الحدث

واشنطن لا تريد لبنان “دولة فاشلة”… و”صندوق” دعم الجيش في عهدة غوتيريس 3 بنود على طاولة “المقايضة” و”الثنائي” يريد “قبع” عبّود!

القاضي عبود مترئساً الهيئة الخاصة لمحكمة التمييز أمس: إذا دخلت السياسة أبواب المحاكم خرجت العدالة منها

نداء الوطن

“الموت مرّة أحسن من الموت كل العمر”… رسالة أخيرة تركها شاب عشريني لوالده قبل أن ينتحر أمس، فكانت بما اختزنه من خلاصة بائسة، عبارة معبّرة عن تسونامي اليأس والإحباط الذي جرف آمال اللبنانيين وتركهم يصارعون العيش من “قلة الموت” فأصبحوا يموتون على قيد الحياة في اليوم مئة مرة تحت مقاصل الأزمات الاقتصادية والمالية والحياتية القاطعة للأرزاق والأعناق في البلاد… وصولاً إلى تهديد “حاضر ومستقبل ملايين الأطفال” حسبما جاء في تقرير “اليونيسف” عن مخاطر الانهيار اللبناني حيث بات “طفل من بين كل طفلين معرّض لخطر العنف الجسدي أو النفسي أو الجنسي في الوقت الذي تكافح فيه الأسر لمواجهة الأزمة المتفاقمة، بينما أصبح 80% من أطفال لبنان يعانون من فقر متعدد الأبعاد ويواجهون خطر تعرضهم للانتهاكات بهدف مساعدة أسرهم على تغطية النفقات”، مع الإشارة إلى أنّ عدد “حالات الاعتداء على الاطفال ارتفع بنحو النصف تقريباً (44%) بين تشرين الأول 2020 وتشرين الأول 2021”.

أما على ضفة الأكثرية الحاكمة، فعملية انتهاك السلطة واغتصاب الدولة والتنكيل بالمؤسسات تتواصل في “سوق البغاء” السياسي حيث يطغى الانهيار الأخلاقي ويغيب أدنى حسّ بالذنب أو المسؤولية عما آلت إليه أحوال اللبنانيين من ذل وقهر وهدر للكرامات، حتى أضحى “قبع” محقق عدلي هدفاً يسمو فوق المهمة الإنقاذية للبلد وشعبه، والمصالح الانتخابية تعلو فوق المصالح الوطنية… وحال الناس وقف على توصل الطقم الحاكم إلى أرضية مشتركة تفضي إلى إبرام “مقايضة” قضائية – انتخابية، كشفت المعطيات الأخيرة، أنها تقوم في بنودها على “ثلاث ركائز”، بعدما أدرج الثنائي الشيعي بند “قبع” رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود على جدول المطالب رداً على تمنعه عن تولي المجلس مهمة “قبع” القاضي طارق البيطار.

وبالتزامن مع أجندة إنهاك القضاء بسلسلة من دعاوى الرد والرد المضاد لشلّ التحقيق العدلي في جريمة انفجار المرفأ، وصولاً إلى إغراق أعضاء السلك القضائي أنفسهم في أتون هذه الأجندة، لا سيما مع تقدم المحامي العام التمييزي القاضي غسان الخوري أمس بدعوى أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز بوجه القاضية رندى كفوري ومستشاري الغرفة السادسة لمحكمة التمييز رفضاً لقرار ردّه عن قضية المرفأ، برز أمس كلام عالي السقف من القاضي عبود ضد التسييس الفجّ للعمل القضائي، مبدياً رفضه لأن يكون القضاء “فاقداً لشرعيته ومشروعيته”، ومنبهاً إلى أنّ “العدالة تخرج من أبواب المحاكم حين تدخلها السياسة”.

وفي المقابل، أفادت مصادر واسعة الاطلاع “نداء الوطن” بأن صيغة المقايضة التي تتمحور حولها الاتصالات راهناً بين “التيار الوطني الحر” والثنائي الشيعي، ترتكز على ثلاثة بنود “أولها مشاركة تكتل “لبنان القوي” برئاسة النائب جبران باسيل في جلسة لمجلس النواب تقرّ تشكيل لجنة تحقيق نيابية مهمتها التحقيق مع الرؤساء والوزراء والنواب الذين ادعى عليهم المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت، على ان تحيل تحقيقاتها الى مجلس محاكمة الرؤساء والوزراء أو احالة قضية المدعى عليهم مباشرة إلى هذا المجلس، وثانياً أن يصدر المجلس الدستوري قراره بقبول الطعن المقدم من تكتل “لبنان القوي” بالشكل وإسقاط موعد الاستحقاق الانتخابي موضوع الطعن ليصبح في أيار بدل آذار”، على أنّ الجديد الذي طرأ على طاولة المقايضة، هو البند الثالث الذي يطلب “الإطاحة برئيس مجلس القضاء الأعلى وتعيين بديل عنه يتولى مهمة استبدال القاضي البيطار بمحقق عدلي جديد”، لكن المصادر أشارت في الوقت نفسه إلى أنّ “التيار الوطني يشترط في المقابل الإطاحة بالمدعي العام المالي القاضي علي ابراهيم ومدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات كسلة قضائية متكاملة وهو ما يبدو صعب التحقق تحت وطأة رفض رئيس مجلس النواب استبدال ابراهيم ورفض رئيس الحكومة استبدال عويدات”. وخلصت المصادر في ضوء ذلك إلى اعتبار أنّ “الحل السريع بين الجانبين قد يتمثل في انتظار إصدار القاضي البيطار قراره الظني في جريمة المرفأ وترك تحديد المذنب والبريء من المدعى عليهم للمجلس العدلي، وهو ما قد يشكل مخرجاً قانونياً يحفظ ماء وجه الجميع”.

وبانتظار نضوج تسوية تفك الحظر عن انعقاد مجلس الوزراء، بدا الرئيس نجيب ميقاتي متحصناً بـ”مظلة خارجية وداخلية تحمي عمل الحكومة”، ليجدد تشديده على أهمية بقاء حكومته تحت طائل التلويح بأنّ “الاستقالة ستتسبب بمزيد من التدهور في الأوضاع وقد تؤدي الى إرجاء الانتخابات النيابية”. غير أنّ واشنطن التي تتربع على قمة هذه المظلة الدولية أعربت عن خيبتها من السياسات الفاشلة للدولة اللبنانية، فكان إعلان صريح من البيت الأبيض يرى فيه أنّ لبنان يتجه للتحوّل إلى “دولة فاشلة”، مؤكداً التنسيق مع فرنسا ودرس “فرض عقوبات على السياسيين الفاشلين… لأننا لا نريد دولة فاشلة في الشرق الأوسط والمؤشرات تدل على أن لبنان يسير نحو الفشل”.

وعشية زيارته المرتقبة غداً إلى لبنان، عبّر الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس في رسالة عبر الفيديو إلى الشعب اللبناني، عن “بالغ القلق إزاء المحن” التي يواجهها اللبنانيون مؤكداً أنه يسمع مطالبهم “بإجلاء الحقيقة وإحقاق العدالة” في جريمة انفجار مرفأ بيروت، ومعلناً أنه يحمل معه “رسالة واحدة بسيطة وهي أنّ الأمم المتحدة تقف إلى جانب شعب لبنان (لكن) إيجاد الحلول الدائمة لا يمكن أن يأتي إلا من قلب لبنان، لذا من الضروري أن يضع القادة الشعب محط اهتمامهم في المقام الأول وأن ينفذوا الإصلاحات اللازمة لإعادة لبنان إلى مساره الصحيح (…) والانتخابات المقررة في العام المقبل ستكون ذات أهمية أساسية”.

وفي السياق نفسه، أكد مصدر مواكب لزيارة الأمين العام للأمم المتحدة إلى بيروت لـ”نداء الوطن” أن غوتيريس والوفد المرافق سيصلان الى بيروت عند الخامسة من مساء غد الأحد، وسيبدأ محادثاته على الفور من قصر بعبدا حيث يستضيفه رئيس الجمهورية ميشال عون إلى مائدة عشاء خاصة، بينما أعدت دوائر الرئاسة الاولى ملفاً تفصيلياً حول النازحين السوريين والأعباء الباهظة التي يتكبدها لبنان نتيجة النزوح، لتسليمه إياه مع الإشارة فيه إلى أنّ الدول الاوروبية لم تتحمل تسرب عدد قليل منهم عبر الحدود البيلاروسية فتحول الأمر إلى أزمة أوروبية، فكيف الحال بدولة صغيرة منكوبة كلبنان وهي تتحمل منذ سنين أعباء متراكمة نتيجة ملف النزوح.

واوضح المصدر أن زيارة أمين عام الأمم المتحدة ستمتد لأربعة ايام، وستكون له فيها محطة أساسية في الجنوب مع قوات “اليونيفيل”، فضلاً عن محطة أخرى في منطقة الشمال، متوقعة ألا تخرج الزيارة بحد ذاتها عن نطاق التحذير والإعراب عن القلق من استمرار تدهور الأوضاع في لبنان، وسط ترجيحها في الوقت نفسه أن تشكل مسألة إنشاء صندوق أممي لدعم الجيش اللبناني مالياً “علامة مضيئة وحيدة” في جدول أعمال الزيارة باعتبار هذا الملف موضوعاً في عهدة الأمم المتحدة ويستطيع بالتالي غوتيريس من خلال زيارته لبنان تفعيل ما سبق وبحثه قائد الجيش العماد جوزاف عون في زيارته الاخيرة الى واشنطن لجهة الإسراع في إنشاء هذا الصندوق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى