هل نصل الى معادلة ملف الطيونة مقابل قضية المرفأ؟!…
سفير الشمال-غسان ريفي
لا تُحسد حكومة ″معا للانقاذ″ على المسؤوليات الضخمة الملقاة على عاتقها، خصوصا أنها بدل أن تنصرف بشكل كامل الى البدء بمهمة وقف الانهيار ووضع لبنان على سكة التعافي الاقتصادي والمالي، وجدت نفسها محاصرة بإنقسام سياسي عامودي أرخى بثقله قضائيا وأمنيا وشعبيا، الأمر الذي عطل إجتماعاتها، حيث يستعيض رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عنها بسلسلة إجتماعات وزارية فردية وجماعية لتسيير شؤون البلاد والعباد.
وفي الوقت الذي تنتظر فيه الحكومة تفاهمات سياسية وضمانات بعدم التعطيل لتستأنف إجتماعاتها بما يعيد الانتظام العام لعمل الدولة ومؤسساتها، تبدو الأمور تسير نحو مزيد من التدهور السياسي على وقع أحداث الطيونة وما رافقها من توتر خطير تُرجم بالاتهامات التي ساقها أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله ضد حزب القوات اللبنانية، وبرد رئيسه سمير جعجع عليه أمس، وإمكانية الرد على الرد في الكلمة التي سيلقيها السيد نصرالله اليوم لمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف.
في غضون ذلك، يزداد المشهد القضائي تعقيدا، ففي الوقت الذي أفضت فيه إعترافات الموقوفين في أحداث الطيونة الى إستدعاء سمير جعجع للاستماع الى إفادته من قبل مفوض المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي، أكد جعجع في برنامج “صار الوقت” أنه لم يتبلغ بهذا الاستدعاء، وأنه في حال كان الأمر صحيحا فهو مستعد لأن يمثل أمام القضاء شرط أن يتم إستدعاء السيد نصرالله للاستماع الى إفادته أيضا، لكن جعجع وقع في تناقض كبير أدى الى إضعاف موقفه، ففي الوقت الذي كان يدعو فيه الى إحترام القضاء وإفساح المجال أمام المحقق العدلي القاضي طارق البيطار لاتمام تحقيقاته تمهيدا لاصدار قراره الظني في قضية تفجير مرفأ بيروت، سارع الى وصف القاضي عقيقي بـ”مفوض حزب الله في المحكمة العسكرية” رافضا منطق إستدعاءه في حال كان القرار صحيحا.
يبدو واضحا أن أحداث الطيونة والدماء التي سالت سيكون لها تأثيرا بالغا على ملف التحقيق في مرفأ بيروت، خصوصا بعدما تسرب الانقسام السياسي والطائفي الى لجنة أهالي الشهداء وضحايا تفجير المرفأ والتي تحولت الى لجنتين، الأولى ينطق بإسمها إبراهيم حطيط وتدعو الى تنحية القاضي بيطار وهي قامت بتسليم كتاب بهذا الصدد الى وزير العدل هنري خوري، والثانية ينطق بإسمها وليام نون وهي تتمسك بالقاضي بيطار وتعتبر أن حطيط لا يمثل سوى نفسه وعائلتيّ المولى وعطوة.
في المقابل، فقد تشكلت أيضا لجنة لأهالي شهداء أحداث الطيونة التي بدأت تحركاتها أمام قصر العدل للمطالبة بمحاسبة المسؤول عن قتل أولادهم، في ظل إتهام واضح وصريح للقوات اللبنانية.
هذا الواقع بدأ يطرح سلسلة تساؤلات لجهة: هل سيدلي جعجع بإفادته أمام مفوض الحكومة في المحكمة العسكرية؟ أم أن القضاء بالنسبة له يكون نزيها ويستحق الدعم عندما يطال خصومه ويكون مسيسا عندما يستدعيه؟، وهل سيدعم حزب الله قرار إستدعاء جعجع في الوقت الذي يعترض فيه على القاضي بيطار؟، وهل ستنجح لجنة حطيط في سحب البساط من تحت أقدام القاضي بيطار؟ أم أن لجنة نون تمتلك الدعم الكافي لابقائه محققا عدليا؟..
وماذا عن الانقسام السياسي حول البيطار؟، هل إقتنع المعترضون عليه بترك معالجة الأمر للقضاء الذي عليه أن يحل مشاكله بنفسه بعيدا عن أية تدخلات؟، وهل سيتم فصل الملف القضائي عن عمل الحكومة فتستأنف جلساتها؟..
ثم بعد ذلك، هل سنصل في التطورات القضائية وما قد يرافقها من إستدعاءات وإدعاءات وإتهامات، الى معادلة أن يكون ملف الطيونة مقابل ملف المرفأ؟!..