عقوبات أميركية متكاملة: محاسبة المصارف والأحزاب وحماية سلامة وتهديده
محاسبة المصارف والأحزاب
وستكون لهذا التطور تداعيات بعيدة المدى على القطاع المصرفي والواقع السياسي. ويتزامن موقف الخزانة الأميركية هذا مع موقف آخر لمنسق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في البيت الأبيض بريت ماكغورك: تشدده في مسألة إنجاز الإصلاحات السياسية في لبنان، إلى جانب الإصلاحات الاقتصادية. وحسبما سرب عن ماكغورك، لا تريد واشنطن للبنان أن ينهار، لأن انهياره يدفع إلى الوقوع في حضن الإرهاب. وثمة مؤشر في المواقف الأميركية هذه: الدخول في مرحلة جديدة من الضغوط السياسية في لبنان، المتزامنة مع بعض التبليغات التي يتلقاها ناشطون حزبيون لبنانيون في الولايات المتحدة الأميركية: تجميد تحركاتهم لصالح الأحزاب وإلا يتعرضون للعقوبات.
وهذا كله يعني انخراطاً أميركياً متزايداً في تفاصيل المعضلة اللبنانية، وتحديداً من الآن حتى موعد الانتخابات النيابية. وتترافق التحذيرات مع مواقف أميركية واضحة موجهة إلى المسؤولين اللبنانيين وأصحاب المصارف والقيمين عليها لحملهم على المشاركة في الاصلاحات المطلوبة، والتصريح الكامل عن الحركة المالية التي تريد واشنطن رصدها، وعملت المصارف على التحايل عليها بإجراءات التفافية.
وكان الموقف الأميركي في غاية الوضوح من جمعية المصارف: في حال تخلّف أحد المصارف عن تقديم المعطيات المطلوبة، يكون عرضة للعقوبات. وهذا الكلام كثير المعاني: شمول الضغوط الأميركية شخصياتٍ لا تريدها واشنطن مجدداً في اللعبة السياسية اللبنانية، ولا أن تراها مرشحة للانتخابات النيابية المقبلة. وتقول مصادر متابعة إن هذا لا يشمل الشخصيات السياسية كلها، بل بعضها. وهناك تركيز على شخصيات محسوبة على تيار المستقبل، وحركة أمل، والتيار العوني.
حماية سلامة وتهديده
ولا يمكن فصل هذه الرسائل عن التهديد الواضح للمصارف وآلية عملها، وخصوصاً المتعاملين فيها مع حزب الله. فأي مصرف متورط- حسب التهديد- بعمليات تهريب أموال أو تبييضها أو تدويرها بالتفاف على العقوبات الأميركية، يتعرض للعقوبات.
ومعلوم أن القطاع المصرفي لا يتحمل في هذه المرحلة هزًّة خارجية. فأي هزةٍ تصيب مصرفاً ما، تنعكس سريعاً على المصارف كلها، فتتوالى انهياراتها. ولا ينفصل هذا النهج الأميركي عن محاولة واشنطن توفير نوع من الحماية المرحلية لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة. فمع التلويح بإجراءات عقابية لمن يحاول إزاحته من المشهد، هناك تحذير لسلامة من مغبة عدم التزامه بإجراءات الأميركية.
سلسلة عقوبات متكاملة
ومن المواقف الأميركية البارزة مجدداً: ضرورة ضبط الحدود اللبنانية ومنع التهريب عبرها. ويبرز هنا تكامل في مواقف واشنطن، بعدما كانت تكتفي بالإشارة إلى ضرورة حماية الحدود اللبنانية من العناصر الإرهابية. لكنها حالياً أضافت حماية الحدود من عمليات التهريب، سواء أكان تهريب سلاح أو سلع ومحروقات أو مخدرات.
وثمة من يشير إلى أن الضغوط الأميركية هذه شطر من سلسلة تستكمل في المرحلة المقبلة. ولا بد للبنانيين من انتظار المزيد من العقوبات على شخصيات متنوعة. وتتضمن السلسلة المصارف، لتكون ملزمة بالخضوع للإجراءات الأميركية، وإلا فإن الضغوط المتصاعدة عليها قد تؤدي، على المدى البعيد، إلى إنهاء القطاع المصرفي في شكله الحالي، وإعادة انتاج قطاع جديد يلتزم بالضوابط.