عون بعد نهاية عهد “مخيب للآمال” وفي مواجهة أزمات “التيار” الحادة
مصباح العلي
لم بعد بالإمكان إخفاء أزمات “التيار الوطني الحر” المتشعبة عند اقتراب نهاية العهد وعلى مقربة من الانتخابات النيابية. في الأصل تتصرف قيادة “التيار” منذ اندلاع الثورة الشعبية وفق قاعدة الحرب الشاملة والمفتوحة دون الانتباه لحجم التصدعات تنظيمياً وشعبياً.
يبرز السؤال تلقائيا عن كيفية تعامل مؤسس “التيار”بعد عهد مخيب للامال بكل المقاييس، بغض النظر عن الحجج المعلبة حول عدم مسؤولية الرئيس عون عن الأحوال المأسوية التي وصل إليها لبنان في عهده. كل التكهنات تدور حول مصير رئاسة الجمهورية وتصرف الرئيس عون بعد انقضاء ولايته على صعيد خيارات متعددة منها التمديد القسري منعا للفراغ الدستوري او اجراء انتخابات مبكرة تفضي إلى انتخاب باسيل او تسليم دفة إدارة الفراغ لجبران باسيل داخل الحكومة وعبر الكتلة النيابية التي يرأسها.
من الواضح، سقوط نظرية “العهد القوي” أمام حجم المشكلات الشائكة حيث اتسم عهد عون بعنوان الانهيار والازمات الحادة، كما لم تنفع كل الوصفات لدعم موقف عون سواء عبر تشكيلات قصر بعبدا او تحصين وضعه السياسي على طاولة مجلس الوزراء والتي ادت لنتائج عكسية، ولم يعد امام “التيار الوطني الحر” سوى شن الهجمات على الطبقة السياسية دون هوادة، وبالتالي فان الصخب والضجيج لا يفلحان في معالجة أزمة الانسداد السياسي الكامل التي يعاني منها عون في العام الاخير من عهده.
يخالف قطبٌ سياسي بارز الرأي القائل بأن” التيار الوطني الحر” هو خط الدفاع الأول عن الرئيس بل على العكس تماماً، معتبرا أن أزمة حجم وتمثيل “التيار” كما خلافات جبران باسيل وحساباته الشخصية والسياسية ساهمت في استنزاف العهد طوال السنوات الماضية، بالإضافة إلى نكسة جديدة تعرض لها عهد عون عبر تعطيل الحكومة الحالية من قبل حليفه هذه المرة، ما يسقط عمليا كل الاتهامات عن استهداف عون وبقاء ما تبقى من عهده دون حكومة من أجل تفشيل عهده و تدفيعه أثمانا سياسية باهظة.
في غضون ذلك، شكلت الانتخابات التمهيدية داخل التيار صدمة مدوية، كونها كشفت غربة قيادة “التيار” عن قاعدته والتي تجلت بتدني التصويت لاختيار المرشحين للانتخابات النيابية، فضلا عن بروز التفسخات التنظيمية والخلافات التي من شأنها وضع “التيار” أمام خطر وجودي ، ليس اقلها التفجير من الداخل، وهذا امر ليس سهلا حدوثه طالما ان عون ارتكز طوال مسيرته السياسية على قوة شعبيته.
لا يتعلق الأمر بتراجع قبضة باسيل الحديدية التي تسيطر على الحالة الحزبية بقدر تنامي مراكز نفوذ موازية داخل الهيكل التنظيمي ما يعزز حدة الاستقطابات وينعكس صراعاً داخلياً يساهم إلى حد بعيد في تبديد جهود النائب جبران باسيل لشد العصب على مقربة من اشتداد الحملة الانتخابية.
عشية الانتخابات النيابية، ورغم التشكيك في حدوثها لا يمكن وفق مصادر مطلعة التكهن بحجم “التسرب الشعبي” بعد انفصال شامل روكز او انفضاض عدد من نواب التيار، فضلاً عن استفادة خصوم باسيل داخل التيار او “المبعدين” مع بداية ظهور “الخط التاريخي” كإطار لمواجهة باسيل في عمق القاعدة العونية واستعداد عدد من المرشحين لمقارعة “التيار” انتخابياً و شعبياً.
المصدر: خاص “لبنان 24”