواب ال ٦ في الخارج، مقابل سحب ملف المدعى عليهم من رؤساء ووزراء ونواب من يد المحقق العدلي طارق البيطار، لكن من الباب القضائي لا من باب مجلس النواب، وتحديدا من باب تغيير قضاة الصف الاول!

فبحسب كل المعطيات، كان الاتفاق يقضي بان تجرى تعيينات قضائية كسلة متكاملة تطرح ضربة واحدة على الطاولة الحكومية بجلسة يتفق عليها، تشمل كلا من مدعي عام التمييز غسان عويدات (السني)، ورئيس مجلس القضاء الاعلى سهيل عبود (المسيحي)، اضافة الى المدعي العام المالي علي ابراهيم (الشيعي)، الا ان اشكالية طرأت، فما ان حط رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في عين التينة، حيث التقى رئيس مجلس النواب، ليخرج بعدها غاضبا ومختصرا جوابه ردا على سؤال عن المقايضة والصفقة بين الطعن مقابل البيطار بالقول : «نحنا غير معنيين بهذا الموضوع» ! فما الذي حصل ؟ ولمَ خرج ميقاتي غاضبا؟ علما ان مكتبه الاعلامي اصدر بيانا مساء، اكد فيه رفض التدخل في عمل القضاء.

مصادر مطلعة على جو بري كشفت ان مسألة ادراج المدعي العام المالي ضمن سلة التعيينات الجديدة، التي حكي عنها كمقدمة للتسوية، لم تكن اصلا مطروحة، سائلة : «شو خصو علي ابراهيم»؟! وعليه، رفض بري تعيين بديل عن علي ابراهيم (الشيعي)، قابله رفض ميقاتي، كما تكشف اوساط بارزة، ان تشمل التعيينات مدعي عام التمييز غسان عويدات(السني) و «تطلع براسو لعويدات»، لذا اعترض ميقاتي وخرج غاضبا من عين التينة.

هذه التطورات عاد وقابلها اعتراض مسيحي لانها بـ «تطلع براس المسيحيين «، اي سهيل عبود وطارق البيطار، فجمّدت الصفقة حتى اللحظة، ولو ان المعلومات تؤكد ان الاتصالات لا تزال مستمرة لمخرج ما يعيد احياء هذه الصفقة!

وفي هذا السياق، اشارت مصادر مطلعة على جو لقاء عين التينة الى ان ما هو مطروح يبدو لم يلق قبولا من ميقاتي، الذي قد يكون غير متحمس كثيرا لعودة جلسات الحكومة، ما دام يسيّر الامور ويمضي بالمفاوضات مع النقد الدولي بحرية تامة ومن دون اي تدخلات!

وعلى خط بعبدا، اكدت مصادر مطلعة على جوها ان ميقاتي لم يطلب بالامس موعدا لزيارة بعبدا، نافية كل ما يحكى عن اتجاه لزيارة القصر الجمهوري وتقديم استقالته، وجزمت المصادر ان لا خلاف بين بعبدا وميقاتي، وقالت: «متفقين نحنا والرئيس ميقاتي» ! وفي هذا الاطار، تشير المعلومات الى ان تواصلا حصل بعد لقاء عين التينة بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية اكد فيه ميقاتي لعون عدم دقة كل ما يحكى عن استقالة ممكنة.

وعليه اختصر مصدر سياسي رفيع كل ما حصل بالامس بالقول : «ما عم يركب شي حتى اللحظة، لان كل واحد بدو التسوية على ذوقو» !

وبالانتظار، ماذا عن قرار المجلس الدستوري المتوقع اليوم؟ فبعد عرقلة التسوية السياسية التي كانت ستشمل، لا بل كان احد ابرز شروطها، قبول «الدستوري» بالطعن في قانون الانتخاب، فهل يُصدر قراره بقبول الطعن اليوم او برفضه او يخرج بلا قرار؟ او ان الاتصالات السياسية، التي ستستمر بحسب المعلومات طوال الليل، ستعيد احياء التسوية قبل اصدار «الدستوري» قراره النهائي؟ فاذا افضت هذه الاتصالات الى ايجابية يقبل الطعن، واذا فشلت يخرج «بلا قرار»!

مصدر رفيع متابع يقول : «حتى مساء امس، واضح انو انفكست القصة ! ما يعني ان الاتجاه، اذا لم تنجح اتصالات الليل، ان ينتهي اجتماع المجلس الدستوري اليوم بخلاصة مفادها : لا قرار، ما يعني عمليا عدم امكان التوصل لاي قرار يحظى بغالبية الاصوات اي ب ٧ من اصل ١٠، وما يعني حكما ان القانون يصبح نافذا كما هو!

علما ان رئيس المجلس الدستوري طنوس مشلب اكد في اتصال مع «الديار» انه لا يستطيع القول ان هناك جديدا تم التوصل اليه بعد، وان الامور حسمت، اضاف: «حتى جلسة الامس كنا لا نزال بطور المناقشة التي تشمل نقاطا عديدة، لكنني اؤكد اننا نعمل بعيدا عن اي مذهبية او طائفية، ونحن نناقش بالقانون لا بالسياسة» !

وتابع مشلب : «كل الخيارت مطروحة بدءا من امكان التوصل لقرار، وصولا لعدم التوصل لقرار اذا تعذر تأمين اكثرية ٧ اصوات»، (ولو انه جزم ان لا اتجاه محسوما بعد)! وقال مشلب : «سنبدأ اليوم جلستنا الاخيرة في الساعة العاشرة، وستمتد حتى الثانية بعد الظهر، ما بعني عمليا ان القرار سيصدر بعد الساعة الثانية»!

واللافت في ما قاله مشلب انه «لو كان لدينا وقت اضافي، لكنا اخذنا وقتا اضافيا، لكننا مضطرون ان نصدر قرارنا النهائي غدا ( اليوم)، فاما قرار واما لا قرار»!

وعليه، فالتسوية «الصفقة» جمّدت حتى اللحظة، علما ان الاتصالات مستمرة في الكواليس، كما تؤكد اوساط بارزة، ولو ان مصادر التيار الوطني الحر حرصت على التأكيد ان لا مقايضة على ملف المرفأ، وحيّدت نفسها عن الموضوع. فهل تنجح اتصالات الليل في تأمين المخرج القضائي السياسي، فيُصدر «الدستوري» قراره بقبول الطعن، او اننا سنكون امام «لا قرار» ويكون نافذ حكما؟!

كل الخيارات واردة، والارجح ان ما سيصدر عن المجلس الدستوري اليوم هو : «لا قرار» ! يختم مصدر رفيع!