جعجع وخيبة أمل جمهور القوات
الخيبة والخُسْرَانُ، وعَدَمُ تَحَقُّقِ الأَمَلِ، والإِخْفَاقُ، هكذا هو حال جمهور حزب القوات اللبنانية الذين شعروا أن خَيْبَتهُم كَبِيرة، بزعيم شاحب اللون مربك لا يدري كيف يتصرف، وكيف يجيب عن أسئلة محاوره، كل ما استطاع فعله منذ ارتكابه مجرزة الطيونة، إلى صدور مذكرة الاستدعاء بحقه من قبل القضاء العسكري اللبناني، أنه راح يلملم إخفاقاته وفشله وعدم معرفته بإدارة أزمته، ظهر في مقابلته في برنامج “صار الوقت” ساعياً إلى تلميع صورته دون جدوى او نتيجة تذكر، هذا هو مصير من يسفك دماء الأبرياء، ويسعى إلى أن يتاجر بدماء مناصريه من أجل مصالح سياسية آنية صغيرة.
ظهر جعجع تائه لا يدري ما يجب أن يفعل ليفسر ما قام به من إجرام، لم تحضر لديه عبارات تخفي فشله، كان خطابه قائماً على مهاجمة التيار الوطني الحر وحزب الله والقضاء فقط. لم يستطع أن يبرئ نفسه من التهم، فصورة الأبرياء تلاحقه، حتى بعض مناصريه خاب أملهم فيه، أما الشارع المسيحي فنبذه في اغلبيته كسفاحٍ يعيش على حطام الحرب الأهلية وسفك الدماء، كان جعجع متوتراً لدرجة يمكن لأي مشاهد أن يلمس فيه هذا التوتر، صورته كسفاح لا تفارق مخيلته، ظهر فقط بمظهر من يريد الدفاع عن نفسه في جريمة ارتكبها، ولن يستطيع الهروب منها.
مع كل ما حُضّر للمقابلة، إلا أن الرجل ظهر ضعيفاً مضطرباً مهزوزاً قلقاً ومربكًا، أقواله ضعيفة ومتناقضة، وردوده لا ترقى إلى الحدث، أذكر هنا عبارة مضحكة يقول فيها، إذا كان معهم 100 ألف مقاتل، وكوريا الشمالية وفنزويلاً وإيران فنحن معنا المجتمع الدولي، لا أدري هل هذا كلام سياسي يسعى لكي يصبح رئيساً للجمهورية، إنه كلام مضحك وكأنه لا يعرف قراءة الأحداث، ولا يدري بما يحصل في ساحة السياسة الدولية!
كل البروباغندا المصطنعة حوله، والماكينة الإعلامية العابرة للقارات لتظهره كبطل وتلمّع صورته، أسقطها في مقابلة ضعيفة هشة، خرج فقط ليقول أن اعذروني فكان الخطأ فادحاً، مقابلته كشفت حجم تهافت المنطق وضعف الحجة ورثاثة الموقف، لقد أسقط حوار جعجع مع صار الوقت الهالة المصطنعة التي تشاركت في تلميع صورة جعجع عبرها وسائل إعلام لبنانية وعربية لأيام، ويبدو أن هذه المقابلة ستكون ضربة قاصمة لمستقبله السياسي، حتى أن محازبيه ومناصريه تفاجئوا، وأصيبوا بخيبة أمل كبيرة من مظهر رئيسهم الضعيف.
خلال المقابلة ارتكب جعجع هفوة كبرى تتمثل بعدم موافقته على المثول أمام القضاء، الأمر الذي يزيد الشكوك بدوره في جريمة الطيونة، ففي الواقع إن هذا الاستدعاء جاء بناءً على إفادات الموقوفين التي تثبت أن الكمين كان معداً مسبقاً، وهذا ما يبين أن هناك يدًا مباشرة لجعجع في الجريمة، وهو الذي اعترف بجريمته بالحديث عن 14 تشرين أو ميني 7 ايار. وفيما يتحدث جعجع عن بناء الدولة وعن دولة القانون والمؤسسات والاحتكام إلى القضاء والعدالة ضرب هذه المعايير من أساسها، برفضه مبدأ المثول أمام المحقق، وهنا يأتي السؤال كيف لشخص يعتبر نفسه مرشحاً لرئاسة الجمهورية أن لا يقبل بالمثول أمام القضاء، فإذا كان لا يقيم أي اعتبار للقضاء والعدالة، فكيف يمكن أن يؤتمن على حماية الدولة والمؤسسات والدستور.
ظهر جعجع إذا خاسراً مربكاً بصورة ضعيفة، بعد أن كان يظن نفسه زعيماً مسيحياً قوياً، وهذا ما جعل أنصاره خائبين حتى على وسائل التواصل الاجتماعي، كل البلد سخر من مقابلته، من يرفضه ومن يؤيده، وعلى ما يبدو فإن مشغليه تفاجئوا ايضاً من ضعف حليفهم أو أداتهم التي عوّلوا عليها لجر لبنان إلى حرب، فجعجع الذي ارتكب جريمة الطيونة لم ينجح بتنفيذ ما أرادوه، بل أكثر من ذلك هو كشف مشروعهم وأضرهم.
الكاتب: د.علي مطر-الخنادق