بَلف المغتربين يجب ألّا يمرّ
يتعرض المغتربون اللبنانيون في أنحاء العالم لأكبر عملية بلف وإقصاء عن التأثير في التغيير السياسي المرتقب على الساحة اللبنانية، من خلال إقصائهم بشكل او بآخر عن الانتخابات النيابية المرتقبة في العام المقبل.
فتحت عنوان تمثيل المغتربين في البرلمان، جرى تضمين قانون الانتخاب فصلاً كاملاً يتعلق بانتخاب المغتربين وتمثيلهم من المادة 111إلى المادة 123، ويقول هذا الفصل بأن المغتربين يتمثلون بـ6 نواب يضافون إلى النواب الـ 128، وأن على المغتربين الراغبين بالاقتراع في البلدان التي يتواجدون فيها أن يسجلوا أسماءهم في السفارات والقنصليات، علماً ان آخر موعد للتسجيل هو قبل 20 تشرين الثاني المقبل.
في الوقائع الراهنة، هناك من يحاول حرمان المغتربين من التصويت حيث هم بشكل كامل، حتى أنّهم يريدون حرمانهم ممّا نصّ عليه القانون لجهة اختيارهم لـ 6 نواب يمثلونهم، وهو في الحقيقة أيضاً خيار لا معنى له وضرب لدور وقوة المغتربين وصحّة تمثيلهم. ولكن الأخطر والأدهى هو أن بعض الفرقاء يعلنون تمسّكهم بحق المغتربين في الاقتراع وفق القانون، أي أن يختاروا النواب الـ 6 الذين يمثلونهم فقط، محاولين الإيحاء أنهم إلى جانب المغتربين وحقوقهم، وأنهم التزموا بما كانوا قد أعلنوه مراراً وطبّلوا وزمّروا له في مؤتمرات حول العالم لجهة استعادة المغتربين لدورهم وهويتهم.
هؤلاء في حقيقة نواياهم يريدون أيضاً تحييد المغتربين عن التأثير في الساحة الداخلية ونتائج الانتخابات، فيعمدون إلى بلف هؤلاء من خلال القول لهم بأنهم يتمسّكون بحقوقهم الانتخابية، ولكن هذا الأمر يجب ألا ينطلي على اللبنانيين في الداخل والخارج. فمن يرغب بأن يكون للبنانيين المغتربين دور فعال أساسي على الساحة الداخلية وفي الوصول إلى التغيير المنتظر عليه أن يبادر الى:
1- إما تعديل قانون الانتخابات وإلغاء المواد المتعلقة بتمثيل المغتربين بـ 6 نواب.
2- وإما تعليق العمل بهذه المواد حتى إشعار آخر.
إن الحفاظ على حقوق المغتربين السياسية والتمثيلية يقضي بأن ينتخب هؤلاء كما ينتخب كل مواطن لبناني، فكل مغترب مسجّل للإنتخابات له الحق في أن يختار من يشاء من اللوائح والمرشحين في الدائرة الانتخابية التي ينتمي إليها، ويحق له المشاركة في الاقتراع، إما حيث هو مقيم وإما في لبنان، شرط أن يكون اسمه مدرجاً على لوائح الشطب.
إن كل صيغة اقتراع ومشاركة مخالفة لما أوردناه هي عملية قضاء على عامل آخر من عوامل قوة لبنان، بعدما دمّر المتحكّمون بنا عوامل القوة المالية والاقتصادية والتربوية والاستشفائية، وسيكون ضرب المغتربين الضربة القاضية للصورة التعددية والحضارية التي عُرف بها هذا الوطن، واستبدال انفتاحه بالظلامية والجهل والتخلّف.
إن القوى المسيحية والممثّلة خصوصاً بـ”القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” عليها أن تبادر للتصدي لأي محاولة لإبعاد المغتربين عن الاقتراع والتأثير في التغيير المرتقب، ويفترض بـ”القوات” و”التيار” أن يبادرا أولاً إلى التراجع عن خطيئة تمثيل المغتربين بـ 6 نواب، وأن يضغطوا كي لا يُتّخذ من عدم قدرة الدولة على توفير لوجستيات الانتخاب في الخارج ذريعة لحرمان المغتربين من التصويت، علماً ان الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وفي تواصل مع مجموعات وجمعيات من المغتربين أبدوا استعداداً لتوفير كل اللوجستيات المطلوبة لتأمين مشاركة المغتربين في الانتخابات حيث هم.