تحقيقات - ملفات

سيادة مَن يا صاحب السيادة

 

طارق الحميد -أساس ميديا-

يقول وزير الإعلام جورج قرداحي إنّ لبنان دولة ذات سيادة، ويجب أن لا ترضخ للضغوط، وذلك على خلفيّة تصريحاته المعادية تجاه السعودية والإمارات على خلفيّة أزمة اليمن، ودعم الوزير للحوثيّين.

والحقيقة أنّ تصريحات الوزير قرداحي ليست مشينة وحسب، بل ومغالطة واضحة لوقائع وحقائق، أبرزها الانقلاب الحوثيّ على الشرعيّة، ومغالطة لقرار أمميّ بعودة الشرعية باليمن، وعلى ضوئه تدخّلت قوات التحالف العربي هناك.

وقرار مجلس الأمن رقم 2216 حول اليمن، صدر في خمس وعشرين مادّة، وبتأييد 14 عضواً بمجلس الأمن لصالحه، وامتناع دولة واحدة. ويشير القرار إلى طلب الرئيس اليمنيّ من مجلس التعاون والجامعة العربية التدخّل العسكري لحماية اليمن من عدوان الحوثيّين.

وهو ما يُظهر خلل ما قاله الوزير قرداحي، والذي ربّما كان يمكن أن يمرّ دون شوشرة كونه مجرّد رأي لشخص يُحسَب على الإعلام، أمّا قول ما قاله، ثمّ تبريره بمبرّرات واهية، وبعدها الحديث عن سيادة لبنان، فهنا يظهر الخلل.

عندما تكون وزيراً في حكومة فهناك معايير لا بدّ من مراعاتها، وأعراف ومصالح، خصوصاً أنّ لبنان ليس بحالة حرب، كدولة، مع السعودية أو الإمارات. وعلى الوزير قرداحي أن يجيب على سؤال بسيط: هل هو وزير في حكومة أم ناشط؟ أم مجرّد عضو في ميليشيا؟

قد يقول قائل إنّ التسجيل كان قبل تولّيه المنصب بأسابيع قليلة، إلا أنّ تبريره كان أكثر صدمة، فلا هو اعتذر ولا أقرّ بخطئه، وواصل التصعيد. وبدلاً من الاعتذار، أو الاستقالة، خرج الوزير قرداحي متحدّثاً عن السيادة، ولا أعلم كيف ذلك وهو عضو بحكومة تشكّلت بناء على اتصال فرنسي-إيراني، وبعد موافقة النظام الأسديّ الذي يدافع عنه.

ولا يمكن أن يتكلّم الوزير قرداحي عن السيادة ولبنان تحت سطوة سلاح ميليشيا حزب الله التي تريد إعفاء القاضي طارق البيطار، وزعيمها يهدّد اللبنانيين بمئة ألف مقاتل لبناني، غير مَن هم خارج لبنان، حسب خطاب حسن نصرالله الذي قال فيه للّبنانيّين “تأدّبوا بقى!”.

ولا يمكن أن يتكلّم الوزير قرداحي عن السيادة وهو يدافع عن الحوثيّين الذين قاموا بانقلاب عسكري مدعوم بالسلاح الإيراني، واحتلال صنعاء، وتهديد الأمن القومي لدول الخليج العربي ككلّ.

ولا يمكن أن يتكلّم الوزير عن السيادة وهو يدافع عن النظام الأسديّ، الذي تسبّب بمقتل وتشريد ملايين السوريين، بمشاركة من إيران وحزب الله وروسيا.. نظام الأسد نفسه الذي انتهك وينتهك السيادة اللبنانية إلى اليوم.

ولا يمكن للوزير قرداحي أن يتحدّث عن السيادة ووزير خارجيّة لبنان لا يزال يتحدّث عن أنّه ينتظر الفرصة لزيارة السعودية، والحصول منها على اعتراف بحكومة لبنان من أجل عودة الدعم السعوديّ والخليجيّ.

ولا يمكن أن يتحدّث عن السيادة والمجتمع الدوليّ، وعلى رأسه فرنسا، وسيط تشكيل الحكومة مع إيران، ويتحدّث عن ضرورة “محاسبة الطبقة السياسية الفاسدة”، وهو مطلب شعبيّ لبنانيّ بالأساس.

وعليه فعن أيّ سيادة يتحدّث صاحب السيادة؟!

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى