الغرب على طريق الموت.. كيف سيكون مستقبل لبنان؟…
مرسال الترس-سفير الشمال
بالرغم من حجم الأموال الضخمة التي جرى ضخها على مدى العقود المنصرمة، حتى لا نقول القرون، ما زال العلماء عاجزون عن إعطاء أجوبة عن عمر الكون وحجمه، أو عدد الكواكب والنجوم والمجرات. في حين أن كتب التاريخ تروي بوضوح عن إندثار حضارات عريقة أمثال “المايا” في أميركا الجنوبية أو السومريين والفراعنة في الشرق. كما أنها تتحدث بإسهاب عن سقوط وتقهقر إمبراطوريات سيطرت على مساحات كبيرة من هذه الأرض، إبتداء من الأمبراطورية الرومانية وصولاً إلى السلطنة العثمانية والإتحاد السوفياتي وبريطانيا التي لم تكن تغيب عن أراضيها الشمس!
لكن اللافت في القرن الحادي والعشرين أن هناك من يتحدث (بشبه تأكيد) عن إتجاه الغرب بما فيه الولايات المتحدة وأوروبا إلى “الموت”.. بالرغم من تحكّمه في العقود الماضية برقاب العديد من البلاد والعباد! حيث جاء في كتاب يحمل عنوان “موت الغرب” للمؤلف الأمريكي باتريك جيه بوكانن: “أن الموت الذي يلوح في أفق الغرب هو في الواقع موتان: موت أخلاقي بسبب السقوط الأخلاقي الذي ألغى كل القيم التربوية والأسرية والأخلاقية التقليدية .وموت ديموغرافي وبيولجي (النقص السكاني بالموت الطبيعي). حيث يتوقف عند إضمحلال القوى البشرية في الغرب، وإصابة ما تبقى منها بشيخوخة لا شفاء منها إلا بإستقدام المزيد من المهاجرين الشبان، أو بالقيام بثورة حضارية مضادة تعيد القيم الدينية والأخلاقية إلى مكانتها!
وكمتابعين وكلبنانيين يهمهم مستقبل بلادهم التي تنوء تحت كمٍ من الأزمات غير المسبوقة، ليس الخوف على هذا الغرب أو ذاك الشرق بل على هذا اللبنان الذي تنطبق عليه العديد من حيثيات ذاك الموت: فهل يعي المسؤولون أو المنظرون في بلادنا حجم ما ينتظر هذه البقعة الصغيرة جدا من كرتنا الأرضية، والذرّة في هذا الكون، بعد مئة سنة فقط من رسمها على الخرائط؟
وهل تلاحظون أن التراجع الأخلاقي المسجّل في بلادنا على الصعد الأسرية والتربوية والتعاطي المجتمعي بكل وجوهه ينزلق إنحداراً نحو هاوية رسمت خططها جهات مشبوهة، نجحت سابقاً في تفكيك ذاك الغرب أسرياً وتربوياً وأخلاقياً. وذهب مجتمعنا ببساطة لتقليد ذاك الغرب بصورة ببغائية، تحت مسميات التطور والموضة؟
وهل تلاحظون أن بعض المكونات المجتمعية في هذا اللبنان والتي كانت في أساس تركيبته، تتجه نحو الإختفاء بسبب التراجع في النمو السكاني، وبالتالي النقص والإقتراب من الشيخوخة المجتمعية، بحجة عدم القدرة على تأمين متطلبات العائلات الكبيرة، وتقليد الغرب في أسر محدودة ومفككة، ناهيك عن التصرفات الخارجة عن مفهومنا الشرقي تحت عناوين الحريات المطلقة التي يضع بعض الغرب ضوابط مشددة عليها؟
في الإستنتاج أن الغرب المترامي الأطراف والمتعدد الإتنيات والثقافات قد لا يتأثر بموت بعضها، ولكن إن حدث الأمر في لبنان فستكون نتائجه كارثية بالتأكيد ومدمرة بالمطلق!