كما كان متوقعا كسر سعر صرف الدولار في «السوق السوداء» رقما قياسيا جديدا بالامس مع بلوغه ال27 الف ليرة، في بداية اسبوع شهدت بدء المصارف تطبيق تعميم مصرف لبنان بتغيير قيمة «اللولار»من 3900 ليرة الى 8 آلاف. هذا التدهور في قيمة العملة الوطنية لم يكسر «صمت القبور» عند رئاسة الحكومة المعنية مباشرة بتقديم توضيحات حيال موافقتها على تعاميم مصرف لبنان من عدمها، باعتبارها راس السلطة التنفيذية، وفيما اكتفت القوى السياسية ببيانات «لزوم ما لا يلزم» لم يجد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي نفسه معنيا بالاستجابة الى الدعوات لاعلان حالة طوارىء اقتصادية ومالية، «توهم» المواطنين بان ثمة «مظلة» تواكب الانهيار وتحاول «فعل شيء» لحمايتهم من الكارثة المالية والاقتصادية التي باتت ثقيلة للغاية وتنذر بتداعيات خطيرة في ظل شكوك بان البعض يسعى اليها «لغاية في نفس ..» في ظل توقعات اقتصادية ببلوغ قعر الهاوية حدا غير مسبوق في الايام والاسابيع المقبلة، حيث بات واضحا ان تسارع الانهيار جزء من «الكباش» السياسي بين مكونات السلطة السياسية .

«حفلة جنون»؟

هذه «المراوحة القاتلة» تزامنت مع زيارتي منسق المساعدات الدولية من أجل لبنان السفير بيار دوكان ومبعوث الامم المتحدة الخاص الى سوريا غير بيدرسون الى بيروت، لتزيدا من قتامة المشهد في ظل استمرار حفلة «الكذب» التي تديرها الامم المتحدة كواجهة للدول الغربية في ملف اعادة اللاجئين السوريين الى بلادهم، حيث تستمر مقاربة الملف بمزيد من التمسك بسياسات قديمة تؤدي الى بقائهم في لبنان، فيما «يلعب» الزائر الفرنسي « باعصاب» بعبدا ويربط زيارتها بوجود «ضرورة « لذلك! وهو لا يحمل في جعبته الا المزيد من «التنظير» غير المقرون بخطة عمل قابلة للتنفيذ في ظل حكومة «مشلولة» لا تتعاون مكوناتها لايجاد المخارج المفترضة «لتسييس» ملف تفجير المرفأ، فيما يصر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على تقديم «فروض الطاعة» لدول الخليج، دون اي مقابل. وهو بعد ايام من «الضغط» المتواصل على وزير الاعلام جورج قرداحي للاستقالة، استجاب «لحرد» البحرين واعتراضها على مؤتمر المعارضة البحرينية المخصص لفضح انتهاكات حقوق الانسان في المملكة، وحرك القضاء اتجاه منظمي المؤتمر، في خطوة يرجح ان تزيد من «الهوة» مع حزب الله «المنزعج» من خطوات ميقاتي «الاسترضائية» التي تعقد المشهد الحكومي. وبانتظار ان تتبلور نتائج اجتماعات فيينا النووية، واللقاءات الامنية الايرانية-السعودية التي ما تزال نتائجها «خجولة»، تتخوف مصادر وزارية بارزة من «حفلة» جنون التحريض على حزب الله سياسيا واعلاميا تزامنا مع تحريك ملفات امنية اخطرها العبث بامن المخيمات الفلسطينية، وكذلك «جرح» خلدة الذي يسعى البعض الى عدم التآمه، فيما تواصل اسرائيل «قرع طبول الحرب» على الحدود، ما يزيد المشهد القاتم توترا وينذر بفوضى كبيرة.!

حرب مخيمات جديدة؟

امنيا، لم تنجح الاتصالات السياسية في انهاء ذيول الاشتباك في مخيم البرج الشمالي، وفيما ساد الهدوء الحذر بالامس بعد يوم من وقوع ثلاثة قتلى خلال تشييع حمزة شاهين الذي قضى في انفجار أحد المساجد ليل الجمعة الماضي، فان «الجمر» لا يزال تحت «الرماد» وسط مخاوف من تجدد المواجهات بين حركتي فتح وحماس بعد تقاذف الاتهامات بالمسؤولية عن إطلاق النار وسقوط قتلى التشييع، لكن الاخطر بحسب مصادر امنية وجود مؤشرات على احتمال تمدد التوتر إلى باقي المخيمات. والواضح ان تسليم قيادة الأمن الوطني الفلسطيني في مخيم البص في صور العنصر الفتحاوي المسؤول عن اطلاق النار والملقب بـ»أبو العشا»، إلى مخابرات الجيش اللبناني لم تساهم في التهدئة وانعكس ذلك شللا في المخيم الذي خلت شوارعه من المارة، وسط إقفال المدارس في ظل استنفار عسكري على نطاق واسع بين عناصر «فتح» و»حماس» داخل المخيم، تزامنا مع صدور بيانات عالية «السقف» بين الجانبين.وفيما تحركت «ماكينة» اعلامية وسياسية تحاول توظيف ما حصل ضمن خرق القرار1701 في محاولة لاعطاء الازمة ابعادا تتجاوز الحدود اللبنانية، فثمة الكثير من علامات الاستفهام حيال افتعال «جريمة» موصوفة هدفها المباشر تفجير الاوضاع الامنية في منطقة حساسة في جنوب لبنان، وفي توقيت مريب.وفي هذا السياق، حذرت مصادر معنية بالملف من هذه الاحداث، وترى انها تاتي في سياق واضح لايجاد بؤر توتر في المناطق المحسوبة على حزب الله، وقد تكون واحدة من «سلسلة» احداث متصلة من خلدة، الى شويا، وعين الرمانة.

«جرح» خلدة

وفي السياق نفسه، توقفت تلك الاوساط عند تكرار قطع الطريق الساحلي من قبل عشائر العرب في خلدة، احتجاجاً على توقيف عدد من الشبان امس على خلفية الأحداث التي جرت سابقا في المنطقة، ولفتت الى ان ثمة من يريد بقاء هذا «الجرح نازفا» لاستخدامه في التوقيت الذي يناسبه في مواجهة حزب الله الذي تعامل بايجابية كبيرة مع المساعي التي بذلتها قيادة الجيش عبر مديريّة مخابرات جبل لبنان.

لكن لقاء المصالحة الاخير الذي عُقد مع ممثلين عن عرب خلدة انتهى من دون التوصل إلى نتائج تذكر، بسبب خلافات مفتعلة تهدف الى ابقاء الملف دون معالجة، وذلك بضغط من قوى سياسية معروفة في المنطقة.

«الهوة» بين ميقاتي وحزب الله؟

في هذا الوقت، لم يكتف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بإحالة كتاب الاحتجاج البحريني على مؤتمر المعارضة في بيروت الى السلطات المختصة، طالباً منها التّحقيق الفوري في ما حصل، ومنع تكراره واتخاذ الإجراءات المناسبة وفق القوانين المرعية الإجراء، بل عمد امس الى توجيه كتاب  الى النيابة العامة التمييزية عبر وزارة العدل لاجراء التحقيقات الفوريّة وإتخّاذ الإجراءات اللازمة استنادا الى كتاب وزارة خارجية مملكة البحرين والى القانون الرقم 340 وتعديلاته (قانون العقوبات)، وذلك حرصا على علاقة لبنان الخارجية لاسيّما مع الدول العربية الشقيقة، وبشكل خاص مع دول مجلس التعاون الخليجي، ومنع أي تطاول أو تعرّض أو تعكير لصفو هذه العلاقات. هذه الخطوة رات فيها مصادر وزارية بارزة «دعسة ناقصة» تزيد من الشرخ الحكومي خصوصا ان المعارضة البحرينية لم تخالف القانون اللبناني. وهو ما اكدته مصادر في المعارضة البحرينية التي اشارت الى ان المؤتمر عقد بعدما حصلت على الموافقات الامنية والقانونية من السلطات المعنية في بيروت، ولم تنتهك السيادة اللبنانية.

لماذا يتواصل «الانبطاح»؟

ووفقا لمصادر مقربة من «الثنائي الشيعي»، ابدى حزب الله انزعاجا شديدا من خطوة ميقاتي غير المبررة، لانها تؤسس لقمع مريب لدور لبنان كمنبر لحرية الراي، فليس مقبولا ان يستمر هذا «الانبطاح» اتجاه دول الخليج التي ترفض اصلا منح لبنان اي شيء في مقابل التنازلات التي تقدم على حساب «كرامة» البلد. ووفقا لتلك المصادر، زاد هذا الاجراء من «الهوة» بين الحزب والرئيس ميقاتي الذي بدا يخرج عن سياسة «تدوير الزوايا» والانتقال الى ضفة اخرى لن تكون مفيدة للعمل الحكومي المشترك؟! خصوصا انه يسعى لنيل رضا الرياض ببيانات «استرضاء» يومية على الرغم من عدم اقدامها في المقابل على اي خطوة ايجابية اتجاهه او اتجاه لبنان.

حوار ايراني-سعودي دون نتائج!

وفيما لبنان يقبع على «رصيف» انتظار التطورات الاقليمية، لا نتائج عملية للحوار الايراني – السعودي بعد، وفي هذا السياق، شهدت العاصمة الأردنية عمّان جلسة حوار أمني بين السعودية وإيران، بمشاركة خبراء من الجانبين، استضافها «المعهد العربي لدراسات الأمن.وأفادت وكالة الأنباء الأردنية أنّ الجلسة «ناقشت عدداً من القضايا الأمنية والتقنية، التي ركّزت على الحدّ من تهديد الصواريخ وآليات الإطلاق، والإجراءات الفنية لبناء الثقة بين الطرفين، وتحديداً في ما يتعلق ببرنامج إيران النووي، والتعاون في مجال الوقود النووي، ومجالات أخرى، وفيما اكد الأمين العام للمعهد، أيمن خليل، إنّ أجواءً من الاحترام المتبادل سادت الجلسة، وقد بدا أنّ هناك رغبة متبادلة من الطرفين في تطوير العلاقات وتعزيز الاستقرار الإقليمي، بما ينعكس على ازدهار شعوب المنطقة، اكد مسؤول ايراني بارز ان اللقاءات عقدت على نحو غير رسمي، لكنها تحقق تفاهما اكثر عمقا بين الجانبين. وقد لفتت مصادر مطلعة الى ان لا نتائج عملية لهذه اللقاءات التي تسير بوتيرة بطيئة وتحتاج الى مزيد من الوقت والى ظروف ملائمة كي تنجح.

  ايجابية دوكان؟

في غضون ذلك، ربط الموفد الرئاسي الفرنسي ومنسّق المساعدات الدولية من أجل لبنان، السفير بيار دوكان، بين إنجاز الاتفاق مع صندوق النقد الدولي قبل موعد الانتخابات النيابية المقبلة، والحوار بشأن مشاريع مؤتمر سيدر، واعلن بعد لقائه رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، أنّه لاحظ العديد من التطوّرات الإيجابية كاستمرار المفاوضات بين لبنان وصندوق النقد الدولي التي تسير بشكل جيد، مشدداً على ضرورة إرساء المبادئ العامة لمعالجة الأزمة اللبنانية قبل التوصل إلى اتفاق مع الصندوق. من جهته، أشار ميقاتي إلى أنّ الفترة المقبلة تتطلب عقد جلسات مكثّفة للحكومة لبتّ الكثير من الملفات التي هي قيد الإنجاز ولمواكبة المفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي، لكنّه اعتبر، في الوقت نفسه، أنّ الدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء من دون تأمين الظروف المناسبة قد تسبّب بمزيد من التشنّج السياسي وتعقّد الحلول أكثر فأكثر.

«مراوحة»

وفيما التقى دوكان وزير المال يوسف خليل، شدد على ضرورة اقرار «الكابيتال كونترول»، وانجاز مشروع الربط الكهربائي مع مصر والاردن، الا انه لمس بحسب مصادر مطلعة، أن شيئاً لم يتغيّر منذ شهرين حتى الآن، لا سيما في ظل التعطيل المستمر لجلسات مجلس الوزراء، التي لم يملك ميقاتي جوابا عن موعد عودته الى الاجتماع، وهذا ما دفع بدبلوماسي اوروبي الى القول بان «الامور تراوح مكانها».

«استفزاز» عون ؟

في هذا الوقت، لا يزال الموقف الفرنسي المستجد من رئيس الجمهورية ميشال عون «موضع متابعة» من قبل الفريق الرئاسي في بعبدا، في محاولة لفهم طبيعة الاداء الفرنسي غير «المقبول» مع الرئاسة الاولى، فبعد الغاء الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون اتصاله الهاتفي المفترض مع عون بعد قمة الرياض، يحذو دوكان حذو رئيسه، «ويلعب» باعصاب بعبدا من خلال عدم طلب موعد من الرئيس رابطا الامر «بالضرورة» التي لا يجدها في اجتماع مماثل حتى الان. وفيما تشير اوساط الرئاسة الاولى ان عون لا يرى ضرورة للقاء دوكان وليس العكس، وهو يقرر اذا ما كان سيلتقيه اذا ما طلب ذلك، فان المؤشرات الاولية تشير الى ان الموقف الفرنسي يعود الى محاولة استرضاء فرنسية للسعودية من خلال «تهميش» الرئاسة الاولى، المسؤولة براي الرياض عن تامين الغطاء لحزب الله، ولذلك فان ماكرون الراغب باستثمارات خليجية عشية الانتخابات الرئاسية، لا يمانع من «بيعها» موقف في لبنان خصوصا ان الرئيس عون بات في نهاية عهده.

  اللجوء السوري « حفلة تكاذب»؟

في هذ الوقت، لم يحمل مبعوث الامم المتحدة الخاص الى سوريا السفير غير بيدرسون الى بيروت اي جديد حيال ازمة اللجوء السوري، ووصفت مصادر مطلعة على محادثاته مع الرؤوساء الثلاثة ما حمله معه بانه «حفلة تكاذب» اممية ستساهم في ابقاء اللاجئين في لبنان، فهو لم يقدم اي مقترح جدي يدل على تغيير لدى المجتمع الدولي في التعامل مع هذا الملف الحيوي والحساس، خصوصا ان لبنان لم يعد قادرا على تحمل عبء النزوح، لكن الاولوية تبقى في مكان آخرحيث يستخدم هذا الملف في «ابتزاز» دول المنطقة الى حين التوصل الى تسوية شاملة من ضمنها الملف السوري.

  قرع «طبول الحرب»؟

في غضون ذلك، تواصل اسرائيل «قرع طبول الحرب» ضد ايران وحزب الله، والجديد بالامس باشرت ما يسمى بقيادة الجبهة الداخليّة توزيع نشرة خاصة على المواطنين تشمل تعليماتٍ بتوخّي الحيطة والحذر في حال اندلاع حربٍ، وقام جنود جيش الاحتلال بتوزيعها وقدموا الشروحات التفصيلية حول كيفية التصرّف في حال نشوب الحرب. ووفق النشرة التي جاءت تحت عنوان: « الاستعداد للطوارئ تُنقِذ الحياة»يتحتّم على الاسرائيليين العمل وفق التعليمات الصارمة الصادرة عن قيادة الجبهة الداخليّة، وتشمل التعليمات كيفية التصرّف في حال الهجوم على إسرائيل بالصواريخ، مؤكدة على أنّه لا يُمكِن الاعتماد على الدفاعات الجويّة، ولذا يُحظر التجمّع في الأماكن التي تسقط فيها الصواريخ، كما يتعيّن الابتعاد عن الأغراض التي تُثير الشبهات، والدخول إلى الملاجئ والأماكن الأخرى خلال 10 دقائق من اطلاق صفارات الانذار.

وفي هذا السياق، قال قائد الجبهة الداخلية الجنرال أوري غوردين في مقابلة مع القناة الـ12 بالتلفزيون العبريّ: أعتقد بأنّ الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله يُدرك قدراتنا، ولا شكّ أنّ لدى أعدائنا قدرات جوهرية موجهة أيضًا نحو نقاط الضعف لدينا.وأقّر قائد الجبهة الداخلية بأن الجمهور الإسرائيليّ ليس مستعدًا بشكل كاف لسيناريو تندلع فيه معركة في الجبهة الشمالية، وتوقع سقوط2500 صاروخ في اليوم جزء منها دقيق وقال» هذا سيكون هجوما كبيرا جدا».

«عرقلة» اميركية؟

في المقابل، كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الاسرائيلية، أن الولايات المتحدة الأميركية، رفضت طلبًا إسرائيليًا، لتزويد تل أبيب بطائرات عسكرية مخصصة للتزود بالوقود، بهدف استخدامها في حال مهاجمة إيران. وبحسب الصحيفة، فإن الجيش الإسرائيلي طلب مؤخرًا من الجيش الأميركي تزويده بطائرتين من طراز بوينج KC-46 التي يمكنها الطيران حتى 11 ألف كيلومتر والبقاء في الجو نحو 12 ساعة، وتعمل لتزويد العشرات من الطائرات الحربية بالوقود، وذلك بهدف الاستعداد لهجوم محتمل ضد إيران، إلا أن البنتاغون رفض تبكير موعد الصفقة التي ستتم في غضون 4 سنوات.ولفتت إلى أن كبار المسؤولين في الجيش الإسرائيلي، حاولوا إقناع نظرائهم في الولايات المتحدة بتبكير موعد قدومها كجزء من الاستعدادات لأي هجوم محتمل، إلا أن الرد الأميركي كان سلبيًا؟