ٍَالرئيسيةتحقيقات - ملفات

كم من الوقت ستصمد الصداقة بين “إسرائيل” وألمانيا

الكاتب : يوسي ميلمان

يوم الأحد العاشر من أكتوبر، سوف تزور المستشارة الألمانية المنتهية ولايتها انجيلا مريكل “إسرائيل”، ولحظها الكبير رئيس الوزراء هو نفتالي بينت، وهناك شك إذا كانت مريكل ستوافق على الزيارة لو بقي نتنياهو في بلفور، هذا ليس سراً فإن مريكل مثل الرئيس الأمريكي اوباما، والرئيس الفرنسي نيكولاي سركوزي، وقادة أخرين، لا يطيقون نتنياهو، خصوصاً بسبب قلة الثقة.

وحول اشمئزاز مريكل من نتنياهو ستشهد القصة التالية: في مثل هذا الشهر قبل عقد تم إعادة جلعاد شاليط من أسر حماس، في صفقة أفرج فيها نتنياهو على أكثر من ألف أسير أمني فلسطيني، حكومة ألمانيا توسطت وساعدت في استكمال الصفقة بواسطة جيرهارد كوندار، مسؤول رفيع بالمُخابرات الألمانية.

بعد إعادة شاليط نتنياهو خرج عن عادته لكي يشكر المستشارة على مساعدتها، وميركل بدروها اكتفت بتهنئة قصيرة لعائلة شاليط، السخرية التي انعكست من مريكل تجاه نتنياهو تعمقت مع السنوات، لأن نتنياهو أحرجها وورط حكومتها بالصفقة المُختلف عليها، صفقة الغواصات والقطع البحرية.

لكن رغم عدم الرضى على سياسة الاحتلال و”الاستيطان الإسرائيلي”، ألمانيا تحت قيادة مريكل بقيت صديقة “لإسرائيل”، وتحافظ حتى النهاية على المصالح الحيوية لها، ومريكل واصلت بذلك سياسات ألمانيا منذ فترة المستشار كونراد أندوار، والتي كانت أحد أساساتها هي الحفاظ على أمن “إسرائيل” هذه السياسات منذ سنوات مصدرها شعور الاتهام على المحرقة التي ارتكبتها ألمانيا.

هذه العلاقة الخاصة “لدولة اليهود” تجسدت أولاً في قرار ألمانيا دفع التعويضات التي تراكمت إلى عشرات المليارات “لإسرائيل”، مقابل أموال الناجين من الكارثة. ألمانيا قدمت نهاية سنوات الخمسينات وخلال سنوات الستينيات تبرعات كريمة لتمويل المفاعل النووي، كاعتراف منها بإصرار “إسرائيل” لحماسة نفسها من أب تهديد ابادة جديد على يد الدول العربية.

لكن ذاكرة الكارثة تتضائل والسياسيين بعد مريكل لا يتقبلون صرخات التخوف من التهديد الإيراني. بالعام 1991 بعد أن أطلق صدام حسين الصواريخ على “إسرائيل” في حرب الخليج الاولى وافقت ألمانيا على تمويل شراء منصات المضادات الجوية، والصداقة تجسدت في التعاون السياسي والأمني والاقتصادي، وأحج أهم مسارات هذا التعاون هو العلاقات المتينة بين المخابرات الألمانية والموساد.

خروج مريكل من السياسة بعد 16 عاماً قد تشير إلى التحول. المستشارة المنتهية ولايتها تترك خلفها فراغاً سياسياً: الحزبين الكبيران اللذان سيطرا على السياسة الألمانية منذ الحرب العالمية الثانية تقلصوا، اليوم يوجد أحزاب كثيرة، يترأسهم قادة رماديون ينقصم الكاريزما ، وجدول اهتمامات الدولة يتغير.
ألمانيا التي ستتشكل فيها ائتلاف الرمزون، (اشتراكيون ديموقراطيون، وخضر، وأحرار) سوف تضع على جدولها مواضيع تركز على القلق لكوكب الأرض والتغيير المناخي، والرغبة في تحقيق العدالة الاجتماعية وتقليص الفجوات الاقتصادية.

هذه المواضيع لم يكونوا في قلب اهتمامات “الحكومة الإسرائيلية”، كل ما يحدث هو مجرد ضريبة شفهية، وتمثيل بأن هذه الأمور مهمة، “إسرائيل” في فترة نتنياهو التي فيها تضاعفت التوجهات القومية، وكراهية الغرباء، وقمع الفلسطينيين وتعميق تأثير الدين، تعرف فقط أن تعزف لحن واحد وهو خدمة الأمن.

في هذا الواقع حيث يحكم في أمريكا رئيس ليبرالي، جو بايدن، وألمانيا تقف على مفترق طرق، ستتصعب “إسرائيل” لتجد أذن صاغية لمشاكلها، ذاكرة الكارثة تتضائل والسياسيين الجدد يرفضون تصديق صرخات التخوف من التهديد الإيراني والمنظمات الإرهابية،”إسرائيل” تتصعب في إقناع صدق روايتها، بأنها مؤمنة بملائمة نفسها للنظام العالمي الجديد بالعقد الثالث للقرن الواحد والعشرين.

قبل سنوات حصلت “إسرائيل” على كمية زائدة من الاهتمام الذي يقدمه العالم لها، بشكل غير نسبي لمكانتها وحجمها، ويقترب اليوم الذي فيه ستشتكي “إسرائيل” عدم اهتمام أحد بها، حتى بعد مريكل ستواصل ألمانيا تأييد “إسرائيل”، لكن عندما يصبح المسيحيون الديموقراطيون الذي دعموا “إسرائيل” بشكل اتوماتيكي في المعارضة، العلاقات سوف تضعف، “إسرائيل” ستتصبح أقل أهمية للحكومة الجديدة. في ألمانيا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى