لماذا ما يصح مع بيطار لا يصح مع مزهر
البناء
خلال شهر واحد انقلب الذين بقوا لعام كامل يخوضون معركة الدفاع عن إطلاق يد القضاء والامتناع عن الاشتراطات في التعامل معه، ورفض حتى ممارسة الحق القانوني للمراجعات القضائية لقرارات المحقق العدلي طارق بيطار، وصولاً للتخلي عن كل الخطابات السابقة لأصحاب هذه الدعوات التي كانت تعتبر القضاء مجرد ألعوبة بيد الدولة التي يقولون إنها تحت سيطرة حزب الله .
وقف البطريرك الراعي ووقفت أحزاب الكتائب والقوات اللبنانية وجمعيات المجتمع المدني صفاً واحداً وراء هذا المنطق لسنة كاملة، ومعهم نشطاء وخبراء ومحللون، وفجأة عندما طلب رئيس حزب القوات اللبنانية لتقديم إفادته، تبنى هؤلاء خطاب خصومهم، فتحدثوا عن التسييس، وعن القبول المشروط، وانقلبوا على خطابهم، وسمعنا البطريرك الراعي يتحدث عن عدم جواز ملاحقة الرموز، بينما لم يكن لديه مانع من اتهام المطالبة باحترام ملاحقة الرؤساء والوزراء أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء بانتهاك مبدأ التساوي أمام القانون.
ما يجري مع عضو مجلس القضاء الأعلى القاضي حبيب مزهر، منذ تكليفه البت بطلب تنحية القاضي نسيب إيليا عن الغرفة الثانية عشرة في محكمة التمييز الناظرة في طلب رد القاضي بيطار، يكشف الانتقائية والاستنسابية لدى هذا الفريق، فيخرج البطريرك الراعي ليتحدث عن خطر تعطيل عمل القضاء على أيدي بعض القضاة، متسائلاً: «هل أصبح بعض القضاة عندنا غبّ القضاةطلب لدى بعض المسؤولين والأحزاب والمذاهب؟».
السؤال البديهي هو كيف يستقيم الحديث عن طاعة عمياء للقاضي بيطار بصفته رمزاً للنزاهة، واعتبار كل موقف قضائي لا ينسجم مع هذا المطلب تخريباً لعمل القضاء، فهل هناك قاض دمه أزرق وآخر دمه أحمر، أم أن المطلوب تقسيم القضاة على أساس الطوائف والمذاهب؟
أليس الأصح هو تقبل أن القضاة جزء من فرضية الصح والخطأ، وتقبل أن طرق المراجعة القانونية بوجه القضاة لها ذات الحصانة، سواء استهدفت رد القاضي بيطار أو رد القاضي مزهر؟