إطلاق موقوفي المركز الآلي للجمارك: مال الدولة السائب وتواطؤ القضاء «يُعلّمان الحرام»
الأخبار- رضوان مرتضى
وهنا مكمن القضية وتحديداً: قدرة الموظفين على الولوج إلى البيانات الجمركية في أي وقت لتحديد إن كانت هذه البضائع يجب أن تخضع للتفتيش أو لا، حيث يُشتبه في أن الموظف المتورط كان يدخل النظام الإلكتروني ليضع الشحنة في الخانة الخضراء المعفاة من التفتيش ليُهرّبها من الرسوم الجمركية مقابل رشى يقبضها لاحقاً.
فهل سأل القاضي أبو سمرا الموظفين المتهمين عن تبرير دخولهم إلى النظام خارج الدوام وأحياناً في وقت متأخر من الليل؟ ما هو المبرر الذي قد يُقنع القاضي بأنّ موظفاً لا عمل له خارج دوامه يحضر إلى المركز ليمسح بيانات عن النظام الداخلي للجمارك؟ هل اطّلع القاضي على حساباتهم المصرفية وأملاكهم العقارية ليتولّد لديه اقتناع ببراءتهم قبل أن يُقرر إخلاء سبيلهم؟ وبماذا يبرر أبو سمرا كذب الموظفين التقنيين وادعاءهم باستحالة إمكان أحد إزالة «سجل الدخول» الإلكتروني (log file) وزعمهم عدم قدرة أحد على مسح أي بيانات عن النظام الإلكتروني قبل أن يُبيّن الضابط التقني كذب مزاعمهم ويكشف العمليات المسجّلة؟
والجدير ذكره كشف التحقيقات أنّ عمليات التلاعب بدأت منذ أكثر من عشر سنوات بتواطؤ بين مسؤولين وموظفين في الجمارك وبين موظفَين تقنيّين في تكنولوجيا المعلومات اختارتهما وكالة دولية مسؤولة عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP، وقُدّر الاختلاس بمليارات الليرات جراء عمليات التلاعب والتهرّب الجمركي.
لقد أخلى القضاء سبيل موظفين رغم وجود تقرير فني (على قرص مدمج في ملف التحقيق) يسمح بالاشتباه في تورطهم في التلاعب ومسح بيانات بهدف التهرب الجمركي. فهل يقول القضاء بذلك للموظفين «اسرقوا ما استطعتم، وإن ضُبطتم فإنّ العقوبة في حدّها الأقصى لن تتجاوز التوقيف لمدة أسبوعين«؟
هكذا تُستعاد مسرحية محاكمة 40 موظفاً لم يصدر حكم بحقهم منذ عام 1999. فهل سينتظر اللبنانيون حتى عام 2040 لمعرفة مصير المدّعى عليهم الخمسة الجدد، أم أنّ ذلك لن يحصل أبداً؟
يُشار ألى أنّ القاضي طنّوس الذي ادّعى على موظفي الجمارك، طالباً توقيفهم بعد إحالتهم على قاضي التحقيق الأول، طلب الحجز على أموال المدّعى عليهم وتجميد حساباتهم وأصدر قراراً بمنعهم من دخول أي مركز للجمارك ريثما تنتهي المحاكمة.