توحيد الأرقام المالية يتجاوز التعطيل.. ويؤسس لتفاوض مثمر مع صندوق النقد!…
سفير الشمال- غسان ريفي
في الوقت الذي كانت فيه التحركات الشعبية تعم المناطق إحتجاجا على تردي الأوضاع المعيشية والاجتماعية، وسط محاولات لعدد من التيارات السياسية ركوب موجتها لتوجيه بعض الرسائل وتحقيق مصالح إنتخابية، وفي الوقت الذي يصر فيه بعض أصحاب الأجندات على إستقالة الحكومة بحجة أنها معطلة ولا تنتج ولم تعد قادرة على القيام بمهامها، أطلت اللجنة الوزارية المكلفة متابعة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بإنجاز تمثل بتوحيد الرؤى والأرقام بين القطاعين المالي (وزارة المالية) والمصرفي (مصرف لبنان) الأمر الذي يعتبر المفتاح الأساسي لفتح أبواب التفاوض بسلاسة مع الصندوق وحصد نتائج إيجابية.
هي المرة الأولى التي يتقدم فيها لبنان الى صندوق النقد الدولي بأرقام موحدة، ما من شأنه أن يعيد عامل الثقة بالدولة اللبنانية بعد أن فقدت مصداقيتها بالكامل خلال حكومة الرئيس حسان دياب حيث تحولت الأرقام الى وجهة نظر عبّر عنها كل فريق بتقديم أرقام مختلفة عن الآخر، ما دفع بلجنة المال والموازنة حينها الى التدخل ودراسة الأرقام وإصدار أرقام خاصة بها، ما زاد الطين بلة بوجود أرقام لكل من مصرف لبنان ووزارة المالية ولجنة المال والموازنة ما عطل عملية التفاوض.
هذه المعضلة، تم تجاوزها اليوم في اجتماع الأمس الذي ترأسه رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، بمشاركة نائبه سعادة الشامي، ووزير المالية يوسف خليل، ، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة والنائب نقولا نحاس، حيث أكد الشامي إثر الاجتماع أن “الخلاف على الأرقام إنتهى، وكان هناك وضوح في الرؤية من حيث وحدة الأرقام ووحدة التقييم للقطاع المالي”، كاشفا عن “مناقشة مستفيضة جرت حول كيفية معالجة الفجوة الموجودة في القطاع المصرفي والمقصود بها ما يملكه هذا القطاع من أصول بالعملات الأجنبية وما عليه، وعن طرح عدة اقتراحات هي قيد الدرس”، مشددا على أن “كل شيء سيتم درسه خلال إجتماع ثان سيعقد خلال الاسبوع الجاري للوصول الى رؤية موحدة ونهائية لتقديمها خلال التفاوض مع صندوق النقد الدولي”.
ما وصلت إليه اللجنة الوزارية من توافق يؤكد أن الطريق ستكون معبدة للانطلاق نحو تفاوض مثمر مع صندوق النقد الدولي، للبحث في خطط النهوض الاقتصادي والتمويل وهيكلة المصارف، والاصلاح، إضافة الى السعي الحثيث لرد الأموال الى المودعين وفق آليات محددة، حيث سبق وشدد الرئيس ميقاتي على أن المودعين هم الجهة الأقل تحملا للخسائر التي ستوزع بين الدولة والمصارف.
إجتماع اللجنة الوزارية أمس، والوصول الى رؤى موحدة حيال الأرقام، يؤكد بما لا يقبل الشك، بأن ثمة جهود مضنية تبذل من أجل تجاوز التعطيل الذي لم يعد مبررا للحكومة، وأن كل الاتهامات التي يطلقها بعض من يريدون تصفية الحسابات، بأن الحكومة تحولت الى تصريف أعمال أو أنها إنتهت أو دخلت في موت سريري هو كلام يجافي الواقع الذي يشير بأن الحكومة معطلة شكلا، أما مضمونا فإن ثمة “خلية نحل” تعمل في السراي الحكومي على كثير من الملفات المعيشية والاجتماعية والاقتصادية والخدماتية، بإنتظار نجاح المبادرات التي يقودها الرئيس ميقاتي لاعادة إنتظام الوضع السياسي وإنهاء التعطيل الحكومي الذي تشير كل المعطيات الى أنه لم يعد في مصلحة أحد خصوصا في ظل الغليان الذي يجتاح الشارع والاحتجاجات المرشحة للتصعيد!..