“حزب الله” و”التيّار”.. خلاف متفلّت وضوابط آحادية
المصدر: ليبانون ديبايت – علي الحسيني
تحوّلت العلاقة بين “حزب الله” و”التيّار الوطني الحر” من علاقة سياسية ثابتة وراسخة أرستها أُسس اتفاق “مار مخايل”، إلى تعاطي على “القطعة” بين الطرفين، بحيث أصبح كُلّ ملف يُناقَش على حدة بينهما، ما أدخل نمطاً جديداً من التعاطي يقوم على أولوية المصالح الآحادية، الطائفية والسياسية والمصلحة أو المنفعة الشخصية. واللافت، أن هذا التعاطي الجديد بين “الحزب” و”التيّار”، أوصلهما إلى مرحلة أصبحت فيها النقاشات الثنائية والتخاطب، تتمّ عبر الإعلام بعدما ظلّ محصوراً لسنوات في الغرف المُغلقة.
يصف البعض النقاشات التي دارت في هذه المرحلة بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” حول موضوع تأليف الحكومة، بالحادة والمُتشنّجة، وذلك على خلفية انقسام الرأي بين الطرفين حول أولوية المطالب، إن لجهة نوعية الحكومة وطبيعة عملها ومسؤولياتها في ظل الأوضاع الراهنة، أو لجهة تركيبتها السياسية، وتحديداً بما يتعلّق بـ”الثلث الضامن” الذي يمنح حامله، حقّ التحكّم بالحياة السياسية والإقتصادية، وتفصيل القوانين وتنظيمها بالشكل الذي يتناسب مع حجم تطلّعاته وطموحاته.
على عكس “حزب الله”، يُفرج بعض أركان “الوطني الحر” عن مكنوناتهم السياسية في ما خص العلاقة بالحزب بين الحين والآخر، ومآخذهم حول العديد من الملفات العالقة معه، والتي تتراوح بين سياسية وأمنية واقتصادية، وذلك تحت عنوانين، “حرّية التعبير” وعدم وجود “مَونة” لدى رئيس “التيّار” النائب جبران باسيل، على ضبط وزرائه ونوابه، أو القيادات داخل تيّاره، لجهة تحديد سقف الخطاب مع “حزب الله”.
طبيعة الإختلاف مع الحزب، و برأي مصادر “التيّار” تندرج ضمن إطارين أساسيّين: الأول سياسي، والثاني إقتصادي، فالحزب يرى أن من صالحه وجود حكومة بأي صيغة، لكي ترفع عنه بعض المسؤوليات تجاه بيئته، خصوصاً في ظل الحصار الذي يُعانيه منذ سنوات، والذي يمنعه من تحقيق بعض الوعود التي يُطلقها على جمهوره بهدف التخفيف من وطأة الإحتقان، وهذا حقّ طبيعي له، خصوصاً في ظل الأزمات التي يُعاني منها كل اللبنانيين وليس الطائفة الشيعية وحدها.
وتُضيف مصادر “التيّار” أنه من جهتها، فإن أي حكومة لا يكون قرارها لبنانياً وتحفظ التوازن الطائفي وحقوق الطوائف، وتحديداً حق رئيس الجمهورية، هي بالنسبة إليها حكومة “استعمار”. لذلك، من واجب “التيّار” مسيحياً ولبنانياً، العمل على إرساء قواعد أو مظلّة أمان لكل اللبنانيين من خلال حكومة متجانسة سياسياً وطائفياً، تفادياً لعدم وقوع أزمات دستورية وميثاقية. وربما من هنا تأتي الإختلافات في المواقف مع “الحزب” والتي تمتدّ إلى ملفات أخرى لها علاقة بأولويات لبنان وعلاقاته مع الخارج، بالإضافة إلى دور مؤسّسات الدولة، لا سيّما المؤسّسة العسكرية وهي “فوق الجميع بما يتعلّق بموضوع السلاح”.
أمّا من جهة “حزب الله”، فتؤكد مصادره، أن “ما اتُفق عليه في مار مخايل، ما يزال قائماً حتى اليوم وراسخاً، على الرغم من الشغل الإعلامي الذي يقوم به البعض للقول بأن الإتفاق ولّى إلى غير رجعة، من أجل الإيحاء بأنه لم يعد للحزب حاضنة مسيحية مثلما قيل خلال حادثة “شويّا” بأنه لم يعد لديه حاضنة درزية. ويبدو أن المطلوب اليوم، افتعال مشكل بين “الحزب” و “التيّار”، بهدف هزّ الإستقرار الأمني والطائفي والسياسي الذي ثبّته هذا الإتفاق، وعلينا أن لا ننسى أن هذا “التفاهم” مرّ بامتحانات كثيرة بدءاً من حرب تموز مروراً بالحرب السورية، وصولاً إلى الفتن الداخلية ،بالإضافة إلى امتحان 17 تشرين، حيث يعلم الجميع أن فريقاً داخل “التيّار” كان يُريد الإنخراط بهذه الثورة.
وتعترف مصادر الحزب، بوجود اختلافات مع “التيّار” مثلها مثل أي اختلاف مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، حول وجهة النظر المتعلّقة بإطاحة حكومة الرئيس حسّان دياب، حيث أصرّ بري على عدم استمرار هذه الحكومة. لكن الفرق بين “الحزب” و”التيّار” أن الأول يتمتع بانضباط شديد يجعل من التعبير حول الآراء والقضايا العالقة مع الطرف الثاني تتمّ في الغرف المُغلقة، على عكس ما هو حاصل لدى “التيّار” حيث الأمور مفتوحة ومتاحة أمام كل من يُريد أن يُدلي بدلوه في أي موضوع مهما بلغت درجة حساسيته.
وبحسب المصادر نفسها، فإن بعض قادة “التيّار” والجمهور، يتأثرون بالحملات الإعلامية التي تُشنّ عليهم على قاعدة أن العلاقة مع “حزب الله” لم تجلب لهم سوى الويلات والعقوبات والإنقسامات، بينما الحقيقة مُغايرة تماماً لهذا الواقع، لأنه من خلال الإتفاق الثنائي حصل “التيار”على رئاسة الجمهورية، وكتلة نيابية وازنة بالإضافة إلى وزارات تُصنّف في خانة المُهمّة مع بعض الإمتيازات التي يعلمها الجميع.