الحكومة في الساعات المُقبلة ؟ والأمال مُعلّقة على نهار الأربعاء لصدور المراسيم الملفات الإقتصادية تُشكل التحديات الأساسية للحكومة العتيدة والتفاوض مع «الصندوق» على رأسها المجتمع الدولي يزيد من مساعداته الإنسانية من دون أن يكون هناك مرور بالسلطة
مانشيت-الديار
أجواء إيجابية خيمت في الساعات الأخيرة على المشهد السياسي مع الحديث عن نجاح المساعي والضغوطات الدولية في تقريب وجهات نظر الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي. وتُشير المعلومات أن الحكومة العتيدة قد تُبصر النور نهار الأربعاء مع إستحالة القيام بذلك اليوم نظرًا إلى الحداد الوطني على الشيخ عبد الأمير قبلان الذي وافته المنية الأسبوع الماضي.
الأجواء الإيجابية أتت بعد إتصال هاتفي بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي حيث تم التشديد على ضرورة تشكيل حكومة في لبنان. وهو ما يُرجّح أن هذا الإتصال أعطى دفع قوي لعملية التأليف مع ضغط أميركي مُتزايد في هذا الإتجاه.
تفاصيل الإتفاق لم تُنشر بعد، وبالتالي لم نعرف حتى الساعة توازن القوى داخل الحكومة ولمن آلت الوزارات المُتنازع عليها. مصادر فرنسية قالت لجريدة الديار أن العقد هي عقد محلية وليست دولية وبالتالي الضغط على السلطة السياسية أعطى مفعوله بشكل سريع نظرًا إلى أن الأجواء كانت نحو الإعــتذار منذ يومين لتنقلب الأن وتُصبح إيجابية.
المعلومات الأولية تُشير إلى أن هنري خوري سيتولى حقيبة العدل، في حين تذهب الداخلية إلى بسام المولوي، ووزارة الشؤون الإجتماعية من حصة رئيس الجمهورية، ووزارة الإقتصاد من حصة الرئيس ميقاتي، والطاقة تذهب إلى وليد فياض من حصة رئيس الجمهورية. وتذهب كل من وزارتي الأشغال العامة والإعلام إلى المردة.
مصدر مقرب من القصر الجمهوري صرّح أن التواصل مستمر بين الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي حتى ولو بشكل غير مباشر.
وتوقع المصدر أن تتجه الأمور إلى خواتيمها السعيدة خلال 48 ساعة.
عمليًا الصراع على وزارة الإقتصاد والتجارة لا يأتي من الدور المُعطى لها في القانون فمهامها محصورة في حماية المستهلك والعلاقات التجارية وبالتالي لا دور لها عمليًا في المرحلة المقبلة إلا من باب الإسم. فمهام وزارة الإقتصاد مُعطاة لوزارة المال التي لها حصرية تحضير الموازنة وبالتالي يتم التعاون مع وزارة الإقتصاد كأي وزارة أخرى.
من هذا المنطلق، يحاول المعنيون حجز مقعد لهم على طاولة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي. هذا الدور يأتي من أن المرحلة المقبلة سيكون هناك حضور لوزارة المال، وزارة الإقتصاد، وزارة الأشغال، وزارة الشؤون الإجتماعية، ووزارة الطاقة وبالتالي يُمكن للأطراف أن يعرقلوا عملية التفاوض مع صندوق النقد الدولي كما حصل في المرة السابقة.
أيضًا تأتي أهمية الصراع على وزارة الإقتصاد والتجارة من باب الثلث المعطل الذي يتصارع عليه الأفرقاء بهدف تأمين مرحلة ما بعد نهاية ولاية رئيس الجمهورية. وبالتالي بإسناد وزارة الإقتصاد والتجارة إلى سنّي من حصة الرئيس نجيب ميقاتي، يعني أن رئيس الجمهورية تراجع عن الثلث المُعطل.
مصادر تُشير إلى أن حكومة حتى ولو تشكّلت، سيكون من الصعب عليها القيام بإنجازات نظرًا إلى التباعد الكبير بين القوى السياسية وخصوصًا بين الرئيس نبيه برّي مع خطابه الناري في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر ورئيس الجمهورية من جهة، وبين رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع مع خطابه الناري في ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية، والذي لاقى فيه خطاب الرئيس برّي من باب الهجوم العنيف على رئيس الجمهورية ميشال عون وعلى التيار الوطني الحر. وبالتالي هناك معارضة قادرة وفعّالة قد تكون معرقلا أساسيا أمام عمل الحكومة إذا ما كان فيه خدمة للمستقبل السياسي للنائب باسيل.
هذا التحليل يدفعنا إلى القول أن رئيس الجمهورية وفريقه لن يقبلا بالتخلّي عن الثلث المُعطل وهو ما قد يكون عقبة في وصول الملف الحكومي إلى خواتمه السعيدة.
بالطبع لا يُمكن نسيان الدور المحوري للواء عباس إبراهيم، أو صاحب الأيادي البيضاء كما يُسمّى، في تذليل العقبات وهو ما عبرت عنه مصادر حكومية عراقية عبر إثنائها على الدور الذي قام به مدير عام الامن العام اللبناني اللواء عباس ابراهيم في إتمام عملية تأمين النفط العراقي لمعامل الكهرباء اللبنانية.
على كل الأحوال هناك عدّة نقاط يتوجب التوقف عندها في حال تشكّلت الحكومة:
أولاً – ما هو مصير قائد الجيش، وحاكم مصرف لبنان، ومدير عام قوى الأمن الداخلي، ومدعي عام التمييز، ومدير مصلحة المناقصات خصوصًا أن التسريبات تحدّثت عن شرط الرئيس عون إقالة الموظفين الحاليين وتعيين بدائل عنهم؟
ثانيًا – ما هي المنهجية التي ستتبعها الحكومة العتيدة في مقاربة الإصلاحات خصوصًا أن شيئًا لم يتغيّر في النفوس وهو ما أثبتته عملية تشكيل الحكومة؟ وكيف ستتعامل مع ملف التفاوض مع صندوق النقد الدولي؟
ثالثًا – كيف ستتعامل الحكومة اللبنانية مع العلاقات مع سوريا مع العلم أن الرئيس نجيب ميقاتي مطلوب في سوريا؟
رابعًا – كيف ستتمكّن الحكومة من حل مُشكلة المصارف بطريقة تُرضي رئيس الجمهورية وفريقه؟
خامسًا – هل ستشهد الحكومة صراعًا بين رئيس الحكومة ميقاتي وبين وزير الطاقة المحسوب على رئيس الجمهورية على ملف الكهرباء؟
سادسًا – ماذا عن جريمة المرفأ، وهل سيقبل الرئيس ميقاتي بمحاكمة الرئيس حسان دياب وهو المنتسب الأخير إلى نادي رؤوساء الحكومة السابقين؟ وهل سيتم عزل القاضي البيطار من منصبه؟
عمليًا الأسئلة كثيرة وقصر المسافة في الوقت حتى الإنتخابات النيابية المُقبلة (إذا ما حصلت) تدفع إلى القول أن هذه الحكومة ستكون حكومة إنتخابات وإدارة أزمة أكثر منها حكومة إصلاح وهو ما يعني أن لبنان فرض كلمته على المجتمع الدولي الذي كان يُطالب بحكومة إختصصايين مُستقلين للقيام بإصلاحات، فها هي الحكومة حزبية بإمتياز وستكون غير قادرة على القيام بإصلاحات!
على الصعيد المعيشي، إنسحبت الأجواء الإيجابية بقرب تشكيل الحكومة على سعر صرف الدولار الأميركي في السوق السوداء حيث واصلت العملة الخضراء إنخفاضها ولامست الـ 17500 ليرة لبنانية للدولار الواحد مع توقعات المحللين بأن يستمر الإنخفاض إلى ما بعد تشكيل الحكومة ليصل إلى مستويات تقلّ عن الـ 16000 ليرة.
في هذا الوقت تستمر التسريبات في ما يخص الدولار المصرفي وسعر صرفه مقابل الليرة اللبنانية حيث أشارت مصادر إلى أن المجلس المركزي لمصرف لبنان سيقوم بدراسة الملف في إجتماعه الأسبوعي نهار الغد ويتم بعدها مناقشة الموضوع في إجتماع لجنة المال والموازنة نهار الخميس. وتُشير المصادر إلى أن مصرف لبنان والمصارف اللبنانية لا تعترض على رفع سعر صرف الدولار المصرفي إلى مستويات أعلى شرط السيطرة على التضخم الذي سينتج عن هذه العملية.
وكانت لجنة المال والموازنة قد عقدت الخميس الماضي إجتماعًا للبحث في سعر صرف الدولار المصرفي بحضور أعضاء اللجنة ورئيس جمعية المصارف سليم صفير وممثل عن حاكم مصرف لبنان. وتمّت مناقشة دقائق التعميم 151 وضرورة رفع سعر صرف الدولار المصرفي . الجدير ذكره أن صلاحية تعديل سعر صرف الدولار المصرفي تعود إلى مصرف لبنان وبالتحديد المجلس المركزي وهو الذي يقرر التجديد للتعميم 151 عند إنتهائه في نهاية شهر أيلول أو التجديد كما هو في حاله أو تعديل سعر الصرف فيه.
رداءة الوضع المعيشي والإقتصادي في لبنان والذي جسده التقرير الأخير الصادر عن الإسكوا، جعل أكثر من 82% من سكان لبنان تحت عتبة الفقر. هذا الأمر دفع المؤسسات الدولية إلى زيادة مساعداتها الإنسانية حصريًا – من دون المرور بمؤسسات الدولة اللبنانية – إلى الشعب اللبناني والمرافق العامة التي تؤمّن خدمات إجتماعية وصحية. وقد أعلنت منسقة الشؤون الإنسانية للأمم المُتحدة في لبنان نجاة رشدي أن المؤسسة خصصت 6 ملايين دولار أميركي من الصندوق الإنساني للبنان بهدف ضمان إستمرارية الخدمات العامة وعلى رأسها الرعاية الصحية وتخصيص 4 ملايين دولار أميركي لدعم خدمات المياه وبالتحديد شراء وقود لمحطات ضخ المياه.
هذا الأمر يأتي على خلفية النقص الحاد في الوقود والكهرباء والذي يُهدد الخدمات الأساسية في لبنان كالرعاية الصحية والمياه وهو ما يضع مئات الألوف من العائلات في وضع كارثي.
وبحسب المؤسسة، ستكفي هذه الأموال حاجات 246 مركزًا للرعاية الصحية الأولية، و554 مستوصفاً و65 مستشفى من الوقود على الأشهر الثلاثة القادمة.