تحقيقات - ملفات

الغياب الدولي والعربي يتفاقم لبنانياً… والمبادرة الفرنسية ترهّلت

فادي عيد- الديار

تغيب المبادرات الدولية عن لبنان غربياً وعربياً، في حين تفرملت المبادرة الفرنسية وباتت غير صالحة في الوقت الراهن، بعد المتغيّرات والتحوّلات على الصعيدين الداخلي والدولي، مما أفقدها زخمها، وإن كان الدور الفرنسي ما زال قائماً، إذ ثمة معلومات بأن الاتصالات التي يقوم بها مستشارو الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مستمرة مع بعض المرجعيات الرئاسية والسياسية لمتابعة ومواكبة الوضع في لبنان، في حين يؤكد سفير سابق في الولايات المتحدة الأميركية، أن الإدارة الأميركية حصرت تعاطيها مع لبنان في هذه المرحلة بدعم الجيش اللبناني، واستمرارها في مدّه بكل ما يحتاج اليه على المستوى اللوجستي، مراهنة على دوره وأدائه الضامن للسلم الأهلي، وبالتالي، مواصلة مساعداتها الإنسانية والاجتماعية عبر مؤسّسات أميركية وأممية، وعليه أضحى موقفها واضحاً اليوم، ولا يتخطى أو يتعدى هذه العناوين، وبالتالي، هناك تباين بينها وبين باريس حول بعض الملفات في لبنان، والمحصورة حكماً بدور بعض القوى السياسية والحزبية التي تقاطعها واشنطن، لا بل تفرض عليها عقوبات وتتماهي مع «إسرائيل» في هذه المسائل الى حدّ كبير.

وفي الإطار عينه، تشير المعلومات، إلى أنه لوحظ أن حركة الموفدين من أجل التسريع بتشكيل الحكومة ودعم لبنان، قد تلاشت بعد جملة تحوّلات وتطوّرات حصلت في الآونة الأخيرة، من إعادة تسخين الوضع في العراق وفي منطقة درعا في سوريا وشمالها، إضافة الى ما استجدّ في أفغانستان من دخول طالبان الى كابول وسيطرتها على كامل هذه الدولة الأفغانية، ومن الطبيعي أن لهذه الأحداث ارتدادات وانعكاسات على المسار الداخلي، إن على صعيد تأليف الحكومة، أو استمرار الانحدار الاقتصادي، مما بات يشكّل مخاوف من أن يؤدي ذلك الى اضطرابات ونزاعات.

وثمة معلومات بدأت تتفاعل بناء على تقاطع أحداث بين أجهزة أمنية داخلية وخارجية تصبّ في هذا المنحى، باعتبار أن ما يجري في الشارع، قد يخرج عن السيطرة بعد عملية رفع الدعم الجزئي والوصول الى رفع دعم شامل عن المحروقات والدواء، مما سيؤدي، وفق قراءة لسياسيين وأمنيين، الى اشتداد الحملات على السلطة السياسية، وربما تخرج الأمور على مسارها نظراً للحالة المأسوية التي وصلت إليها الشريحة الكبرى من اللبنانيين الذين باتوا يرزحون تحت خط الفقر، مما يؤزّم الأوضاع، بحسب أكثر من مسؤول سياسي وحزبي، عدم وصول المساعدات المطلوبة ربطاً بحجم إفلاس البلد، وإصابة قطاعات أساسية بضربات موجعة، وتحديداً القطاع الصحي وكل ما يتّصل بالشأن الحياتي بصلة، ولذلك خلفيات سياسية داخلية وإقليمية، وعدم تشكيل حكومة كما طالب بها المجتمع الدولي.

لذا، وأمام هذه الوقائع، بات أكثر من مطّلع على مجريات الأوضاع الراهنة، يشير الى أن البلد، والمكشوف سياسياً وأمنياً ومنهار اقتصادياً، يحتاج الى تسوية دولية توافقية على غرار ما حصل في محطات سابقة، ولكن ما يزيد الأمور تعقيداً وقلقاً أن ظروفها غير مؤاتية في الوقت الحالي لأولويات أخرى تتمثل بالحروب الجارية في المنطقة، وكذلك أن حدّة الانقسام السياسي بين المكوّنات اللبنانية، وعودة الأوضاع الى ما يشبه حقبة العام 2005، فهذا المعطى بدوره يؤدي الى التأزّم أكثر فأكثر على مختلف الأصعدة، في حين أن السؤال الآخر ينصبّ حول الاستحقاقات الدستورية المقبلة وكيفية إمرارها، في ظل الظروف الإستثنائية التي يجتازها البلد، والتي هي في المحصذلة من شروط المجتمع الدولي لحصولها، في حين ثمة غياب للحماس من قبل أكثر من طرف سياسي وحزبي لإجراء هذه الاستحقاقات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى