تحقيقات - ملفات

القرداحي أكثر إسلاماً…

“ليبانون ديبايت” – روني ألفا

ملاحظات ربّما لَم تُقَل قبل خَتم الملفّ السوريالي للوزير القرداحي. إعلامي قبل تبوّئِهِ لِموقعه الوزاري يدلو بدلوِه في مسألة إنسانيَّة نتج عنها في اليمن إستشهاد عشرة آلاف طفل بمعدَّل أربعة أطفال يوميّاً منذ اندلاع العدوان على هذا البلد بإحصاء موثوق وموثَّق لليونيسف.

أكثر من ” حرب عبثيَّة ” برأينا على ما صرّحَ به وزير الإعلام اللبناني. حرب إبادة شعب بأكملِه. لا هي مسألة شيعيَّة ولا مسألة سنيَّة. إنها مسألة إنسانيَّة الإنسان. إفتعال أزمة دبلوماسيَّة شَعواء كتلك التي نراها اليوم ليست سوى غسل أيادٍ من دم الأطفال والشيوخ والنساء العُزَّل.

المسألة تغيظ لأنَّها جرائم ترقى إلى مرتبة جرائم ضد الإنسانيَّة. الجريمة ضد الإنسانية هي جريمة دولية بطبيعتها لكون الحقوق التي تم الاعتداء عليها تمس البشرية ويكفي لتوافر الركن الدولي أن تكون الجريمة قد وقعت تنفيذا لخطة مرسومة.

كل هذه المعايير تنطبق على المجزرة التي تُرتَكَب في اليَمَن. المسؤولون عنها لا يمكنهم تجنّب الملاحقة في المحاكم الدولية المختصَّة. دم الإنسان يُراق في اليَمَن لا دَم طائفة ولا دَم مذهب ولا دَم فصيل أو حزب. هذا ما يفضي إليه مفهوم العبثية وهذا بالتحديد الذي يثير حفيظة المعتدي.

قول الوزير القرداحي أنَّ اليمنيين يردّون الإعتداء ويدافعون عن أنفسِهِم ليس بحاجة إلى برهان. أسلحة متطورة مدعَّمة بسلاح جوّ هو الأحدث والأكثر تدميراً في العالم يُستَعمَل ضدّ التجمعات البشرية من دون تمييز بين موقع مدني وموقع عسكري.

الأنكى بالنسبة للمعتدي أنَّ نتائج العدوان بعد سنوات منذ شنّ العدوان لم يحصد أي انتصار يُعتَدّ به. الإنتصار الوحيد كان تجويع حوالي أربعمئة ألف طفل في اليمن.

القرداحي مسَّ بأكثر ما يقلق المعتدي. تحرّك المنظمات الإنسانيَّة والحقوقية الدولية ومعها مرغمٌ الحزب الديمقراطي الحاكم في الولايات المتحدة الأميركيَّة.

كلام القرداحي ينكّد على المعتدي تنظيف السّمعة ومسح بقايا دماء ضَحاياه. بدل أن يكون كلام القرداحي محفّزاً لإعادة النَّظر الفوري بعبثية العدوان وإيجاد مخرج يضمن إلتزام المعتدي بالمواثيق الدولية تمّ حَرف الأنظار نحو إيجاد كبش محرقة هو الوزير القرداحي.

ردّة الفعل إستثنائيَّة وغير مسبوقة في العلاقات الدولية. شيطنة شخص على خلفيَة حريّة التعبير عن الرأي. كلّ ما يفعله المعتدي لفتح بلاده أمام السياحة والتخفيف من القيود الإجتماعيَّة وإفتتاح مدن للحداثة وجزر سياحية للترفيه، كل هذه ينكّدها تصريح رجل من لبنان.

مسألة الوزير القرداحي باتت مسألة أمن قومي لبناني بكل المقاييس. إستغلال فقر وبؤس لبنان لتركيعه معنويّاً. إذلال لما تبقّى من عزّة نفس لبنانيَّة. المعتدي يفاوض مفاوضيه من لبنان. يتوجّس من توقف الحليب الأميركي بقطع الثّدي الذي يرضِع اللبنانيين كَرامة. الدروس في الدبلوماسيَّة صدَّرها لبنان إلى كلّ العرب.علّمهم اللغة العربية فانقلب التلامذة على المعلِّم.

العدوان على اليمن عبثي. فيه معتدي ومعتدى عليه. عيون اليمنيين تقاوم مخارز المعتدي. مقاوم واحد محاصر على ما جاء في أحد الأفلام المصوَّرَة منذ فترة تبرزه يتحدّى وهو أعزَل مسلّحين بالعشرات مدجّجين بالأسلحة. معتدون مسلّحون يخافون من مقاوم أعزَل. العدوان على اليمن محسوم النتائج. جثامين الأطفال أقوى من طائرات الأف 22. تستطيع المقاتلات التخفّي من الرادارات ولا يكشفها سوى الأطفال الجياع في اليمن.

الوزير القرداحي بات رمزاً لمقاومة العرب في زمن ملتبس. أن تذكّرهم باللغة العربية في زمن إتقان العبريَّة لا يحرجهم فحسب. يجرحهم في صميم ما ولدوا من أجله وهو البقاء على عهد رسولهم الأكرم من محاربة الظّلم. العدوان على اليمن عدوان على الإسلام وعلى مقدّساته التي يستضيفها المعتدي. القرداحي اللبناني المسيحي أكثَر إسلاماً وأكثر سلاماً منه. هذا كل ما في الأمر من دون زيادة ولا نقصان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى