بعد توحيد حزب البعث العربي الاشتراكي في لبنان، بقرار من الرئيس السوري الدكتور بشار الاسد، نهاية الاسبوع الماضي في دمشق، فهل تكون الخطوة الثانية، هي اعادة الوحدة الى الحزب السوري القومي الاجتماعي، الذي لم تتأخر القيادة السورية، وبتوجيه من الرئيس الاسد شخصياً، في العمل على انهاء الانقسام الذي حصل داخله، اثر الانتخابات التي جرت في 13 ايلول عام 2020، وتركت تداعيات سلبية على وحدة الحزب، اذ تبادل طرفا الانقسام اتهامات حول التلاعب بالعملية الانتخابية، وحصول تزوير، وعدم تقبل اسعد حردان للنتائج التي حل فيها في اسفل لائحة الفائزين بعضوية المجلس الاعلى والاصوات المتدنية التي حصل عليها، وهو الاقوى في الحزب، او صاحب النفوذ فيه، وفق ما تشير المعلومات المستقاة من مصادر قيادية متعددة في الحزب، اذ كان حردان هو الذي يأتي بالمجلس الاعلى ثم برئيس الحزب او بمجلس العمد، فاذا بالمشهد الحزبي ينقلب ويخسر الانتخابات في نهاية الصيف الماضي، ولم تنجح محاولات قامت بها القيادة السورية لرأب الصدع وانهاء حالة الانقسام التي استجدت.

ولم توقف دمشق، مبادرتها لاعادة الوحدة الى الحزب القومي، وان كانت تفعّلها احياناً، وتعلقها في مرات، ويقوم السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي، بمهمة التواصل مع طرفي الصراع والانقسام في الحزب، الى قوميين انتظموا في هيئات خاصة بهم، او يقفون على الحياد بين القيادتين الحزبيتين الاولى برئاسة ربيع بنات، والثانية برئاسة حردان، الذي اعيد انتخابه الاسبوع الماضي رئيساً للحزب من قبل المجموعة المؤيدة له، بعد عقد مؤتمر قومي عام، قبل اكثر من شهر في ضهور الشوير، اذ باعادة انتخاب حردان، تكرس الانقسام، وفق مصدر قومي محايد، والذي يشير الى ان كل طرف بات له تنظيمه، وان الحزب برئاسة بنات، وجه دعوة الى مؤتمر عام في 18 كانون الاول المقبل، سيخصص للبحث في الشأن الحزبي الداخلي، كما انه سيقوم بعملية ملء الفراغ في المجلس الاعلى الذي فقد النصاب مع استقالة اعضاء منه، اضافة الى تشكيل هيئة منح رتبة الامانة، والمحكمة الحزبية، اضافة الى هيئة مكتب المؤتمر، وقد يشهد الحزب برئاسة بنات استقالات واقالات من مجلس العمد (السلطة التنفيذية)، وجرى تعيين بدائل عنها.

ويعاني التنظيمان اللذان يحملان اسم الحزب القومي، من مشاكل داخلية، بدأت تؤثر فيهما، بحيث لم يقنع اي منهما، القوميين الاجتماعيين بما وصل اليه الحزب من انهيار تنظيمي، بدأ يظهر في وحدة النهج والروح والممارسة المناقبية، يقول المصدر الذي يشير الى انه لا توجد محاولات من التنظيمين لتوحيد الحزب، الذي ينتظر كل منهما ما ستبادر اليه القيادة السورية، التي تشير مصادرها، الى ان الرئيس الاسد، اوعز الى معاونيه، وابرزهم نائبه للأمن الوطني اللواء علي مملوك، ان يفعل اتصالاته للتعاون والتنسيق مع السفير السوري في لبنان، للوصول الى حل، يجمع كل القوميين في مؤتمر واحد، على غرار ما جرى مع حزب البعث، وباسلوب فيه من الضغط لتحقيق الوحدة.

وعلى الخط دخل رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني النائب طلال ارسلان، الذي بدأ جولة استطلاع بين مركزي جناحي القومي، اذ تتحدث مصادر مطلعة على حركة ارسلان البعيدة عن الاضواء، والتي بدأها قبل نحو عشرة ايام، على انه بحث مع الرئيس السوري قبل فترة، عن مسعى لوحدة الحزب القومي، فكان رده بانه لم يتأخر هو في الدفع بهذا الاتجاه، وان من يتابع الملف هو اللواء مملوك الذي يمكن التواصل معه، وهو من يملك المعطيات، وهذا ما حصل، وابلغ مملوك ارسلان بالمراحل التي وصل اليها مع طرفي النزاع، وان احدهم برئاسة بنات حضر الى مكتبي وخرج ولم يعد مع رئيس المجلس الاعلى عامر التل، الى لبنان.

وكان ارسلان التقى وفداً من مركز الحزب القومي في الروشة الذي يرأسه بنات، وعرض له واقع الازمة التي يمر بها الحزب، والاجراءات التي اتخذت حيال جناحهم لا سيما في سوريا، وانهم ظلموا بها، وباتوا يشعرون بان القيادة السورية منحازة الى تنظيم حردان، وان السفير السوري، لا ينقل كل الحقيقة.

وزار ارسلان، النائب حردان، قبل يوم من انتخابه رئيساً للحزب، وبحث معه في موضوع الانقسام، حيث عرض حردان الايجابيات التي قام بها الحزب، لجهة قبوله مبادرة حنا الناشف كرئيس للمؤتمر، بعقد مؤتمر موحد مع انتخابات، وحصل تراجع عنها من قبل الطرف الآخر، كما عن تحديد مواعيد لمؤتمرات اخرى، حيث تقول مصادر حزبية في جناح حردان، انه ابلغ ارسلان بان الكرة هي في ملعب جماعة الروشة، الذين عطّلوا انعقاد مؤتمر واحد، مما اضطر الحزب الى عقد المؤتمر وانتخاب قيادة جديدة.

كما التقى ارسلان قبل ايام قليلة، قياديي الحزب في الروشة، الذين ابدوا ليونة، وطرحوا ضمانات، وتمنى عليهم ارسلان صياغتها برسالة.

فالحراك الارسلاني، الذي يلقى مباركة سورية، ما زال في مرحلة الاستطلاع، اذ ان استحقاق الانتخابات النيابية القادمة، تفرض الا يكون الحزب القومي مشرذماً، وهو يفترض ان يكون حليفا لارسلان، وتجمعهما مناطق مشتركة.