المقاتلون الأجانب في هولندا وألمانيا ـ تشريعات سحب الجنسية
إعداد وحدة الدراسات والتقارير “3”
المصدر: ECCI
تواجه ألمانيا وهولندا منذ هزيمة تنظيم “داعش” في مارس 2019 معضلة إستعادة المقاتلين الأجانب وذويهم المتواجدين في مخيمات الاحتجاز في سوريا والعراق. ومازالت تقرر معظم الحكومات الأوروبية ما إذا كانت ستعيد الأفراد إلى أوطانهم على أساس كل حالة على حدة ، وقد رفض البعض إعادة المواطنين بناءً على مخاوف أمنية.
المقاتلون الأجانب الألمان و تعديل قانون الجنسية
خلصت تقديرات جهاز الاستخبارات الخارجية الألمانية في 13 يوليو 2021 إلى أن الخطر الذي يمثله تنظيما “القاعدة” و”داعش” لم يتراجع، حتى بعد مضي ما يقرب من 20 عاماً على هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة. ويقول ” برونو رئيس” جهاز الاستخبارات الخارجية الألمانية “ليس لدينا في الوقت الراهن أي مدعاة لإطلاق صافرة الأمان”. تشير التقديرات إلى أن أكثر من (1200) مواطن ألماني انضموا إلى تنظيم “داعش” وفقا لـ”يورونيوز”في 10 أغسطس 2021 .
وافق البرلمان الألماني في عام 2019 على تعديل قانون الجنسية وفقا لـ”مهاجر نيوز”. ويسمح التعديل بسحب الجنسية الألمانية من أشخاص يقاتلون بين صفوف “تنظيمات إرهابية” ويحملون جنسيات أخرى. و تنص الفقرة (28) من قانون الجنسية الألمانية، على أن أي شخص ألماني يفقد جنسيته، في حال تطوع في خدمة القوات المسلحة لدولة أجنبية كان هو من مواطنيها. وبالرغم من تعديل قانون الجنسية إلا أن السلطات الألمانية لم تجرّد أي مقاتل أجنبي من جنسيتها حتى الآن.
وأعلن ” هايكو ماس ” وزير الخارجية الألماني في 7 أكتوبر 2021، أن حكومته أعادت إلى ألمانيا من شمال شرقي سوريا (8) نساء ممّن انضممن إلى صفوف تنظيم “داعش”، و(23) طفلاً. وأكد “ماس” في بيان إن “الأطفال ليسوا مسؤولين عن وضعهم، الأمهات سيحاسبن أمام القضاء الجزائي عن الأعمال التي ارتكبنها، عدد كبير منهنّ وُضع في الحبس بعد وصولهنّ إلى ألمانيا”. المقاتلون الأجانب ـ الأسس القانونية ومواثيق العهد الدولي بإستعادة دول أوروبا رعاياها
وجه الادعاء الفيدرالي الألماني في 2 نوفمبر 2021 اتهامات لـ” ستيفاني أ” بالانتماء إلى منظمة “جند الأقصى”، ثم لاحقا إلى “داعش” ، قامت مع زوجها في الرقة. وقام الزوجان، اللذان كان يتلقيان تمويلا من “داعش” بتجنيد ابنهما لدى التنظيم حيث تم اعتقالها في ألمانيا في مارس 2021. أصدرت محكمة في ميونيخ وفقا لـ يورونيوز” في 25 أكتوبر 2021 حكما بالسجن لمدة 10 سنوات على امرأة ألمانية وعضو سابق في تنظيم (داعش) ، لتركها فتاة أيزيدية في العراق تموت من العطش.
المقاتلون الأجانب الهولنديون و إجراءًاتسحب الجنسية
تقدّر هولندا في 5 يونيو 2021 وفقا لـ “مونت كارلو الدولية” (75) عدد الفتية والفتيات الموجودين في المخيمات بالإضافة إلى (30) إمرأة و(15) رجلاً محتجزين لدى الأكراد.والأطفال هم جزء من (220 )طفلاً على الأقل يحملون الجنسية الهولندية في سوريا أو تركيا المجاورة، وفق سلطات بلادهم، (75 %) منهم دون سن الرابعة وقد ولدوا في المنطقة لأبوين يحملان الجنسية الهولندية. المقاتلون الأجانب ـ إشكالية العودة وغياب التنسيق
سلّمت السلطات الكردية (4) هولنديين هم سيدة و(3) أطفال، من أفراد عائلات تنظيم “داعش” إلى وفد دبلوماسي من هولندا الذي ضمّ مبعوث هولندا الخاص إلى سوريا إميل دي بونت ومدير وزارة الخارجية للشؤون القنصلية والتأشيرات ديرك يان نيوفنهوس.ويقول ” إميل دي بونت” “هذه مهمة قانونية قنصلية محددة للغاية قررت حكومتي القيام بها لأن محكمة هولندية أصدرت أحكامًا في هذه القضايا المحددة”. ولم يذكر تفاصيل أخرى بشأن الأحكام. قضت محكمة هولندية العام في 5 يونيو 2021 بأن السلطات ليست ملزمة بإعادة مجموعة من ) 23( امرأة هولندية و ) 56( من أطفالهن المحتجزين في شمال سوري في عام 2020. قال الخبراء إنه ستكون هناك استثناءات للحالات الفردية.
تعد هولندا من دول الاتحاد الأوروبي التي تعتبر بشكل صريح أن الانخراط في أنشطة إرهابية سبب لسحب الجنسية. ويمكن للإقامة طويلة الأمد في الخارج أن تُسفر عن حرمان الشخص من الجنسية بشكل قسري وهو الأمر الذي ينطبق أيضا إذا ما حصل الشخص على جنسية دولة أخرى. ويمكن أن يكون البقاء خارج تسع دول في الاتحاد الأوروبي لفترات طويلة سببا وراء سحب الجنسية.
يُظهر تقييم أجري في ديسمبر 2020 نشرته “nltimesl” في 1 مايو 2021 أن السلطات الهولندية بدأت (21) إجراءً لسحب الجنسية. كما فقد (11) شخصًا جنسيتهم الهولندية إجمالاً. وتقول السلطات الهولندية أنها تصرفت بشكل قانوني عندما جردت (6) مواطنين هولنديين مغربيين من الجنسية الهولندية بدعوى سفرهم إلى سوريا للانضمام إلى تنظيم داعش أو جماعات وتنظيمات إرهابية أخرى. وأصدر مجلس الدولة حكما أعلن فيه إن لوزير الدولة السابق للعدل والأمن أسباب كافية لسحب الجنسية الهولندية منذ عدة سنوات.
فقد الرجال الأربعة والمرأتان جوازات سفرهم الهولندية في عامي 2017 و 2018. وأدين (3) منهم غيابيا بالانضمام إلى جماعة إرهابية. لم تتم إدانة الثلاثة الآخرين ، لكنهم فقدوا جنسيتهم على أساس تقارير استخبارية رسمية من جهاز الأمن المدني الهولندي AIVD. وتمكنت السلطات الهولندية من إثبات مشاركتهم في هذه المجموعات بعد تعديل القانون في 11 مارس 2017 ،والذي أعطى الإذن لوزارة العدل والأمن لاتخاذ الإجراء الصارم. لا يسمح القانون للحكومة بإلغاء الجنسية الهولندية إذا تركت الشخص عديم الجنسية. نظرًا لأن الأشخاص الستة المعنيين هم أيضًا مواطنون مغاربة ، فقد تم إجراء التجريد من الجنسية بشكل قانوني ، وفقًا لما قرره مجلس الدولة.
التقييم
باتت القوانين والتشريعات في القارة العجوز تلزم الدول الأوروبية بضرورة إعادة مقاتليها الأجانب وأسرهم، وبالنظر إلى المعايير الأوروبية نجد أنه لايوجد معيار ثابت يتم تطبيقه على العائدين. وتفكر معظم الحكومات الأوروبية لاسيما هولندا وألمانيا في إعادة مقاتليها الأجانب وذويهم إلى أراضيهم على أساس “كل حالة على حدة” ، لكن توجد بعض المخاوف الأمنية والقلق بشأن عودتهم.
يسعى كثير من المقاتلين الأجانب في تنظيم “داعش” إلى العودة لألمانيا وهولندا ما دفع السلطات الهولندية والألمانية إلى الانضمام لسياسات الدول الأوروبية التي تسعى إلى سحب جنسيتها من مقاتليها الأجانب الذين سافروا لمناطق الصراعات وثبت تورطهم في القتال تحت راية التنظيمات الإرهابية
تشكل العوائق القانونية والاقتصادية والاجتماعية معضلة كبيرة فيما يتعلق بالتعامل مع ملف استعادة المقاتلين الأجانب وذويهم.. ففي ألمانيا هناك عوائق قانونية تمنع تتبع ومراقبة بعض المقاتلين الأجانب العائدين رغم تصنيفهم على أنهم خطرون. كذلك العائق الاقتصادي في توفير التمويل اللازم لتعيين كوادر إضافية في الاستخبارات الألمانية لتتبع ومراقبة العائدين. مرورا بتوفير التمويل اللازم لبرامج نزع التطرف وإعادة الاندماج للعائدين.
تأتي هولندا في مقدمة دول الاتحاد الأوروبي التي ترى السفر إلى مناطق الصراعات والقتال ضمن صفوف تنظيمات متطرفة سببا صريحا لسحب الجنسية. تسمح التعديلات التي أجراها البرلمان الألماني بسحب الجنسية الألمانية ممن ثبت التحاقهم في صفوف “تنظيمات إرهابية” ويحملون جنسيات أخرى. لكن لم تصدر أحكام قضائية في ألمانيا بتجريد أي مقاتل أجنبي من جنسيتها. وتبقي الأحكام القضائية تتراوح ما بين 3 إلى 5 سنوات سجن، وإطلاق سراح الغير متورطين في جرائم كمحاولة لإعادة دمجهم في المجتمع.