تهديد صفا للبيطار: لماذا كان موقع الميقاتي أوّل الناشرين؟
ملاك عقيل -أساس ميديا
تتوسّع دائرة “الارتياب” حول أداء المحقّق العدلي، وبات المدّعى عليهم في الملفّ، ومن بينهم دياب، في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على تقديم دعوى ردّ لعدم الاختصاص ودعوى ارتياب مشروع أمام محكمة التمييز الجزائية. لكنّ أوساط البيطار تؤكّد أنّه “يتحرّك من ضمن صلاحياته القانونية، واستناداً إلى ما لديه من معطيات في الملفّ”.
يتزامن هذا المشهد مع تسريبات إعلامية تحدّثت عن زيارة قام بها مسؤول وحدة التنسيق والارتباط في حزب الله الحاج وفيق صفا إلى “العدليّة” يوم الاثنين، واجتماعه مع رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود.
المفارقة أنّ أوّل مَن نقل خبر اللقاء هو الموقع الإلكتروني المحسوب على الرئيس نجيب ميقاتي، ورَبَطه بارتياب حزب الله بأداء البيطار “الذي يقوم بتسييس التحقيق وتطييفه في سياق تصفية حسابات سياسية”، واصفاً الجلسة مع القاضي عبود بـ”الساخنة”.
أيضاً تزامن ذلك مع ما نقله الزميل إدمون ساسين على صفحته عبر “تويتر”، من كلام تهديديّ قال إنّ صفا أرسله إلى القاضي البيطار مفاده: “واصلة معنا منك للمنخار، رح نمشي معك للآخر بالمسار القانوني، وإذا ما مشي الحال رح نقبعك. وكانت إجابة البيطار: فداه، بيمون كيف ما كانت التطييرة منو”.
وبينما أثارت هذه التغريدة وتسريبات أخرى لها المنحى نفسه ضجّةً كبيرةً أمس، طلب لاحقاً النائب العامّ التمييزي القاضي غسان عويدات من البيطار “إعداد تقريرٍ عمّا يتمّ التداول به من رسالة شفهيّة وَصَلته بالواسطة من السيد وفيق صفا”. فيما كان وزير الداخلية بسام المولوي يؤكّد، خلال زيارة تفقّدية إلى مديرية قوى الأمن الداخلي، أن “لا علم له بأيّ تهديد طال القاضي البيطار”.
وتفيد معلومات “أساس” أنّ اللقاء الذي جمع صفا مع القاضي عبود وحضره مدّعي عام التمييز القاضي غسان عويدات ومفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي تناول قضية نتيرات الأمونيوم التي تمّ ضبطها في البقاع. لكنّ اللافت أن لا حزب الله ولا القاضي البيطار علّقا على ما نشره ساسين عن تهديدات وجّهها صفا إلى المحقّق العدلي.
وتوقّعت مصادر أن يكون هذا “التهويل” الإعلامي جزءاً من خطة لزيادة التعاطف الشعبي مع القاضي البيطار بالتزامن مع تحديده جلسات للنواب الثلاثة ورئيس الحكومة السابق، وربّما رفعه السقف بإصدار المزيد من مذكّرات التوقيف الغيابية، في مقابل إعداد دعوى من جانب المدّعى عليهم قد تقود إلى تنحيته عن القضية.
وهنا تسأل المصادر: “إذا كان البيطار، كما يقول، ينطلق من وحدة المعايير والنصوص القانونية بعيداً عن الحسابات السياسية، فهل يعيد طلب الإذن بملاحقة المدير العامّ للأمن العام اللواء عباس إبراهيم والمدير العامّ لأمن الدولة اللواء طوني صليبا؟”. وتضيف: “هناك وزير داخلية جديد و”هيئة” جديدة للمجلس الأعلى للدفاع بعد تشكيل الحكومة الجديدة، فهل يجرؤ البيطار على أن يطلب الأذونات بالملاحقة مجدّداً؟”.
يُذكَر أنّ اللواء إبراهيم أكّد في مقابلته التلفزيونية الأخيرة أنّه “لم يتبلّغ بالحضور وفق الأصول، وأنّ مثوله أمام القاضي البيطار يُعدّ مخالفة قانونية لكون المحقّق العدلي لم يحصل على الإذن بالملاحقة من وزير الداخلية، والنيابة العامّة التمييزية أيّدت قرار الوزير”.
وكان المحامي العامّ التمييزي القاضي غسان الخوري طلب المزيد من المستندات من البيطار للبتّ بالإذن، لكنّه لم يحصل عليها.
هكذا يَدخل تدريجيّاً ملفّ تحقيقات المرفأ في متاهات وزواريب وتعقيدات يصعب فصل خيوط بعضها عن البعض الآخر، لكنّها بالتأكيد تعكس الإدارة الاستنسابية والانتقائية والحافلة بالأخطاء القانونية من جانب البيطار، والتي باتت تعرّضه لمساءلة شعبية وقضائية ولاستغراب جهات حقوقية وقضائية أن يقع قاضٍ مثله “معروف بكفاءته واستقامته بهذا الكمّ من المغالطات القانونية وطغيان الاستنسابية في الادّعاءات على أدائه”.
ووفق الموعد الذي حدّده في 4 تشرين الأول لاستجواب دياب، يُرجَّح ألا يكون الأخير على الأراضي اللبنانية. فبناءً على أقوال دياب بعد مغادرته لبنان في 14 الجاري، تستمرّ إجازته العائلية في الولايات المتحدة الأميركية حتى الرابع من الشهر المقبل، وكان قد أعلن أنّه سيقوم بها فور تشكيل الحكومة. وهذا يعني أنّ البيطار أعطى دياب مهلة ثلاثة أسابيع فقط للحضور إلى العدلية بعد تمنّعه عن المثول أمامه كمدّعى عليه وصدور مذكّرتيْ إحضار بحقّه.