الأميركي للسعودي: افعلوا ما فعلناه في أفغانستان: «لستم أقوى منا وليسوا أضعف من طالبان»
ناصر قنديل-البناء
– تخصص ورشات عمل العديد من مراكز الدراسات الأميركية أبحاثها للوضع في اليمن، في ضوء المستجدات التي لم يعد ممكناً إخفاؤها، والتي تتلخص بالتقارير المجمع عليها حول اعتبار سقوط مدينة مأرب بيد أنصار الله مسألة وقت، والتي اختصرها معاون وزير الخارجية الأميركي السابق ديفيد شنكر بقوله في إحدى ورشات العمل البحثية، إن استحواذ الأنصار على مأرب بات محسوماً، واصفاً ذلك بالسيناريو الأسوأ لواشنطن والرياض، وبخسارة الحرب على اليمن خسارة كاملة، والإجماع على مكانة مأرب يطال الجميع أميركيين وسعوديين ويمنيين، وعلى ضفاف ما يجري في مأرب برز المؤشر الثاني وهو تضعضع التحالف المناوئ للأنصار، وما ظهر على جبهة الحديدة كاف لإثبات ذلك، فإن كان ما جرى نتيجة صفقة فهو كارثة تشي بانهيار التحالف، وإن كان نتيجة سوء تنسيق بخلفية الخوف من تداعيات انهيار جبهة مأرب على القوات المنتشرة في الساحل بلا عمق يحميها، فتلك مصيبة، وفي الحالتين ستتواصل التداعيات، خصوصاً إذا أضيف للمشهد التمايز الإماراتي عن السعودية بخطوات يمنية يظهرها تمايز وضع الجنوب اليمني، وإقليمية كان آخرها التواصل العالي المستوى بين الإمارات وإيران وما نشر عن زيارة شخصية إماراتية كبيرة لطهران قريباً، فيما تبقى الإمارات بخلاف السعودية بمنأى عن استهداف الأنصار لمدنها وسفنها بصورة تثير شكوك السعودية بتفاهمات تحت الطاولة.
– أغلب الباحثين الأميركيين يشبه الوضع في اليمن بالوضع في أفغانستان عشية اتخاذ قرار الانسحاب الأميركي، فوضع قوات منصور هادي ليست أفضل حالاً من قوات أشرف غني، وعزم وعناد واقتدار أنصار الله ليس أقل مما أظهرته حركة طالبان، وحجم الحصار المفروض على أفغانستان لم يكن دون مستوى الحصار على اليمن، والأميركيون يقولون إنهم وهم يختلفون على ظروف الانسحاب يتفقون على أنه كان خياراً مراً لكن لا بد منه، فالوضع بدا ميؤوساً منه، والبقاء لعشرين سنة أخرى لن يغير المشهد، إلا باستنزاف المزيد من الأموال وإزهاق المزيد من الأرواح، ويقول بعض هؤلاء الباحثين، ربما يكون وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي آخر من استخدم توصيف الحرب العبثية، بما يتضمنه التوصيف لحرب لا نصر فيها، لكن لا هزيمة، بينما صارت اليوم حرباً مضمونة الخسارة، ولم يعد لدى السعوديين ترف الوقت لاتخاذ القرار بالانسحاب، وتجاوز الأمر حدود الحديث عن كارثة إنسانية محققة، فقد أنتجت الحرب تحولاً استراتيجياً كبيراً.
– السعوديون عبر وسائل إعلامهم يغيبون عن النقاش، لكن فلتات مواقف وردت على قناة العربية الحدث، كانت تدعو واشنطن للتساؤل عما يعنيه نشوء أفغانستان ثانية على البحر الأحمر تمسك بمضيق باب المندب، بدت رداً أو مناقشة للنصيحة الأميركية، من خلال المقارنة بين الموقع الاستراتيجي لكل من أفغانستان واليمن، حيث اليمن بقوته الصاعدة شريك مقبل في أمن الطاقة والملاحة الدولية، وباب المندب أحد أهم المضائق العالمية، الذي يزيد أهمية عن مضيق هرمز ومضيق جبل طارق، فهو وحده يربط أربعة بحار ومحيطات، هي البحر الأحمر والمحيط الهادئ والخليج والبحر الأبيض المتوسط، ويطرح السعوديون أسئلة ينتظرون أن يتلقفها الإسرائيليون حول الخلل الاستراتيجي في موازين القوى التي تترتب على التسليم بخسارة اليمن، الذي لا تخفي قيادته اصطفافها في محور المقاومة، وما أظهرته من مقدرات يجب أن يحسب له الحساب في كل ما يطال أمن «إسرائيل»، فيما يرد الأميركيون أنهم خسروا مع الخروج من أفغانستان التواجد من مسافة صفر مع كل من إيران والصين وروسيا، وتركوا الفرص مفتوحة لاحتوائها من التحالف الإيراني الصيني الروسي، بالإضافة لفرص تواصل أطراف هذا التحالف عبر اليابسة للمرة الأولى عبر الجغرافيا الأفغانية، لكن كل هذا كان لا بد من تقبله لاستحالة البقاء.
– كيف سيتصرف الأميركيون والإسرائيليون، وكيف سيتفاعل السعوديون، يقول الأنصار إنهم جاهزون لكل احتمال، وأن بديل النصر هو النصر فقط، والخيار بين نصر لليمن لا يشعل المنطقة ونصر يأتي بعد اشتعالها، لكنه لن يكون محصوراً باليمن عندها.