العلاقات السعودية – اللبنانية… توتّرات قابلة للاحتواء
ايناس كريمة-لبنان24
لا شكّ في أن الأيام القليلة الماضية حملت معها توتّراً إضافياً في العلاقة بين بيروت والرياض، وذلك على خلفية التصريح الذي انتشر لوزير الاعلام جورج قرداحي والذي أثار استهجاناً عربياً واسعا، الا ان هذا التوتر لا يلغي في السياقات السياسية بين البلدين أي شيء، بل على العكس، قد يكون مقدمة لإعادة تصحيح جملة الأخطاء المتراكمة وإغلاق الثغرات التي من شأنها أن تصاعد من حدّة الأزمة وتوسّع رقعة “العتب”!
ولعلّ جملة التصريحات اللبنانية الرسمية تجاه المملكة العربية السعودية والتي بدأها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ببيان يؤكد من خلاله على الحرص “على نسج افضل العلاقات مع المملكة” ويُدين “اي تدخل في شؤونها الداخلية” والذي تبعته تصريحات لمعظم المسؤولين اللبنانيين على اختلاف المواقع، تفتح باباً لإعادة التوازن للواقع المُختلّ منذ مدّة.
وبحسب مصادر مطّلعة فإنّ الاستياء السّعودي يعود بشكل أساسي الى أن الرياض تنأى بنفسها عن الساحة اللبنانية ولا تتدخّل في اشتباكاتها السياسية منذ فترة بعيدة لأنها لا تبدو راغبة بلعب أي دور إيجابي كان أو سلبي، وتضيف المصادر أن المسؤولين المعنيين في الحكومة اللبنانية ليسوا في وارد المخاطرة بعلاقات لبنان مع الخليج وتحديدا مع السعودية، لأنّه من المفترض أن جميع المساعي تسير على خط الدعم السعودي للبنان، ولعل إنقاذ البلد من محنته الاقتصادية لا يمكن أن يحصل بلا مساندة عربية شاملة.
وترى المصادر أن الدعم السعودي المرجوّ لا ينحصر في المساعدات المالية وحسب، بل يركّز أيضاً على الغطاء السياسي المأمول، إذ إنه لا يمكن لبلد مثل لبنان أن يتوازن بواقعه السياسي في حال استمرت الرياض، وبوصفها القوة الاقليمية الاكثر تأثيراً في الساحة السنية، بسياسة رفع اليد عنه، بالرغم من أن بعض اللبنانيين يرون أن ما يسمى تدخلاً سعودياً ما هو الا حلقات دعم مطلق مهما بدت أشكاله وأساليبه.
وبعيدا عن كل ما تشهده العلاقات اللبنانية – السعودية بشكل خاص والعربية بشكل عام، غير أن المملكة لا يمكن أن تتخلى عن لبنان في أزماته لطالما أثبتت ذلك على مرّ التاريخ حيث شكّلت حصناً منيعاً بوجه المؤامرات ويداً ممدودة للعون عند كل الاستحقاقات المصيرية. واستناداً الى العلاقة الأخوية بين البلدين، فإنّ الجفاء الذي تحمله اليوم تجاه لبنان والناتج عن عوامل سياسية عديدة لن يُفسد الود، ورغم التعثّر الحاصل في مساعيه لاستعادة الحضن العربي كما كان عليه قبل أعوام، غير أن المملكة العربية السعودية، وبحسب المصادر، لا تسعى الى تعميق الهوّة بل إلى تأمين الاستقرار بالشكل الذي تراه ملائماً.
من هنا تجزم المصادر أن تصحيح العلاقة بين الطرفين وطمر الخلافات العرضية بات أمراً ضرورياً لما في ذلك من مصلحة للبنان ما سيجعل من الحساسية السياسية أخفّ وطأة، لذلك فإنه ورغم التوترات المستجدة ثمة خطوات جدية يجب أن تنطلق بهدف إعادة تقويم الأمور بأسرع وقت ممكن.