لبنان مسرح اللعبة الأميركية…
كلود عطية*-البناء
يبدو أن الولايات المتحدة الأميركية تعتمد استراتيجية جديدة في لبنان للضغط المباشر على المقاومة قبل الانتخابات النيابية المقبلة، هي استراتيجية تحويل أحجار الشطرنج إلى اللعب بنار الصحراء حيث يتحوّل كلّ حجر إلى سيف قاتل بشكل ممنهج ومخطط للعلاقات الدبلوماسية الطبيعية من جهة، وإلى التهديد بقطع أوصال المجتمع وتشتيت الجماعات وتسريع عودتها إلى حضن الطائفة ومرجعيتها من جهة أخرى.
أما السلطة السياسية اللبنانية التي تعيش مخاض ولادتها من رحم ذاتها الأميركي، تراها تعيش حالة ترقب وانتظار، ولكنها تعلم في حقيقة ذاتها أن حزب الله لا يخضع للضغوطات الأميركية ولا للتهديدات ولا للعقوبات، ولا يقحم لبنان في لعبة الدم التي يريدها أعداء المجتمع الواحد المنسجم المتنوّع والمنفتح على كلّ دول العالم باستثناء العدو “الإسرائيلي”، إلا أن لغة العدو لا يتقنها إلا من عرفه وتحالف معه لزرع الخراب في لبنان وتدمير الحجر وتشويه صورة الإنسان.
الشعب اللبناني الذي يحلل في السياسة الخليجية والإقليمية والعالمية ويكتب في كلّ المواقع من أجل مصلحة الطائفة وأمراء الأحزاب المتربّعين منذ عشرات السنين على الرؤوس والنفوس في اقتحام للمبادئ الإنسانية والأخلاقية واحتلال للدولة المدنية المتحوّلة إلى مزرعة طائفية، يعيش الصراع الدولي للسيطرة على السياسة اللبنانية التي يريدها أن تطبع مع العدو “الإسرائيلي” وأن تتنازل عن أرضها المحتلة وتُبقي على الفساد عنواناً أساسياً للحفاظ على الدولة المنهوبة المذلولة، كما السيطرة على مقدرات الدولة وحدودها وما يتواجد في جبالها وبحرها، وبين من أراد واختار الصراع والمقاومة للدفاع عن لبنان وشعبه.
علنا نحدّد وبكلّ جرأة ما الذي قدمته الولايات المتحدة الأميركية للبنان وشعبه منذ انفصال هذا الكيان عن حدوده السورية الطبيعية، ونعود إلى الجانب الآخر المتعلق بالجمهورية الإسلامية في إيران وما قدّمته للمجتمع اللبناني، لنرى أننا أمام محورين: محور الفوضى غير الخلاقة على مدار التاريخ، ودعم استراتيجي لكلّ من أراد لبنان مجرد قاعدة عسكرية أميركية، ومحور المقاومة بالفكر والعلم وثقافة الانفتاح وإلغاء الطائفية والسلاح العابر فوق كلّ الخلافات الداخلية إلى كلّ الأراضي المحتلة لتحريرها، يالتالي نحن أمام مواجهة علمية وأخلاقية، بين من يريد سرقة الغاز والنفط والموارد الطبيعية والمياه، وبين من قدّم المساعدات الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية وما زال يقدّم العروض لبناء الدولة القوية.
بين الجيوش التي أرادت احتلال بيروت وتلك التي دافعت عن كلّ شبر من أرض لبنان، نرى الشعب اللبناني يكتب بحبر الدم الطائفي، لتبقى الدولة غاية من أرادها وطناً من أجل الحياة، ومقاومة عابرة لكلّ المناطق والطوائف والمذاهب، تدافع عن الكرامة الإنسانية وحق كلّ مواطن بالانتماء والهوية والمشاركة الفاعلة في استعادة دور لبنان بين دول المشرق والعالم.
أما العلاقات الدولية فلا تبدأ ولا تمرّ إلا بالشام لتلامس حدود العالم، ولا مشكلة في الانفتاح على كلّ دول وشعوب العالم، في تبادل ثقافي حر وحقيقي، من الإقليم إلى دول الخليج وإيران وكلّ الدول باستثناء الغاصبة منها، ليبقى لبنان رسالة المشرق إلى العالم بأننا ننتمي إلى أقدم حضارات العالم، بالتالي لا تخيفنا الغرف السوداء ولا ألاعيب الاستخبارات ولا استراتيجيات السفارات ولا كلّ العلاقات والتبعيات التي تريد لبنان مجرد ساحة لتصفية الحسابات وتحقيق الإنجازات الوهمية، وسيبقى اللبناني الحر المثقف اللا طائفي يقاوم، ليبقى لبنان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ