الإخوان المسلمون ـ لماذا تستهدف الجماعة الإمارات و السعودية و مصر ؟
المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا و هولندا
إعداد وحدة الدراسات والتقارير “8”
لا تزال جماعة الإخوان المسلمين هي نفس التنظيم الديني الراديكالي الذي كانت عليه منذ تأسيسها في العقد الثاني من القرن الماضي. و استطاعت التكيف مع التغيرات السياسية و الأمنية التي حصلت طوال عقود من الزمن سواءا في العالم العربي أو الغربي. و قد طورت جماعة الاخوان المسلمين من قدراتها في الاستقطاب الايديولوجي و الديني المتطرف بمساعدة دول داعمة لها ، من خلال استغلال تكنولوجيات الإعلام و الإتصال بهدف نشر أفكارها و حتى القيام بعمليات تضليل اعلامي و الكتروني.
إعلام الاخوان المسلمين.. المخاطر و التهديدات
أدركت جماعة الإخوان المسلمين مبكراً وقبل غيرها من جماعات الإسلام السياسي أهمية الإعلام الرقمي، فسعت إلى توظيف هذا النوع الجديد من الإعلام لتحقيق مجموعة من الأهداف التي تخدم مشروعها السياسي والترويج لأيديولوجيتها العابرة للحدود والمرتبطة بأحلامها الخاصة بـ “إحياء دولة الخلافة وأستاذية العالم“. وتمكنت الجماعة بالفعل من أن يكون لها وجود واسع على الشبكة العنكبوتية عبر عدد كبير من المواقع الإلكترونية الناطقة باسمها والمؤيدة لها، والتي استخدمتها في الترويج لأفكارها المتطرفة عبر الحدود. لم تتأخر جماعة الإخوان المسلمين في الانخراط في الإعلام الرقمي والعمل على امتلاك أدواته المختلفة، فمع بدء استخدام شبكة الإنترنت في مصر – مقر التنظيم الأم للجماعة – خلال تسعينيات القرن الماضي، تنبهت الجماعة إلى أنها وجدت أداة حقيقية تساعدها في كسر الحصار الإعلامي الذي فرضته عليها الدولة في محاولة للحد من قدرتها على نشر أفكارها في المجتمع عبر وسائل الإعلام التقليدية.
وقد دعا أحد أشهر مؤرخي الجماعة، قيادات الجماعة بعد خروجهم من السجون، وهم يشرعون في إعادة تأسيس التنظيم السرّي، إلى أن يتحول التنظيم بشكل كامل إلى شركات إعلام ونشر وسينما وتلفزيون وإذاعة، بما يؤكّد حضور الإعلام منذ وقت مبكر في وعي الجماعة وقياداتها، كسلاح رئيس في نشر أيديولوجيا التنظيم. يدرك الإخوان خطورة الإعلام، وقد تموضع الإخوان عبر الساحة الدولية في الفضاء الإلكتروني الفسيح، وبطبيعة التقية التي تعد أبرز جيناتهم فسيبرعون في ارتداء الأقنعة التي قد لا تتمسك باسم الجماعة أو مفرداتها وشعاراتها الأشهر، لكنّها ستتمسك بنشر مشروعها؛ عبر اجتراح كل الوسائل المعلنة والخفية، التي يأتي الإعلام على رأسها، بكلّ فنونه؛ من قنوات، ومدوّنات، ومنتديات، وصحف.
لكن من جانب آخر، تواجه منظومة الإعلام الإخوانية مزيدا من الأزمات الطاحنة، التي ألمت بالتنظيم على مدار السنوات الماضية وبلغت ذروتها شهر مارس من العام الحالي بعد الإعلان التركي الرسمي وقف التغطية السياسية المحرضة ضد مصر لكافة القنوات التي تتخذ من إسطنبول ملاذا آمنا لها منذ عام 2013، وذلك في إطار حرص أنقرة على محاولات التقارب مع القاهرة.
الإخوان المسلمون يستغلون تطبيقات الكترونية لنشر الايديولوجيا و الأخبار المفبركة
تم التحذير من أن جماعة الاخوان المسلمين قد تستغل تطبيق الكتروني للتأثير على الرأي العام العربي لصالحها وتجنيد عملاء جدد حيث اكتسب التطبيق الجديد في الفضاء الإلكتروني المعروف ب “Clubhouse”. وقد استغلت جماعة الإخوان المسلمين منشورات آلاف الحسابات المزيفة على فيسبوك وتويتر لنشر العديد من الشائعات ضد السلطات في العالم العربي. و استخدام الصوت البشري في التواصل من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، كما هو الحال في Clubhouse، بدلا من منشور مكتوب والحد من الدخول إلى Clubhouse لأولئك الذين لديهم دعوات من المستخدمين السابقين، يقلل من انتشار الحسابات المزيفة وتأثيرها المضلل على المجتمع.
قدمت المنظمة الدولية للبلدان الأقل نمواً (OIPMA) ورقة بحثية إلى مفوضية مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بشأن “المعلومات المضللة ذات الدوافع السياسية والادعاءات الكاذبة التي يكرسها الإخوان المسلمون وتأثيرها على صنع القرار الدولي”، مُقدمة فيها أمثلة على أسلوب الجماعة في الدعاية والتضليل الإعلامي الذي يستهدف خصومها في البلدان العربية.
سلطت المنظمة الضوء على دور التنظيم الدولي للإخوان المسلمين في ما اعتبرته “زعزعة الأمن والاستقرار في العديد من بلدان الشرق الأوسط باعتباره من أهم الفاعلين من غير الدول الذين نجحوا في استخدام ماكنتهم الإعلامية الضخمة في تضليل الرأي العام المحلي، الإقليمي والدولي. وتطرقت المنظمة لما قالت أنه “مئات الآلاف من الحسابات أغلبها وهمية لنشطاء الإخوان المسلمين والقاعدة وداعش ومنها المؤيدة للتنظيمات الإرهابية على مواقع التواصل الاجتماعي، كما يوجد أيضا على تويتر عدد من المغردين السعوديين الذين أصبح شغلهم الشاغل توجيه رسائل تستهدف دولة الإمارات.”
اشارت دراسة نشرها “معهد اكسفورد للانترنيت” في عام 2020 ، أنه عقب الاطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي، انتشرت الحسابات المزيفة على موقع (فيس بوك)، من خلال تزييف الحسابات بأسماء المسئولين المصريين من أجل تضليل الرأي العام، والتي تمتعت بحجم متابعة أكبر من الحسابات الرسمية للمسئولين، وهو ما اتخذت ضده مصر العديد من الإجراءات لفرض الرقابة على مواقع الوسائل الاجتماعية المزيفة وقامت بغلقها، إلى جانب قيام مركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء بالرد على الشائعات التي تنشرها تلك الحسابات. و أشارت الدراسة كذلك إلى قيام صفحة حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين بنشر صور لأطفال سوريا على أنهم في مصر، في محاولة لإثارة الرأي العام ضد الجيش المصري واتهامه بقيام تلك الاعتداءات على الأطفال المصريين، وذلك عقب الإطاحة بجماعة الإخوان المسلمين. الإخوان المسلمون في بريطانيا ـ منصات إعلامية ومراكز لنشر التطرف
لماذا تستهدف جماعة الاخوان المسلمين و إعلامها الإمارات و السعودية ومصر ؟
لقد سعت كل من الامارات و السعودية ومصر لأن تكونا منارتان للفكر الاسلامي و الثقافي المعتدل و المنفتح على العالم العربي و الاسلامي و الغربي، الأمر الذي يقلق تنظيم الاخوان المسلمين و التنظيمات الإرهابية المتطرفة الأخرى التي تخرّجت من المدرسة الإخوانية. تمتلك كل من الامارات و السعودية امكانيات و قدرات سياسية و اقتصادية و ثقافية تقف بالمرصاد للفكر الاخواني و تتصدى له منذ سنوات عديدة ، مما أدى بالتنظيم الاخواني إلى خلق الإشاعات و التضليل الإعلامي و التهجم على ما يمت بصلة للإمارات و السعودية و جهودهما في مكافحة الإرهاب و التطرف في المنطقة، ما اعتبره تنظيم الإخوان بمثابة تهديد وجودي مباشر لهم و لإيديولوجيتهم المتطرفة. وقامت دولة الإمارات بتعزيز مؤسسات وطنية، بوسائل منها التعاون الدولي، لبناء القدرات ومنع العنف ومكافحة الإرهاب ، و في سبيل ذلك اعتمدت على المراكز التالية:
المعهد الدولي للتسامح
يهدف المعهد الدولي للتسامح الذي أطلقته دولة الإمارات إلى بث روح التسامح في المجتمع، وتعزيز مكانة دولة الإمارات إقليمياً ودولياً كنموذج في التسامح، وترسيخ ثقافة الانفتاح والحوار الحضاري، ونبذ التعصب والتطرف والانغلاق الفكري، وكل مظاهر التمييز بين الناس بسبب الدين أو الجنس أو العرق أو اللون أو اللغة.
مركز “هداية “لمكافحة التطرف العنيف
يعمل المركز على بناء الشراكات مع مؤسسات عدة تعمل في مجال مكافحة التطرف العنيف، ويركز على مجالات مهمة مثل : الدبلوماسية الرياضية والثقافية، ومكافحة التطرف العنيف عبر المناهج التربوية، ونبذ الراديكالية في السجون، ودعم ضحايا الإرهاب.
مركز صواب
أطلقت دولة الإمارات العربية المتحدة بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية “مركز صواب”، وهو مبادرة تفاعلية للتراسل الإلكتروني، تهدف إلى دعم جهود التحالف الدولي في حربه ضد التطرف والإرهاب. يتطلع المركز إلى إيصال أصوات الملايين من المسلمين وغير المسلمين في جميع أنحاء العالم ممن يرفضون، ويقفون ضد الممارسات الإرهابية، والأفكار الكاذبة والمضللة التي يروجها أفراد التنظيم. كما يعمل “مركز صواب” على تسخير وسائل الاتصال والإعلام الاجتماعي على شبكة الإنترنت من أجل تصويب الأفكار الخاطئة ووضعها في منظورها الصحيح، وإتاحة مجال أوسع لإسماع الأصوات المعتدلة التي غالباً ما تضيع وسط ضجيج الأفكار المغلوطة التي يروجها أصحاب الفكر المتطرف.
أما بالنسبة للسعودية ، فقد طرحت مؤسسة «كارنيجي للسلام الدولي» دراسة مفصلة لمحاور التجربة السعودية، للباحث في برنامج «كارنيجي للشرق الأوسط» كريستوفر بوشيك، ذكر خلالها أن السياسة السعودية لمكافحة التطرف تتلخص في خطة أُطلق عليها «إستراتيجية الوقاية وإعادة التأهيل والنقاهة»، وهي إستراتيجية مرتكزة على جانبين:
أولًا: اقتناع المسؤولين في المملكة بأن مواجهة التطرف والإرهاب لا يمكن أن تتم بالوسائل الأمنية التقليدية بمفردها، ولكنها تتطلب وسائل أخرى أقرب ما تكون إلى المواجهة والحرب الفكرية.
ثانيًا: عدم الاقتصار على إعادة تأهيل الموقوفين، وتبني نهج وقائي يحاول اقتلاع التطرف من جذوره ونشر الفكر المعتدل، وإنما فرض مشاركة مؤسسات الدولة كافة في هذه التجربة، الأمر الذي هيأ القدرات السعودية للانتقال إلى أعمال نوعية، أخذت طابع العمل الاستباقي، بسبب تراكم الخبرات، والفهم العميق لذهنية التطرف وعقلية المتطرف. الإخوان المسلمون في ألمانيا ـ التغلغل داخل الأحزاب والمؤسسات
تقييم الخطاب المتطرف للإخوان المسلمين
لا يختلف الإخوان هيكليا عن المنظمات الشمولية المماثلة باستخلاص مبادئهم العقائدية والتي ظهرت تحت رايات أخرى. يسعى أعضاء الإخوان إلى إنشاء نظام ثيوقراطي لا يختلف كثيرا عن النظام السياسي الإيراني. وفي أعمالهم وتنظيمهم وأيديولوجيتهم، يعمل الإخوان المسلمون كحاضنة للإرهابيين، وحشد للموارد البشرية والمادية لتمويل الإرهاب والدفاع عنه، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
وقد أعطى الانتشار العالمي للتنظيم جماعة الإخوان المسلمين القدرة على البقاء من خلال تكييف نفسها مع الحقائق السياسية القائمة. و قد نما في العالم العربي و الاسلامي و حتى الغربي تنظيم «الإخوان» بشكل انتهازي ، في حين لم يدينوا العنف أو الجهاد في خطابهم أو أفعالهم.
وعلى الرغم من الانفتاح السياسي الذي وفرته انتفاضات عام 2011 في المنطقة، والتي استغلها الإخوان بطريقة ماكيافيلية للوصول إلى ذروة السلطة السياسية، إلا أنها ظلت حركة غير مصلحة وغير معاد بناؤها و لا تتعلم من أخطائها أو تتوب منها، وغير قادرة على الانخراط في نوع الإصلاح والاستبطان اللازم للتكيف مع متطلبات السياسة الديمقراطية، و مبادئ الدولة الحديثة و قيم التسامح و الانفتاح.