بين بيروت والرياض … «قلوب مليانة» وأزمة مُتدحرجة من السيئ الى الأسوأ الموقف السعودي الى مزيد من التشدد..و «لضرب نفوذ حزب الله وتمدّده»
ابتسام شديد- الديار
ليست المرة الأولى التي تتوتر فيها العلاقة بين بيروت والرياض، وبالطبع ليس تصريح وزير الاعلام اللبناني جورج قرداحي السبب او المسبب الوحيد للأزمة الحالية استنادا الى موقف أدلى به منذ فترة، فالتصريح الذي أدلى به الأخير حول حرب اليمن واستتبع بسحب سفراء المملكة العربية السعودية والامارات والكويت والبحرين ليس جديدا، وحصل قبل ان يصبح وزيرا في حكومة ميقاتي ، لكنه خرج الى التداول في توقيت سياسي مقصود و»مدبر» بدليل التشدد في الموقف السعودي والتدابير وعدم تجاوب الرياض مع المواقف الرسمية الصادرة من لبنان وذهابها الى التشدد أكثر.
وتؤكد مصادر وزارية على اطلاع بالاتصالات التي جرت، ان الجهات اللبنانية تفاجأت بالتشدد السعودي وعدم تقبل الايضاحات التي صدرت من قبل خلية الأزمة الوزارية ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي حرصا على علاقة جيدة مع الأشقاء في الخليج وعدم توتير العلاقة مع الرياض.
الا ان الواضح كما تقول مصادر قريبة من فريق ٨ آذار ان القضية ليست تصريح الوزير قرداحي، بل هي أزمة مسار سياسي طويل مستمر من حكومة الرئيس حسان دياب الى حكومة ميقاتي اذ تعتبر السعودية انها فقدت السيطرة داخليا فيما كانت تتطلع لأن يكون لبنان من خلال ما تملكه من علاقات مع فريق من اللبنانيين جزءا من محورها وأن يدور في فلكها السياسي.
انتظرت الرياض كما تقول المصادر ردا او تصرفا مغايرا من الجانب اللبناني لم يأت وعلى طريقة من ينتظر سببا لتفجير الأزمة ، فاتخذت القرار بسحب السفير السعودي ووقف التعامل الديبلوماسي مع لبنان، وقد تتوسع الحلقة أيضا الى أبعد من وقف الحركة التجارية والعلاقة الديبلوماسية.
وتؤكد المصادر ان ما يجري اليوم هو الحلقة او المشهد الأخير في مسلسل العلاقة المتأزمة بين لبنان الرسمي والرياض بنسخة أكثر حدة ، فما يجري ليس بعيدا عن المشهد الإقليمي الملبّد بالغيوم ، والمرتبط بمسار المفاوضات في المنطقة الذي يترك تداعيات على الداخل اللبناني.
صحيح ان التصعيد موجه بالدرجة الأولى الى حزب الله على خلفية دعمه للحوثيين في اليمن، ويأتي في اطار التضييق على حزب الله والحكومة التي تعتبرها الرياض حكومة حزب الله، الا ان هذا التصعيد الخطير، كما تؤكد مصادر سياسية في فريق الثامن من آذار، قد يكون مؤشرا لتحضير المملكة للعودة سياسيا الى لبنان وليس العكس، عن طريق ممارسة ضغوط سياسية والتصعيد ضد حزب الله، فالموقف السعودي ليس بالضرورة انكفاء عن الساحة كما يصوره البعض.
بتصريح قرداحي او من دونه، فان السيناريو كان متخذا وسيتم السير في هذا القرار ارباكا للحكومة وتوتير الوضع مقدمة لاحداث التغيير وقلب موازين القوى من خلال الحصار ومعاقبة الحكومة واظهارها عاجزة عن التعامل مع الأزمات ومحاصرتها بالمزبد من الأزمات، فالرياض ليس مرتاحة الى تمدد حزب الله ونفوذه في الداخل والساحات الإقليمية المشتركة، كما ان الرياض لم تكن مرتاحة لإستدعاء رئيس حزب القوات سمير جعجع الى التحقيق لأخذ افادته في حادثة الطيونة.
التصعيد ليس منفصلا عن مسار المفاوضات في فيينا او العقوبات الأميركية التي صدرت مؤخرا وليس معزولا عن معركة مأرب او الأحداث الأمنية التي جرت في لبنان في الأشهر الأخيرة من خلدة الى شويا وأخيرا الطيونة، فهناك من يفتعل الأزمات المتنقلة في الوقت الذي يتخطى لبنان المخاطر الأمنية التي تلامس كل مرة حدود الحرب الأهلية.
وتؤكد مصادر سياسية ان الأزمة لن تجد حلا سريعا ، فاصرار الوزير قرداحي وفريقه السياسي انه لم يرتكب خطأ يســتوجب هذا التصعيد وان لبنان ليس مكسر عصا، يصر المقربون من الرياض على ان الإجراء السعودي كان يجب ان يحصل من وقت طويل لكسر هيمنة حزب الله على المشهد السياسي.