عن تفاصيل ما بحثه غير بيدرسون مع المسؤولين في سوريا ولبنان
من سوريا الى لبنان وصل مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا غير بيدرسون، أبلغ عن مؤتمر دولي تنظمه الامم المتحدة بخصوص سوريا يتعلق بموضوع النازحين السوريين، واستفسر عن خطوات متعلقة بإمكانية عودة النازحين السوريين الى بلادهم. في زيارتيه عكست اجواء بيدرسون وجود توجّه غربي متغيّر تجاه التعاطي مع سوريا. عبّر الموفد الاممي عن خوف حقيقي من ان القرار الدولي باستمرار الضغط الاقتصادي على سوريا بعد توقف الحرب العسكرية سيستمر، ما سينعكس حكماً على اوضاع سوريا الاجتماعية وزيادة نسبة الفقر المرتفعة اصلاً.
بأجواء ايجابية مغايرة عن السابق حضر بيدرسون الى سوريا محاولاً احياء لجنة الحوار من جديد، ومتحدثاً عن مناخ دولي إيجابي تجاه سوريا سياسياً، وطرح ولأول مرة مسألة النازحين من وجهة ايجابية ايضاً. لمس المسؤولون في سوريا تغيّراً في المناخات الدولية حيال بلدهم، تلقوا من بيدرسون مقترحاً جديداً حول امكانية اعادة احياء لجنة الدستور وتفعيل الحوار. إستفسر عن امكانية عودة النازحين وعن الأماكن المهيأة لاستقبالهم في حال تمت العودة، وكيف ان المنظمات الدولية ستساهم في تسهيل العودة التي ستكون تحت إشراف مباشر منها.
بالتقييم الاولي كانت زيارة إيجابية يمكن البناء عليها وهي قد تشكل بداية جديدة في التعاطي الاممي والدولي مع سوريا والتنسيق مع الرئيس السوري بشار الاسد حول مستقبل سوريا وعودة النازحين، من دون ان يعني ذلك وعوداً دولية بالمساهمة في برنامج إعادة إعمار سوريا أقله في الفترة الراهنة، او بمعنى أدق فان معالم إعادة الإعمار من ناحية المساهمة الدولية لم تتوضح بعد.
وفي ما يتعلق بإعادة النازحين أبدت سوريا اهتماماً بعودتهم وشرحت كيف سعت لذلك منذ سنوات خلت لولا ان المؤسسات الدولية تصدت لمحاولاتها، واعتبرت ان اولى الخطوات المحفزة على العودة عدم اشتراط مساعدة النازحين في بلدان اقامتهم ومنها لبنان، فطالما يتقاضى هؤلاء اموالاً خارج بلادهم فلا يمكنهم العودة ولذا نشهد ازدهاراً لعمليات التهريب عبر الحدود مع لبنان، وقد تحولت الى تجارة نشطة فضلاً عن آلاف طلبات الهجرة المقدمة عبر السفارات وتلك المقدمة الى اشخاص للمساعدة على الهجرة عن طريق البحر، هذا من دون ان ننسى المشاريع التي استفاد منها الكثيرون بمن فيهم سياسيون على حجة النازحين والتي يجني اصحابها ملايين الدولارات. ووعد بيدرسون بتأمين العودة ضمن برنامج محدد يتم التوافق بشأنه.
وخلال زيارته الى لبنان تحدث مبعوث الامم المتحدة عن امور عدة مهمة أبرزها ان الامم المتحدة تكونت لديها قناعة ان هناك تسليماً دولياً ببقاء الرئيس السوري بشار الاسد وهذا التسليم يشمل أميركا وفرنسا، ولكن هذا البقاء يعني بداية استقرار بالمعنى السياسي والامني وليس استقراراً اقتصادياً. وتابع يقول ان الامم المتحدة تريد من الدول ان تستتبع عملية الاستقرار السياسي بالاستقرار الاقتصادي، ولكن لا يبدو ان هناك ارادة دولية بذلك بل ان الدول مصرة على حصار اقتصادي لسوريا، مما سيؤدي الى نتيجة اولية معني بها لبنان لجهة عدم وجود الاموال التي تحتاجها عملية اعادة الاعمار وإغاثة ملايين السوريين، حيث ان احصاءات الامم المتحدة تؤكد وجود أكثر من عشرة ملايين سوري يحتاج الى مساعدة، وعلى لبنان الا يستعجل ويبني أفقاً على عودة النازحين لان لا اموال تسمح بإعادتهم. وبهذا المعنى فان ما قاله بيدرسون يعني عملياً ان الانفراج هو عن النظام السوري وليس عن الشعب السوري.
يقول بيدرسون ان هدفنا العام ان لا يبقى الشعب السوري أسير اللعبة الدولية وان يتم الافراج عن المساعدات، ولذا تفكر الامم المتحدة بعقد مؤتمر حول سوريا لدفع العملية السياسية والاقتصادية في آن معاً، قد يعقد في سويسرا وسيطرح خلاله ملف النازحين والتأكيد على تأمين عودتهم. ولبنان المعني بهذا الكلام أبلغ بيدرسون انه يتحمل ما لا يقل عن ثلاثة مليارات دولار سنوياً بدل كلفة النازحين على الخزينة اللبنانية، وهذا رقم كبير لكنه ورغم ذلك فلا يدفع باتجاه عودة عشوائية، ولكنه يعتبر انه وخارج المدن الكبرى فان الارياف السورية لم تشهد تدميراً كبيراً، وبالتالي يطلب لبنان من الامم المتحدة المساعدة على إعادة قسم من النازحين الى المناطق السورية المؤهلة لاستقبالهم لتخفيف هذا العبء الكبير عن لبنان، وللمساعدة على بداية الاعمار في سوريا.
زيارة بيدرسون وان كانت اعتيادية روتينية كل ستة اشهر الا انها هذه المرة حملت جديداً وفق تأكيد المسؤولين، عبّر عنه باللهجة الايجابية تجاه الرئيس السوري ووضع ملف عودة النازحين على سكة الاهتمام الاممي، ولو من باب اكتشاف الامكانية ووضع الآلية بما يضمن عودة آمنة بعد تحديد أماكن تستوعب العائدين.
أما في البرنامج الزمني لذلك فقد يكون مرتبطاً باستئناف الحوار السوري الداخلي بعد الاتفاق على الوفد المفاوض من المعارضة. والى ان يتبلور هذا الامر يستمر لبنان في تحمل عبء النازحين الذين صارت اوضاعهم المعيشية افضل من اوضاع اللبنانيين بالنظر الى المخصصات التي يتقاضاها هؤلاء والتسهيلات التي يحصلون عليها من مصادر مختلفة.