تحقيقات - ملفات

لقاءات اليومين في “غلاسكو” إختصار للمسافات والوقت… النتائج قريبة

 

اندريه قصاص

“كنا عم نحلق صرنا عم نقبّع أضراس”.
هذا المثل الشعبي ينطبق على وضع الحكومة حاليًا. فبدلًا من أن تصبّ كل اهتمامات رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع رؤساء الدول المجتمعين في قمة “غلاسكو” في إسكتلندا على تذكيرهم بما سبق لهم أن وعدوا به لبنان من مساعدات لإخراجه من تحت الأرض، وجد نفسه مضطرا لتكريس جزء من الوقت على متابعة الازمة مع السعودية بعد تصريح وزير الإعلام جورج قرداحي، الذي قصم ظهر هذه العلاقات.

القصّة ليست قصّة رمانة بين بيروت والرياض، بل هي قصّة قلوب مليانة بين القيادة السعودية وجزء من اللبنانيين، الذين يشكّلون البيئة الحاضنة لـ”حزب الله”. وهذه العلاقة المتوترة بين الرياض وحارة حريك ليست بنت ساعتها، بل تمتد إلى عمق أعماق أزمة الإقليم، ومنذ اليوم الأول لإندلاع الحرب في اليمن، مع ما تعنيه هذه الحرب بين الدولتين الجارتين من علاقات متوترة تعود إلى سنة 1943 عقب الحرب السعودية – اليمنية وتوقيع معاهدة بين الملك عبد العزيز آل سعود والإمام يحيى حميد الدين المتوكل.
سبق أن قيل الكثير من الكلام العالي السقف في حق السعودية، وبالأخص في حقّ العائلة المالكة، التي أبقت هذا الكلام ضمن سياق السيناريو، الذي تفرضه طبيعة الصراع في الإقليم. أمّا أن يتناول تصريح لوزير في الحكومة اللبنانية، سواء قيل قبل تعيينه أو بعده، الوضع الدقيق والحسّاس في اليمن، فهو ما أعدّ من قِبل القيادة السعودية تجاوزًا للخطوط الحمر، وهذا ما دفعهم إلى إتخاذ الخطوة غير المسبوقة في علاقتها مع لبنان، وذلك لظنّها بأن ما قاله الوزير جورج قرداحي موحىً به من قبل “حزب الله”.
إن ما كشفته مروحة اللقاءات والإتصالات التي عقدها وأجراها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع الكثيرين من قادة العالم والمسؤولين فيه يؤكد حرص الجميع على إستقرار لبنان، وضرورة مساعدته لإخراجه من قعر الحفرة الموجود فيها حاليًا، ولكن من ضمن الشروط التي سبق أن حدّدتها المبادرة الفرنسية، ووافقت عليها معظم الدول التي تهمّها عودة لبنان إلى حياته الطبيعية.
وهذه اللقاءات التي عقدها الرئيس ميقاتي في “غلاسكو” أثبتت فعالية التحركات الديبلوماسية والديناميكية، التي جاءت متلازمة مع الأزمة الجديدة مع السعودية، والتي يتوقّع الكثيرون أن تثمر الوساطات الدولية حلحلة معينة تمهيدًا لترطيب الأجواء وإعادة العلاقات بين بيروت والرياض إلى سابق صفائها، وذلك بعد زوال المسببات التي أدّت إلى إتخاذ المملكة خطوة لم تكن لتخطر على بال أحد، وإن كان البعض يتوقّعها ولكن لم يكن ينتظر أن تكون بهذه الحدّة.
فلقاءات “غلاسكو” وما يتوقع أن تسفر عنها من نتائج عملية على أكثر من صعيد جاءت لتدحض الدعوات التي كانت قد وجهت إلى الرئيس ميقاتي لقطع زيارته والعودة إلى بيروت بعد الأزمة بينها وبين الرياض.
فما قام به رئيس حكومة لبنان في “غلاسكو”، وفي خلال يومين، إختصر جولات كثيرة كانت ستتطلب الكثير من الوقت والجهد، خصوصًا أن كلامه الصريح مع جميع من إلتقاهم جاء من ضمن خارطة طريق محدّدة التوجهات والأهداف. وهذا ما أكد حتمية إستمرار قيام الحكومة بما كانت قد بدأت به من خطوات، وإن متواضعة ولكن متلاحقة، كردّ غير مباشر على دعوات البعض بوجوب إستقالتها وترك البلاد في مهب الريح.
وفي الإعتقاد أن الأيام الطالعة ستحمل أكثر من حلحلة على غير صعيد. وهذا ما خلصت إليه لقاءات “غلاسكو” من نتائج.

المصدر: خاص “لبنان 24”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى