تجلّيات بهاء الحريري
نبيه البرجي- الديار
لبهاء الحريري: ماذ فعل الأميركيون لأبيك، وكان الشخصية العابرة للقارات، كي يفعلوا لك، أنت الذي تحاول الولوج الى الحلبة السياسية، وكما يقول قادة «تيار المستقبل»، على جثة شقيقك أن لم يكن على جثة أبيك؟!
بصيحات الابتهاج لسوف يستقبل البيت الأبيض، والبنتاغون، تغريدتك التي قدمت فيها «أحر التعازي في ذكرى وفاة الجنود الأميركيين الذين ضحوا بأرواحهم دفاعًاً عن لبنان في عام 1983» وحيث دعوتنا «جميعاً» الى «أن نتذكر تضحياتهم بالوقوف في وجه الارهاب».
كثيرون يسخرون من هذه الخطوة التي تظن، أنك، بما لك من هالة، وبما لك من حنكة، وبما لك من تاثير، دخلت في الأجندة الاستراتيجية للولايات المتحدة. أنت الذي ترعرعت بين الغرف الذهبية. ما هو تاريخك، وما هي رؤيتك، وما هو برنامجك؟
لا بل أن سؤال اللحظة، وأنت صاحب المليارات المكدسة في صناديق البنوك، أو في الاستثمارات الهائلة، ماذا قدمت حتى لأبناء طائفتك، الذين مثل كل أبناء الطوائف الأخرى، حوّلتهم المنظومة السياسية الى حطام؟
لسنا عشاق الدم، لكنك تكلمت عن تضحيات الجنودالأميركيين. من ذاك العبقري الذي صاغ لك نص التغريدة، وفاته أن يذكر «تضحيات»الجنود الأميركيين في كوريا، وفي فيتنام، وفي أفغانستان، وفي العراق، وبطبيعة الحال في سوريا ؟
هل يعلم جيري ماهر، وهو دماغك الخلفي (دماغك الشوكي)، ماذا جرى في لقاء آرييل شارون ووزير الخارجية الأميركي ألكسندرهيغ، ربيع 1982، وكيف كانت جين كيركباتريك، المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، تقرع طبول الحرب من نيويورك. شخصياً كتبت… مائة يوم من الطوفان . وكان طوفان الدم في لبنان!
أيها السيد بهاء، هؤلاء الذين دعوتنا الى أن نضع باقات الزهر على قبورهم حلّوا في ديارنا من أجل تهريب اتفاق 17 أيار الذي يضع لبنان تحت «الوصاية الاسرائيلية».
آنذاك، قال السياسي الأنكليزي ديزموند ستيوارت ان المهمة المكوكية التي قام بها الديبلوماسي الأميركي موريس درايبر، بين خلدة وكريات شمونا ( وحيث كانت تجري المفاوضات بين الجانبين اللبناني و»الاسرائيلي» ) كانت ترمي الى الانتقال بلبنان من «جمهورية عرفات» الى «جمهورية شارون». لعلك لا تعلم أن «القاذفات الاسرائيلية» دمرت المنازل فوق أهلها، وأن الدبابات «الاسرائيلية» دخلت الى بيروت، اجل بيروت التي وصفها ابوك بـ «مدينة عريقة للمستقبل» . هل تعتقد أن حكومة مناحيم بيغن فعلت كل ذلك دون الضوء الأخضر الأميركي؟
أكثر من أن تكون تغريدة فولكلورية أو بهلوانية، الذين يعرفونك عن كثب ازدادوا اقتناعاً بكونك مجرد «فقاعة سياسية»، وأنك ظهرت هكذا فجأة لتعلن نهاية الحريرية السياسية في لبنان، وان تردد، وراء الضوء أن هناك من اشار اليك بأن نثر العملة الخضراء، في هذه الظروف الكارثية، سيفرش أمامك السجادة الحمراء الى السراي!
ربما لم يقل لك أحد أن جون فوستر دالاس، وزير الخارجية الأميركي في عهد دوايت ايزنهاور، وشقيقه آلان دالاس، مدير وكالة الاستخبارات المركزية، هما من خططا لانتاج ذلك الاسلام البربري الذي دعيته بالارهاب. هذا الانقلاب الدراماتيكي في المفهوم الايديولوجي للاسلام ليس ابن الساعة. هو صناعة، وصنيعة، أميركية قديمة…
لم تسأل، وكيف لك أن تسأل، من يحمي مخيمات «داعش» في سوريا، وكيف ينقل المقاتلون بالأباتشي الى أفغانستان واليمن ؟ هذا اذا أغفلنا دور رجب طيب اردوغان الذي مثلما يلعب برأسك، يلعب برأس شقيقك، اذا فاتك أن تدرك ماذا تعني سياسة، وديبلوماسية الثعبان…
هل تكفي، أيها السيد بهاء حملتك على تلك الطبقة السياسية التي تعاون معها، والتي استخدمها، رفيق الحريري، كما تعاون معها سعد الحريري، ولكن لتستخدمه، ولتستنزفه حتى العظم.
لا أحد حدثك عن عبقرية الغباء لدى المستشارين حين يوحون لك بأن تغريدة في الهواء ويشق الأميركيون الطريق أمامك، بالبلدوزر، الى الكرسي الثالثة. يا صاحبي، الأميركيون يشقون الطريق لحلفائهم اما الى الزنزانة أو الى… المقبرة!