“كفّ يد” مزهر… والبيطار ينتظر قرار “الهيئة القضائية” جنبلاط لا يسعى إلى “المواجهة”: “بس خلّونا نعيش”!
يعلم “حزب الله” قبل سواه، أنّ الأغلب الأعمّ من اللبنانيين ضاقوا ذرعاً من تداعيات سطوته على البلاد وأنه بات بنظر الشريحة الأوسع منهم المسؤول الأول، بجناحيه العسكري والسياسي، عما وصلت إليه أحوال لبنان من بؤس وخراب وانهيارات متدحرجة فوق أنقاض عهده الرئاسي وأكثريته النيابية… ومع أنه “يعلم”، لكنه لا يزال يكابر ويعضّ على جراح اللبنانيين ويمعن في سحل دورة حياتهم تحت “محدلة” خيارات داخلية وخارجية يفرضها فرضاً على البلد ولم تترك طريقاً نافذاً للإنقاذ إلا وردمته، رافعاً سقف التحديات والمواجهات والنزاعات إلى مستويات تصعيدية تصاعدية، سواءً داخلياً مع تسعير نار التوترات سياسياً وحكومياً وقضائياً وطائفياً وأمنياً، أو خارجياً مع إدخال لبنان عنوةً في أتون قطيعة خانقة مع دول الخليج العربي.
وبعدما خابت المحاولات والرهانات التي عوّلت مراراً وتكراراً على استثارة الأولويات اللبنانية في أجندة “حزب الله”، مقابل تغليب وجهة نظر المتيقّنين من أن “الحزب” لا يملك تقديماً أو تأخيراً في ترتيب أولوياته اللبنانية خارج نطاق “الفهرسة” الإيرانية لمسار الأحداث، تصعيداً أو تبريداً، على امتداد “ساحاتها المتشابكة” في المنطقة، عبّرت أوساط قيادية في “الحزب التقدمي الاشتراكي” عن قناعتها بأنّ “تأزيم الأوضاع في لبنان لا يمكن فصله عن المرحلة المأزومة التي تمر بها طهران في العراق”، ومن هذا المنطلق جاءت صرخة “رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط “لا ليسعى من خلالها إلى فتح مواجهة مع “حزب الله” بل ليقول له بصراحة: وصلتونا إلى القعر بكل شيء، لوين آخذينا بعد؟ بس خلونا نعيش!”.
وإذ أسفت لنهج التعطيل الذي يفرضه “حزب الله” على الحكومة في وقت البلد ينهار وبات بأمسّ الحاجة إلى تفعيل العمل الحكومي للشروع في مشروع إنقاذ اللبنانيين، شددت الأوساط “الاشتراكية” على أنّ “قدرة الناس على الصبر والتحمّل استنفدت “وعلى قدر ما صبرنا رح نبجّ”… وفي نهاية المطاف يريدنا “حزب الله” أن نواجه الأزمة بـ”سفينة ونصف” مازوت إيراني؟ والآن جرّنا إلى قطيعة مع العرب تقطع أرزاق اللبنانيين في الداخل والخارج”، وأضافت: “نحن لا نريد لا خوض مواجهات ولا فتح جبهات مع أحد لكن الوضع لم يعد يطاق ولا بد من إعلاء الصوت في مواجهته”.
وعن رد المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، آثرت الأوساط “الاشتراكية” عدم الخوض في السجالات واكتفت بإبداء استغرابها لمحاولة وضع مواقف جنبلاط في خانة مهاجمة الطائفة الشيعية، مذكرةً بأنه على تشاور دائم مع رئيس مجلس النواب نبيه بري “إلا إذا كانوا معتبرين الرئيس بري مش شيعي؟!”، كاشفةً أنه بحسب المعلومات المتوافرة لديها فإنّ موقف الشيخ قبلان “غير منسّق مع عين التينة”، وختمت: “بأي حال نحن نقول موقفنا بالسياسة وإذا أراد “حزب الله” أن يردّ علينا بالسياسة أهلاً وسهلاً لكن من دون زجّ الطوائف في الخلاف السياسي”.
قضائياً، تتواصل خطة “الإغراق الممنهج” لملف جريمة انفجار المرفأ في مستنقع الدعاوى والدعاوى المضادة توصلاً إلى تكبيل التحقيق العدلي بسلسلة من القيود الهادفة إلى كف يد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار، وكل أيادي القضاة المتناوبين على درس أي جانب من جوانب الملف، بغية إدخال التحقيقات في الجريمة في دهاليز قضائية ترمي إلى شلّها وتطويق مفاعيلها.
وبينما حددت النيابة العامة التمييزية أمس “المجلس العدلي كمرجع مختصّ للنظر في طلب رد المحقق العدلي أو تنحيه”، برز في هذا السياق تبلّغ رئيس محكمة الاستئناف المدنية القاضي حبيب مزهر، دعوى رده عن النظر بدعوى المدعى عليه الوزير السابق يوسف فنيانوس التي كان قد طلب فيها كفّ يد القاضي البيطار عن التحقيق بملف انفجار مرفأ بيروت، وذلك بالتوازي مع إقدام مجموعة نسائية من المجتمع المدني على مواجهته أمام مكتبه وختم بابه بـ”الشمع الأحمر” اعتراضاً على تجاوز صلاحياته القضائية بقرار كف يد البيطار. في حين، حضر المحقق العدلي إلى مكتبه أمس من دون أن يستأنف جلسات الاستماع في القضية بانتظار قرار “الهيئة القضائية” التي سيتم تكليفها النظر في قرار مزهر لجهة تثبيته أو إلغائه، على أن يصار كذلك إلى تعيين قاض جديد بعد كف يد مزهر ليحل مكان القاضي نسيب إيليا للبت في الدعوى المحالة أمامه.