حان فك الحصار من البوابات المفتوحة بين بيروت ودمشق هل تكرّس زيارة الوفد اللبناني عودة التعاون الرسمي مع سوريا؟
محمد بلوط- الديار
منذ فترة طويلة سقطت سياسة محاصرة وعزل سوريا، بعد ان فشلت وسقطت كل محاولات وحروب اسقاط قيادتها.
واليوم واشنطن، التي تتوالى خيباتها في المنطقة وتتساقط اوراق سطوتها العسكرية المباشرة ورقة تلو الاخرى، كما حصل في الايام الماضية في افغانستان في انسحاب مذل لم يسبقه سوى هزيمتها الكبرى في فيتنام، تحاول مع بعض دول الغرب المأزوم ان تكابر فتستمر في سياسة الضغوط والحصار على دمشق كمن يسبح عكس تيار الوقائع والتطورات.
اما المصيبة الكبرى، فتكمن في موقف الدول العربية او معظمها وما تبقى من هيكل جامعة الدول العربية المقاطع لسوريا التي استعادت زمام المبادرة عسكريا وسياسيا وانمائيا وعمرانيا. ويكفي ان نشاهد اليوم، رغم قساوة الحرب الكونية وآثارها عليها، كيف عادت دمشق عروسا تضج بالحياة، واسترجعت حلب اسواقها من تحت الرماد بابهى حللها، وازدانت اللاذقية وطرطوس باحجار النور على الشواطىء الزرقاء.
واذا كانت بعض الدول العربية قد فتحت قنوات تواصل مع سوريا على غير صعيد باشكال خجولة لاعتبارات متنوعة، فان تأخر لبنان الرسمي في اعادة التواصل والتعاون مع دمشق غير مبرر او مفهوم، خصوصا بعد سقوط الرهانات على ما سمي بالمعارضة السورية التي احتواها الارهاب واستثمرها.
وبعد الخطوة الاخيرة التي بادرت الحكومة الى القيام بها بتكليف وفد وزاري رفيع المستوى الى دمشق للسماح وتسهيل نقل الغاز المصري الى لبنان ومسارعة الحكومة السورية الى التجاوب مع المطلب اللبناني، صار لا بد من انتهاج سياسة واضحة بين البلدين ترتكز على تكريس التواصل والتعاون بينهما في كل المجالات من دون الحاجة الى جوازات مرور اميركية وغيرها.
ومن الطبيعي ان تشكل هذه الزيارة محطة مهمة لاستعادة عافية العلاقات بين البلدين الشقيقين والجارين لمواجهة ومعالجة الكثير من المشاكل والتحديات التي تواجههما، ومنها قضية النازحين والملفات المتعلقة بالاوضاع الاقتصادية.
وفي سياق تقويم زيارة الوفد الوزاري اللبناني الى دمشق يقول مصدر سياسي مطلع، ان هناك عوامل عديدة ساعدت على تحقيق هذه الخطوة وتجاوز بعض المواقف والاعتراضات المحلية على عكس ما كتا نشهده سابقا. واذا كان الموقف الاميركي الصريح بالموافقة على استجرار الغاز المصري الى لبنان عبر الاردن وسوريا بعد الاعلان تزويده بالنفط الايراني قد شجع الحكومة اللبنانية على اتخاذ قرار التواصل مع دمشق، فان اشتداد ازمة المحروقات وازدياد حجم الكارثة الاقتصادية والاجتماعية ساهما حكما في اضعاف اصوات المعارضة للتواصل مع الحكومة السورية.
ويضيف المصدر ان التطورات الاخيرة في المنطقة، خصوصا بعد الانسحاب الاميركي الكارثي من افغانستان، قد احدثت ارباكا واضحا لدى الادارة الاميركية وفرضت عليها ايقاعا جديدا في تعاطيها مع ملفات دول المنطقة ستظهر تدريجيا في المرحلة المقبلة.
وباعتقاد المصدر ان الوقت حان لفك الحصار عن لبنان من خلال فتح كل ابواب التواص والتعاون بين بيروت ودمشق من دون تعقيدات ومنغصات لمصلحة البلدين في كل المجالات.
وبرأيه ان زيارة الوفد اللبناني الرسمي لسوريا يجب ان تشكل محطة جديدة يُبنى عليها من اجل التعاون بين البلدين لحل كل المشاكل التي تواجههما بايجابية تتجاوز مرحلة الانقطاع الماضية.
ويؤكد المصدر ان كل الحجج والمواقف الاحتجاجية والاعتراضية لبعض الاطراف اللبنانية سقطت بعد التطورات التي عصفت في المنطقة منذ الازمة السورية ومن ثم المحنة التي لا يزال لبنان يتخبط فيها.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل يواصل لبنان الرسمي بعد خطوة الامس، سياسة الانفتاح على سوريا ام ان زيارة الوفد الوزاري هي مجرد خطوة لالتقاط فرصة وفرتها واشنطن قسرا ردا على تحرك البواخر الايرانية لتزويد لبنان بالمحروقات؟