خيارات ميقاتي تضيق… لكن لا اعتذار في الأفق
هيام عيد- الديار
لم يُسجّل أي تبدّل على المشهد الحكومي منذ اندلاع حرب البيانات التي وضعت حداً فاصلاً للمبادرة التي قام بها المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، ولكن لم تتوقع مصادر سياسية مواكبة وصول الإنسداد على خط تشكيل الحكومة الى حدود اعتذار الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي، وإن كان منقطعاً حالياً عن زيارة قصر بعبدا ومتابعة البحث بالعملية الحكومية، وذلك، بعدما عادت مباحثات التشكيل إلى المربّع الأول، وفق هذه المصادر.
ولا تعني هذه العودة بالضرورة أن الرئيس المكلّف قد أصبح أمام خيار وحيد وهوالإعتذار، حيث تعتبر المصادر السياسية نفسها، أن الضغوط المحلية والخارجية التي يخضع لها ميقاتي، سوف تؤجل هذا القرار وتزيد من مروحة الخيارات أمامه، على الأقل في الأسبوع الجاري. لكنها تستدرك موضحة، أن هذا الضغط يجب أن يتزامن مع ضغط مشابه على كل الأطراف المعنية بتسريع عملية التشكيل، ولن يكون بالتالي كافياً إعلان المواقف الداعمة للتأليف والداعية لتسريعه من دون أي خطوات عملية ومباشرة، مع العلم أن الإتصال الذي أجراه رئيس الجهورية ميشال عون بميقاتي، وأبلغه فيه بأنه ليس هو المقصود بالبيان الذي صدر عن مكتبه الإعلامي من التأزّم الذي آلت إليه مشاورات تأليف الحكومة، قد ساهم في تخفيف منسوب التوتر المحيط بهذه العملية وبتطويق ارتدادات فشل وساطة المدير العام للأمن العام.
وفي هذا الإطار، تكشف المصادر نفسها، عن أن كل الخيارات قد طُرحت، كما كل احتمالات التوافق حول صيغة تحظى برضى كل الأطراف السياسية، كذلك، فإن كل الوساطات قد استُنفدت بعدما استغرقت شهوراً وأسابيع عدة، وتزامناً شهد الملف الحكومي دخول عواصم القرار الغربية والعربية، سواء بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر، على خط الإتصالات المحلية، من أجل تذليل العقد أمام مسار التشكيل، ولكن في خلاصة كل هذه المحاولات، تحوّلت عملية التأليف الى أسيرة لكل المواقف و»الفيتوات» والطروحات المعلنة والمتضاربة من حيث العناوين والأهداف في الداخل والخارج في آن. وعلى هذا الأساس، تبدو الوساطة الأخيرة، كما أي وساطة مستقبلية، في مدار واحد وهو المراوحة بانتظار استكشاف المواقف الحقيقية من تشكيل حكومة أو الإستمرار في تصريف الأعمال في المرحلة المُقبلة.
وعليه، فإن عملية التأليف هي في استراحة في المرحلة الحالية، وذلك بانتظار بلورة الإتصالات الجارية عبر بعض الأقنية، لمعالجة الأزمات المعيشية وبشكل خاص أزمة المحروقات، وذلك مع اقتراب موعد رفع الدعم عنها، والذي قد يبدأ في غضون أيام معدودة كما يجري تسريبه من معلومات في أوساط الشركات المستوردة للمحروقات، وبالتالي، فإن من شأن هذا التطور أن يترك تداعيات بارزة على مجمل المشهد السياسي العام، ومن ضمنه مسار التأليف، وإنما من دون أن تتأكد طبيعة هذا التأثير، وإن كانت إيجابية أم ستكون سلبية وتزيد الأمور تأزيماً وانسداداً.