“التيار” بين حدّي اعتذار الرئيس المكلّف والاستقالة النيابية
غادة حلاوي-نداء الوطن
خلال اجتماعه عبر تقنية “زووم” لم يمل أحد نواب “تكتل لبنان القوي” من استعراض مشاريع القوانين التي تقدم بها الى مجلس النواب. عددها بالعشرات او المئات، الامر سيان فالوقت لم يعد ملائماً لاستعراض انجازات نيابية بقيت اسيرة الادراج طالما ان المركب يغرق ولبنان القوي صار ضعيفاً فكيف لتكتله ان يبقى قوياً.
أكثر من اي وقت مضى أحرجت الازمة نواب “التيار الوطني الحر”، رسائل المعاناة والشكوى التي يتلقاها هؤلاء من المنتسبين اكثر من ان تحصى. دخل نوابه على خط تلقف وجع الناس بالمساعدة قدر الامكان لكن كرة الأزمة تكبر ولا حكومة تلوح في الأفق، والسؤال الجوهري هو ذاك الذي توجه به نائب من التكتل لرئيسه ” لن يعطوا العهد حكومة ويسلموا بحكمه فلمَ نستمر”؟
كغيره من الاحزاب والتيارات السياسية مُني “التيار الوطني الحر” بتراجع شعبيته. لم يعد حاضره كماضيه في الشارع المسيحي. فالازمة الراهنة احدثت ارتجاجاً في حضور التيارات والاحزاب السياسية من الجنوب الى الشمال والبقاع وبيروت وكسروان. لكن وضعية “التيار” ونكبته ليست في تراجع عدد مؤيديه وانما في وضعيته في الحياة السياسية ككل. “التيار” الذي ناضل من اجل الاصلاح والتغيير أخفق في خوض معركته لانه لم يجد شريكاً يناصره، والسلطة التي وصل اليها بشق النفس تحولت الى عبء عليه بدل ان تعزز حضوره بين جمهوره وفي الدولة، وتحالفاته أصابته في مقتل لعلاقاته الدولية والاقليمية.
باستثناء “حزب الله” لا حليف لـ”التيار الوطني الحر” ولا صديق له اليوم وعلاقاته مقطوعة مع الغرب وليست مع الشرق على خير ما يرام. خلال جلسة مصارحة سأل احد نواب التكتل رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل “علامَ تراهن؟ ومن معك فيما يتم تحميلك وحدك مسؤولية التعطيل؟”.
في “تكتل لبنان القوي” من يتحمس للاستقالة لان اعتذار الرئيس المكلف يعني مجدداً ترشيحات جديدة واستشارات نيابية ملزمة ليست ممكنة، لا يبدي هذا الفريق اقتناعاً بفكرة التعطيل نصرة لحقوق الطوائف بينما حقوق اللبنانيين من دون استثناء باتت مهدورة، بدليل ما جاء على ذكره مرات عدة النائب الياس بو صعب من استحالة الاستمرار في ظل الازمة الراهنة ولا بد من خطوة تمتص غضب الناس، معيداً طرح الاستقالة من مجلس النواب، ليجيبه باسيل مكرراً على سبيل المزاح ما قاله بري في مجلس النواب: “من يريد ليستقل وما حدا يهددنا”، ويوضح بعدها انه كان يمزح. وما بين المزح والجد تطرح الاستقالة للنقاش كـ”حل في مواجهة جبهة سياسية تكتلت في مواجهة “التيار” ورئيسه قوامها “حركة امل” و”المردة” و”القومي” (اسعد حردان) و”الاشتراكي” نسبياً و”تيار المستقبل”، لن تدعه يشكل حكومة بالذهنية التي يطمح لتحقيقها، ولا يريدون للعهد ان ينجح والافضل إعادة انتاج سلطة عن طريق الانتخاب، وهذا الفريق ومعه الرئيس المكلف يعرفون مشكلة الحكومة، وموقفهم موحد ويساندون بعضهم وأي طرف منهم لا يحصل على ما يريد يتعطل الجميع لاجله، فلمَ لا يتم قلب الطاولة في مواجهتهم”. لكن عدد المؤيدين للاستقالة يزيد على عدد الرافضين ممن يعتبرون أن اكمال ولايتهم النيابية حق مكتسب لا يجب التفريط به، ليتم طرح مجموعة اسئلة للنقاش حول الاستقالة من بينها من يضمن حصول انتخابات مبكرة، وماذا لو مدد مجلس النواب لنفسه او تمّ تعديل قانون الانتخابات، او حصل توافق بين بري وجعجع وتأمنت شرعية لحكومة قد تستمر الى ما بعد ولاية ميشال عون. مثل هذه الاسئلة دخلت في صلب نقاش “تكتل لبنان القوي” والهيئة السياسية لـ”التيار الوطني” ليتبين ان الاستقالة هنا دونها محاذير، قد تكون بمثابة هدية لخصوم باسيل بإخراجه من اللعبة البرلمانية حيث يصعب عليه التموضع في صفوف المعارضة، بينما يتم التعاطي معه على اساس انه تيار موجود في السلطة، في المقابل لا يبدو الاقتراح بتقصير ولاية مجلس النواب مفيداً مع ارجحية التصويت ضده في مجلس النواب.
وكما ان الاستقالة دونها عقبات فتشكيل الحكومة مستبعد ايضاً والمسؤولية يحمّلها الرئيس المكلف لباسيل الذي رفض عروضاً بالاجتماع الى ميقاتي، المصر على اشراكه في المفاوضات الحكومية ليفوت عليهم فرصة اظهاره على انه السبب في التعطيل.
الى اين يمكن لباسيل ان يكمل مشواره السياسي مطوقاً؟ وما الذي يصبو إليه؟ يقول مقربون ان رئيس “الوطني الحر” يستعد لانتخابات تجرى في موعدها ويخوضها على قاعدة خطابه السياسي، ومن يريد ان يكمل المسيرة معه فأهلاً وسهلاً “قد لا يكون مدعوماً لكنه ليس مطوقاً”، بدليل انه”خاض الانتخابات في الماضي من دون حلفاء وشكل كتلة من 30 نائباً، انسحب من انسحب منها لاحقاً لكنها استمرت كتلة وازنة. ومن قال ان خسارة عدد من النواب يؤثر على الحضور؟”. هي مواجهة شرسة مع “منظومة متحالفة بالعمق مع المجتمع المدني بدليل ان ثورة اندلعت اعتراضاً على رفع كلفة الواتساب وجهت ضد عون وباسيل، فيما لم تحرك ساكناً يوم سرق حاكم مصرف لبنان اموال الناس”، على حد قول المقربين.