الحدث

“حزب الله” يفصل بين الحكومة والتحقيق وحوادث الطيونة


محمد الجنون

رغم التوتّر الكبير الذي يسيطر على المشهدين السياسي والأمني بسبب أحداث الطيونة، ومع التباين في الموقف من إجراءات المحقق العدلي القاضي طارق البيطار بشأن ملف تحقيقات انفجار مرفأ بيروت، لا يمكن لأي طرفٍ من الأطراف السياسية خصوصاً “حزب الله” و حركة “أمل”، أن يتحمل “خطيئة تطيير الحكومة”، لان الاوضاع الاقتصادية والأمنية تزداد تدهوراً. ف”حزب الله” يفصل بين الحكومة وضرورة إستمرارها وبين التحقيق في إنفجار المرفأ وبين تداعيات أحداث الطيونة .

وعملياً، فإنّ أي خطوة سلبية باتجاه الحكومة ستفتحُ الباب أمام انفلاتٍ أكبر في الشارع، ما يعني بروز سيناريوهات أخطر من ذلك الذي برزَ في الطيونة قبل أيام. وعلى هذا الأساس، تتكثف الاتصالات لضمان بقاء الحكومة بالدرجة الأولى، لأن دورها مهم جداً في إدارة الملفات بهدوءٍ وحكمة ووضع المعالجات المطلوبة على سكة التنفيذ.

وحتى اليوم، فإنه ما من قرارٍ واضح باستئنافِ جلسات مجلس الوزراء حتى يتم تذليل العقبات أمام خطوة اتخاذ الحكومة موقفاً واضحاً من إجراءات القاضي البيطار. ومع هذا، فإن القرار الأساسي اليوم يهدف إلى التعاطي مع هذا الملف الحسّاس بعناية فائقة، ولا يوجدُ مانع لدى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من تأجيل استئناف جلسات الحكومة حتى الوصول إلى حلّ يمنع الانفجار. وبشكل أكيد، فإن ميقاتي يسعى قدر الإمكان لحلحلة العُقد القائمة، كما أنه يتطلع أكثر نحو الحفاظ على تجانس الحكومة ومكوناتها وأيضاً التعاطي بمسؤولية مع ملف انفجار المرفأ والبيطار، وأيضاً قضية أحداث الطيونة.

ومن هذا المنطلق، جاء اجتماع ميقاتي بالأمس مع وزير العدل القاضي هنري خوري ورئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي سهيل عبود والنائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، من أجل حسم الجدل حول دور الحكومة وارتباطها بالقضاء. وبشكل واضح، فإنّ ميقاتي سعى إلى تحديد أطرٍ واضحة لملف التحقيقات الذي بات منفصلاً تماماً عن ملف الطيونة باعتبار أنّ الأخير أخذ منحى أبعد بكثير من قضية المرفأ. وعليه، فقد شدّد ميقاتي خلال اجتماعه الأخير على أن “قضية الطيونة في عهدة الاجهزة الامنية باشراف القضاء المختص”، مؤكداً أنّ “الحكومة حريصة على عدم التدخل في أي ملف يخص القضاء، وأن على السلطة القضائية أن تتخذ بنفسها ما تراه مناسباً من إجراءات”.

مخاطر “تطيير الحكومة”

ووسط كل ذلك، فإنّ التهويل بـ”تطيير الحكومة” يعني وضع البلاد على سكة الخطر الأكبر. ففي حال دخل مجلس الورزاء في الموت السريري، فإنّ الانهيار سيتسارع أكثر، كما أن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي المطلوبة للتعافي ستُعلّق وتضيع من جديد. وبالاضافة إلى ذلك، فإنّ الخطة المطلوبة للكهرباء لن تُنفذ، في حين أنّ انتظام عمل المؤسسات سيُصبح مهدداً خصوصاً مع التدهور القائم. وبالإضافة إلى ذلك، فإن انهيار الحكومة يعني تراكم الأزمات وإعادة إحياء أخرى مثل أزمة المحروقات، في حين أن أي سلبية تعترض عمل مجلس الوزراء ستساهمُ في إسداء ضربة جديدة لليرة اللبنانية أمام الدولار. أما الأمر الأخطر فهو أن أي تطيير للحكومة يعني ضرباً للانتخابات النيابية وبالتالي التمديد للمجلس الحالي.

وبعيداً عن منطق الكيديات والتناحر السياسي، يبقى القرار المنتظر هو “سحب التهديد بتطيير الحكومة” من التداول. ومع هذا، فإن “حزب الله” يجب أن يعي أن مثل تلك الخطوة قد تؤجج النقمة عليه أقله شعبياً باعتبار أن انسحابه من الحكومة سيعني ضربه لأي حلولٍ اقتصادية ومالية، وبالتالي فإن تراكم الأزمات سيتحمل مسؤوليتها هو.

غير أن الأمر الذي بات محسوماً حتى الآن هو أن “الثنائي الشيعي” يسعى إلى فصل ملف الطيونة عن الحكومة، باعتبار أن معالجته ترتبط بالبعد الأمني أكثر من البعد السياسي. وعليه، فإنّ هذا الملف المتفجّر قد لا تتحمل وزره الحكومة، وهذا ما أراد ميقاتي تحقيقه من خلال إسناد الملف بشكل كامل إلى القوى الأمنية باشراف القضاء المختص.

ووسط كل ذلك، يبقى موقف “الثنائي الشيعي” مرهوناً بكلام الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، يوم غد، إذ من المنتظر أن يحسم موقف الحزب من الحكومة واستمراريتها خصوصاً بعد أحداث الطيونة وعدم اتخاذها موقفاً من إجراءات البيطار، كما كان طالب الوزراء الشيعة خلال الجلسة. وهنا، تقول المصادر السياسية أن نصرالله لن يخوض حرباً ضدّ الحكومة بقدر ما سيطلب منها السعي لاتخاذ موقف شفاف بشأن الملفات المطروحة من أجل سحب فتيل التوتر السياسي والأمني.
المصدر: لبنان 24

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى